كشف وليد جلاد، النائب المستقيل من كتلة «الحرة» البرلمانية الممثلة لـ«حركة مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق، أن «كتلة برلمانية موحدة جديدة» تتشكل من نحو 40 نائباً في مجلس النواب بصدد التشكل وستكون مع عودة نشاط البرلمان القوة الثالثة فيه بعد حزبي «النداء» و«النهضة». وتروج معلومات عن أن الكتلة الجديدة ستدعم ترشح رئيس الحكومة يوسف الشاهد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية لسنة 2019.
وفي حال تشكلت هذه الكتلة البرلمانية الجديدة فعلاً، فإنها ستلتقي مع «النهضة» في دعمها للشاهد وحكومته. لكن الخلاف يمكن أن يقع بين الطرفين في شأن الدور المستقبلي لرئيس الحكومة، خصوصاً أن «النهضة» طلبت منه الالتزام بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة العام المقبل.
وأعلن نواب منضمون إلى الكتلة البرلمانية الجديدة التي ستتكون من نواب «الكتلة الوطنية» ومستقيلين من كتلة «الحرة» وعدد من نوّاب حزب «الاتحاد الوطني الحرّ» الذي أسسه رجل الأعمال التونسي سليم الرياحي، عن مساندتهم ليوسف الشاهد، وكان هؤلاء قد ساندوا ترشيح الأخير لهشام الفراتي وزيراً للداخلية وخرجوا في معظمهم عن المواقف الرسمية لأحزابهم وخالفوا إجماعها حول ضرورة عدم منح الثقة للوزير الجديد للضغط على الشاهد للتوجه إلى البرلمان لتجديد الثقة في حكومته.
وكان حزبا «النداء» و«حركة مشروع تونس» قد أعلنا قبل فترة وجيزة عن تشكيل تحالف برلماني يجعلهما في مقدمة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بـ69 مقعداً، متجاوزين بذلك حركة «النهضة» التي تبقى ممثلة بـ68 مقعداً. إلا أن هذا التحالف الانتخابي في حاجة إلى دعم كتل برلمانية أخرى للحصول على 109 أصوات تمثّل الأغلبية البرلمانية المطلقة في حال عرض مشاريع قوانين على البرلمان التونسي.
وتمسكت هذه الكتلة البرلمانية الجديدة بضرورة استكمال الهيئات الدستورية (المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات)، ومن المنتظر أن تعرض على البرلمان التونسي في دورته الأخيرة قبل تنظيم انتخابات 2019 مجموعة من النصوص الخلافية على غرار مشروع قانون المساواة في الإرث، ومشروع قانون هيئة مكافحة الفساد، وهو ما يجعل حسم عدد من الملفات الساخنة مرتبطاً بتوازن الكتل الممثلة للأحزاب السياسية داخل البرلمان.
وذكرت مصادر قريبة من «النداء»، المتزعم للمشهد السياسي التونسي، أن الكتلة البرلمانية الجديدة «قضمت» نواب عدد من الأحزاب الممثلة في البرلمان، بما في ذلك «النداء» نفسه، وأيضاً نواباً من أحزاب «حركة مشروع تونس» و«الاتحاد الوطني الحر» و«آفاق تونس». واعتبرت أن جمع نواب من أحزاب مختلفة يوحي بأن الكتلة البرلمانية الجديدة «بُنيت على مصالح ذاتية هدفها تكوين حزام حول شخص رئيس الحكومة والتمسك بكرسي الحكم رغم مناداة الكثير من الأطراف السياسية والاجتماعية بتغيير الحكومة، وهذا يعني أن التشكل المفترض للكتلة ظرفي وخاص ومبني على سلوك انتهازي»، بحسب وجهة نظرها.
ولفت أكثر من طرف سياسي تونسي في تحليله لأهداف تكوين هذه الجبهة البرلمانية الجديدة، إلى أن المنتمين إليها أكدوا في السابق دفاعهم عن الحكومة وتحديداً عن رئيسها يوسف الشاهد، كما أن معظمهم من المنتمين إلى «جبهة برلمانية وسطية تقدمية» تأسست السنة الماضية وكان من أهم أولوياتها الدفاع عن الشاهد. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الكثير من النواب المنضمين لهذه الجبهة البرلمانية عادوا أحزابهم التي أوصلتهم إلى البرلمان دفاعاً عن حكومة الشاهد، خصوصاً خلال عرض ميزانية السنة الماضية على التصويت، وما رافق ذلك من جدل حول الزيادات الكبيرة في الأسعار.
ويرى المحلل السياسي عادل العوني أن تشكل هذه القوة البرلمانية الجديدة قد يكون منعرجاً لـ«تتويج الشاهد زعيماً لها» ومقدمة لإعلانها دعم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة و«استغلال شعبيته» لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة. وستصطدم هذه الجبهة البرلمانية باشتراط «النهضة» عدم ترشح الشاهد في الانتخابات المقبلة لمواصلة دعمه على رأس الحكومة، وهي إشكالية تسعى هذه الجبهة إلى إيجاد حل مناسب لها.