بصراحة أجزم بالقول ان مشكلة اليمن هي نفس مشكلة العالم العربي وتتمثل في كارثية سيطرة أو استفراد اي تيار ديني او مذهبي على السلطة بأي طريقة واستخدامه الدين كغطاء للوصول للحكم ومن ثم يقوم بممارسة الاستبداد المطلق والحكم بالكهنوت الديني وإلغاء الديمقراطية بفتوى دينية على هواه .
فأي سياسي في العالم العربي يأتي للحكم من خلفية مذهبية او دينية فقط سواء حوثي او اخونجي او سلفي ،،هؤلاء جميعا هم مجرد ادوات يحركهم المرشد الديني الاعلى للجماعة الشيعية او السنية ،وبالتالي فليسوا صالحين للحكم لانهم مسيرين اصلا وليسوا احرارا ،بل ولانهم يرون ان من يختلف معه سياسيا فقط يعتبر من وجهة نظر المرشد الروحي للجماعة هذه اوتلك خارج عن دين الاسلام ويراه كافر كفر صريح ،وبالتالي يتوجب تصفيته بمجرد فتوى من رجل يتمظهر بالدين او المذهبية على قارعة الطريق ،وهكذا يتم التوظيف الخاطىء للاسلام في اي صراع سياسي بسبب قوة تأثير الدين في حياة المسلمين .
لذالك اذا اردنا حلا حقيقيا (كعرب ومسلمين ) للخروج من مربع تهم الارهاب ومغادرة هذا المستنقع الذي ادخلتنا فيه جماعات وقوى الاسلام السياسي ، علينا ان نتجه جميعا الى بناء الدولة المدنية التي تقوم على القانون و التي تجرم وتحظر اي نشاط سياسي يتم تحت اي مسمى ديني او مذهبي ،وذالك لكي تتعافا اليمن والعالم من الارهاب والتطرف والعنف …..وليعود دور المساجد للمساهمة في الوعظ والارشاد بالحكمة في اطار العمل الاجتماعي فقط وعدم ممارسة رجال الدين اي نشاط سياسي وتحت اي اطار مذهبي او ديني ، فلا ينبغي لرجال الدين التدخل في النشاط السياسي وادارة الدولة وعلاقاتها .
لقد صار المواطن اليمني والعربي اليوم اكثر ادراكا وفهمآ لاي جماعة ترفع المذهبية او الطائفية او المناطقية شعار سياسيا لها في الظاهر ،بينما هدفها الحقيقي هو الوصول للسلطة وفرض رؤيتها على البقية بقوة السلاح والارهاب والتطرف، كما يقوم به تنظيم الاخوان المسلمين وجماعة الخمينيين الحوثيين على سبيل الحصر في الازمة اليمنية الراهنة ، حيث ان هاتين الجماعتين الاسلامويتين (وهما شركاء ثورة الربيع العبري ) كل واحده منهما تعرف وتدرك يقينا انها ستسقط شعبيا لا محالة لو تم استعادة الدولة المدنية لليمن ،وهي الدولة التي اسقطتها الجماعتين في ثورتهما المشتركة في نكبة الربيع العربي ٢٠١١م ،مثلما حصل في بلدان اخرى مشابهة، ولذلك نرى كيف ان الجماعتين هما من يقودان ميليشيات الاقتتال الأهلي في اليمن ويسعى كوادرهما الى تخريب اي عملية سلام قادمة ،لأن هاتين الجماعتين اللتان تمثلا الاسلام السياسي بشقيه مجرد ادوات بيد مرشديهما الذي يقبع في ايران او تركيا ويديرون بهما صراعات اقليمية ودولية يكون العرب فيه مجرد حطب او سلم صعود ، بينما هم يعرفون ان حجمهما في ظل وجود دولة مدنية باليمن لا يقارن بحجم اي حزب سياسي عادي ، بل وستطردا شعبيا في اول انتخابات ديمقراطية تجري في اليمن لو استقرت الاوضاع وحل السلام بأي تسوية سياسية مرتقبة ،ولسوف يعاقبهما الشعب اليمني الذي خسر كل شيء في بنيته وواقعه ومستقبله بسبب الصراع الدموي الاهلي الذي جلبتاه وتسببتا به هاتين الجماعتين المتقاتلتين على السلطة باسم الاسلام بينما الاسلام منهما بريء …
ولذلك تكاد تكون مصلحتهما المشتركة اليوم هي الاتفاق على استمرار الحرب ورفض اي حلول او مبادرات للسلام في اليمن ،وضمان عدم وصول الشعب اليمني الى مرحلة صناديق انتخابات بأي ثمن خوفا من نهاية وجودهما الشعبي في اي انتخابات قادمة و بشكل نهائي ، .