*مقدمة*
علم الإقناع.. وفن الأمتاع
يقال بأن الدبلوماسي الناجح هو الذي يستطيع أن يقنعك بوجهة نظرة ليس هذا فقط .. بل أيضا مستمتعا .. بالإستماع إلى وجهة نظر قد تكون مخالفة.. فالدبلوماسية علم وفن .. يدرس في الجامعات والأكاديميات لتتيح الفرصه لإناس تميزوا وحملوا رسالات شعوبهم إلى كل أنحاء الدنيا وبكل لغات العالم يتحدثون .. والكل يعمل تحت مظلة الإقناع، فمبنى الأمم المتحدة يتواجد فيه دبلوماسيون يمثلون كل العالم وسفارات وقنصليات دول تغطي أنحاء الكرة الأرضية تحمل هموم وإهتمامات شعوبها والعالم أجمع فالكل يعمل على إقناع الآخر ويتفاوت مستوى النجاح هنا ولكن يظل الإمتاع هو الشئ الوحيد الذي يمثل الدبلوماسية المصرية.
وفي حديثنا مع سعادة السفير/ يوسف زادة أدركنا هذا المفهوم فإجاباته على أسئلتنا جعلتنا في لسنا في حالة إقتناع فقط … بل أيضا في حالة إمتاع وأعتقد أن القارئ العزيز سوف يشاركنا هذا الشعور، فمن السهل أن تقنعني… لكنه جهدا آخر أن تمتعني بالحديث معك .
ولقد أجريت جريدة ربيع العرب هذا الحديث الصريح مع السفير/ يوسف زادة، وهذا نص الحوار :
سعادة السفير / يوسف زاده – قنصل عام مصر في نيويورك ونيوجرسي يسعد جريدة ربيع العرب أن تجري معكم هذا الحديث الصحفي في مقر قنصلية مصر في نيويورك والتي نعتبرها جميعا بيت المصريين .. وبيت المصريين له هموم وإهتمامات. فالشأن العام المصري في بلدنا وخارجها حيث تتواجد جاليتنا هو جزء كبير من إهتمامات ومهام القنصلية ومن هذا المفهوم نود أن ننطلق معكم في محاولة للتعرف على شخصكم الكريم ورحلتكم في مجال العمل الدبلوماسي وكيف نستطيع معا أن نستفيد من تراكم خبرات سيادتكم في الأماكن التي خدمتم لها باسم مصر.
السؤال الأول:
نود أن نقدم السفير/ يوسف زادة لأبناء الجالية في نيويورك. فهل تتكرم أن تحدثنا عن شخصك الكريم وعن سفرياتك والأماكن التي خدمتم بها؟
*** أنا إسمي يوسف مصطفى زادة .. من مواليد ١٩٥٨ ، وقد التحقت بالعمل بوزارة الخارجية وكنت الأول على دفعتي عام ١٩٨١ وكان وقتها الرئيس محمد أنور السادات مازال في الحكم، وأنا خريج إقتصاد وعلوم سياسية عام ١٩٨٠، وأنضممت للخارجية ثم إلتحقت بمكتب الدكتور/ بطرس غالي (أطال الله عمره) والذي أعتبرة من رموز مصر .. ثم بعد ذلك إلتحقت بسفارة مصر في لندن ثم خدمت في ثلاث دول عربية هي “الكويت ثم سوريا وأيضا دولة الجزائر” وأنا اعتبر أن الدبلوماسي المصري الذي لم يعمل في دولة عربية (ناقصه حاجه) والدبلوماسي المصري من أصغر موظف إلى أكبر موظف يتمتع بعدة مميزات أهمها إحترام الآخرين له .. والعلاقات المتميزة التي يكونها .. والذكاء الشديد الذي يتمتع به.
وأثناء فترة خدمتي في دولة الجزائر والتي اعتبرها من أهم محطات حياتي في الخارجية المصرية، فقد خدمت في فترة الحرب الأهلية بالجزائر في ذلك الوقت .. ثم عملت في سوريا وكانت أيضا محطة هامة في حياتي .. فالشعب السوري البطل الآن يكافح لحريته.
ثم خدمت في جواتيمالا وسنغافورة، وهذة الفترة التي خدمت فيها في سنغافورة أعطتني فرصة في أن اشاهد الشرق الأقصى والتجربة الأقتصادية العظيمة، وزرت أيضا هونج كونج وحضرت تسليم هونج كونج من السلطة الأنجليزية التي كانت تتحكم في هونج كونج في ذلك الوقت إلى دولة الصين، ثم عملت سفيرا لأوكرانيا .. وهذة كانت تجربة هامه جدا في حياتي الدبلوماسية، فأوكرانيا كانت جزء من الأتحاد السوفيتي ومعروف الإتحاد السوفيتي كقوة سياسية وعسكرية ونووية في ذلك الوقت.
ووصلت إلى نيويورك في سبتمبر ٢٠١٠ وكنت أدرك تماما أنني توليت مسئولية كبيرة فأنا لست قنصل عام في نيويورك فقط بل قنصل عام على أحدى عشر ولاية أخرى أبرزهم نيويورك ونيوجيرسي، ونحن كقنصلية عامة في نيويورك على أتصال دائم بجاليتنا في الأحدى عشر ولاية، والمصريون في الولايات المتحدة الأمريكية جالية عظيمة جدا .. لأنهم في جميع التخصصات من أول سائق التاكسي وبائع الهوت دوج إلى المحامي والدكتور ورجل الأعمال .. كلهم يعملون بجد وكلهم اندمجوا في المجتمع الأمريكي وكل واحد فيهم له دور في بناء هذا البلد العظيم.
السؤال الثاني:
ندرك جميعا أن التوقيت الذي تسلمتم فيه مهام عملكم في مدينة نيويورك قد تزامن مع أحداث جسام في المجتمع المصري وهي ثورة 25 يناير وما تبعها من تباين في الآراء والمفاهيم، لأن الذي حدث كان بمثابة الزلزال وبالتالي كانت له توابع: عذرا .. لو استعرنا ما يشير إلى وجود حساسية لدى المصريين كجالية في التعامل مع جهات سيادية عديدة تمثل نظام الحكم .. والدبلوماسية المصرية ووزارة الخارجية هي جزء هام منها .. ومن ثم فلقد تعرضتم احيانا لحملات إنتقاد من بعض أبناء الجالية المصرية.. كيف كان تعاملكم مع هذا الوضع؟
*** في الحقيقة أول ما توليت المسئولية في الولايات المتحدة وبعدها بفترة قصيرة فوجئت بمجزرة نجع حمادي .. وهذا شئ يخص الشعب القبطي المصري العظيم في الولايات المتحدة وأخذت هذه القضية وقتا طويلا في المحكمة المختصة لكي تصدر حكم فيها !، ثم بعد ذلك جاءت أحداث كنيسة القديسين، ثم أحداث ثورة 25 يناير .. وهي حق لجميع المصريين علي إختلاف توجهاتهم فهي ثورة ليست حكرا علي مجموعة معينة .. فهي ثورة كل المصريين .
أما بخصوص الإنتقادات التي واجهناها من بعض الأشخاص من جاليتنا المصرية في أمريكا فهذه الإنتقادت حدثت لوجودي في منصبي فقط.. وأنا أرحب بكل نقد لأن هذة وجهات نظر وهذة هي الديمقراطية التي ننشدها جميعا.
وأنا اتذكر انني التقيت بالجالية المصرية يوم 16 فبراير وتحدثت لهم وقلت لهم أنني لا أمثل أحد .. ولكنني أمثل الشعب المصري .. فالقنصل العام يختلف عن المناصب الأخرى فهو يمثل الدولة بجميع أجهزتها، والنقد وكذلك بعض التظاهرات التي تقام أمام القنصلية .. ويندد المتظاهرين فيها مثلا بالمجلس العسكري .. هي حرية تعبير مكفولة للمتظاهريين .. فمما لاشك فيهو أن هناك تجاوزات حدثت من بعض أفراد الأمن ضد المواطنين وكذلك حدثت أيضا تجاوزات من المواطنين ضد أفراد الأمن.
وعموما اني ارحب بكل نقد وحق التظاهر وحرية التعبير مكفولة للجميع وأنا متواجد هنا في خدمة الجالية المصرية ومتقبل جميع الإختلافات في وجهات النظر.
السؤال الثالث:
بالتأكيد الدبلوماسي ينتقل من مكان لآخر حاملا رسالة بلده ومشاركا أبناء الجالية في المهجر أينما تواجدوا، يشاركهم ويتفاعل معهم وخبرة .. سيادتكم في البلدان المختلفة التي خدمتم بها يجعلنا نسأل ما الذي أعجبكم أو شد انتباهكم لإنجازات وبصمات أبناء الجالية المصرية في مكان ما، وحتى نكون صرحاء وواقعيين فقد لمستم أشياء تتمنون أن تروها في جاليتنا المصرية في الولايات المتحدة. فما هي؟
***أعجبتني الجاليات المصرية في دول الخليج، في الحقيقة أنا انبهرت بها .. وليس معنى هذا أنها أحسن حالا وتماسكا من الجالية المصرية في أمريكا .. بل بالعكس فالجالية المصرية في أمريكا Hard Work فالمصري الذي يعمل في الهوت دوج فهو عمل شاق جدا في هذا البرد القارس .. وسائق التاكسي .. والدكتور .. والمحامي ورجل الأعمال ..، ولكن الذي أقصده في دول الخليج كجالية فهم نجحوا أن ينظموا أنفسهم أسرع من هنا، ومشكلة الجالية المصرية هنا أن الولايات المتحدة دولة مترامية الأطراف وبالتالي يصعب تجمع الجالية المصرية فيها. فهو ممكن ولكن ليس بسهولة الجالية المصرية في دول الخليج.
ودول الخليج أيضا فيها نظم ملكية سواء كان ملك أو أمير للبلاد ..فمثلا نظام الكفيل نظام ظالم في الخليج .. إلا أن هذا النظام ساهم في معرفة عدد المصريين في الخليج فمن الممكن أن تسأل الحكومة السعودية عن عدد المصريين العاملين بها ويقومون بالإجابة بكل دقة. أما في أمريكا فلقد أرسلنا إلى الحكومة الفيدرالية الأمريكية نستفسر فيها عن عدد المصريين الموجودين بها فكانت الإجابة بسؤال عما إذا كنا نقصد المصري الحامل لجواز سفر أمريكي أم الحامل لجواز السفر الأمريكي والمصري.. أم المصري الذي معه إقامة فقط ..أم المصري المتواجد بدون إقامة !!
فالمصريون في دول الخليج نجحوا في أن يجمعوا بعضهم البعض وأن تكون لهم قيادة وتمثيل في شخص واحد .. أي شخصية اعتبارية واحدة.
أما في أمريكا فلم نستطع أن نفعل ذلك والحقيقة لقد مرينا بمحاولات أنا والقناصل السابقين وحاولنا جميعا أن يكون هناك مجلس إدارة للجالية المصرية في نيويورك ونيوجرسي ولم ننجح للأسف لإعتبارات كثيرة ولإختلافات في وجهات النظر .. والبعض اتهمني مؤخرا بأنني أريد أن أكون مجلس إدارة للجالية المصرية وأن اسيطر عليه وعلي الجالية !!”والسؤال الآن ما هي مصلحة القنصل العام في ذلك؟؟” فالهدف الذي كنت أبغاه من تكوين مجلس إدارة هو عمل حكومة إنقاذ مؤقتة كالموجودة في مصر الآن .. ثم يتم عمل إنتخابات بعد ذلك وعمل مجلس إدارة منتخب من الجالية المصرية وللأسف لم تنجح هذة الفكرة لإختلاف وجهات النظر بين الناس.
والذي أريد أن اقوله يا ريت نترك الخلاف جانبا وننظر إلى الأمام – فوحدة الصف مهمة جدا – فمسألة تجميع الجالية في المهجر ليست فيها أي مصلحة خاصة وأي غرض آخر فبكل تأكيد نريد المصلحة العامة وأن تكون لدينا كجالية مصرية صوت قوي في المجتمع الأمريكي الذي نعيش فيه كأي جالية أخرى موجودة ومتحدة فيما بينها، وأنا اتمنى أن نصل لهذة المرحلة، وفي النهاية أنا هنا قنصل عام في فترة زمنة (مؤقتة) .. وسأعود بعد إنتهاء خدمتي إلى بلدي مرة أخرى وبالتالي ليست لي أي أغراض أخرى سوى خدمة جاليتنا المصرية وتوحيدها.
السؤال الرابع:
مشاركة المصريين المقيمين بالخارج في الإنتخابات مؤشر جيد لإهتمام المجتمع والإدارة المصرية بأبناء مصر في الخارج ومن ثم ومن خلال موقعك وخبرتك ماذا تطلب أو تتوقع منا نحن المصريون في نيويوك أن نفعله لمصر حتى نكون إيجابيين حقا؟
*** حق الأنتخاب حق مكفول للجميع .. والإنتخابات التي حدثت كمجلس الشعب حتى الآن هي تجربة رائعة فهي أنجح إنتخابات ديمقراطيه نشاهدها في تاريخ مصر المعاصر .. ومراحل الإنتخابات التشريعيه التي حدثت في مصر مرت على المصريين المقيمين في أمريكا وحدثت بها عدة عوائق
أولا: كثيرا من المصريين لا يعرفوا من هم المرشحين لمجلس الشعب في هذة الإنتخابات وطبعا فهم معذورون في هذا فالمرشحين بالألافات .. ونظام الإنتخابات المصري نظام إلى حد ما معقد مثل نظام قائمة .. ونظام فردي .. إلى آخره.
ثانيا: مشكلة (الرقم القومي) الحقيقية والذي أعاقت الكثير من المصريين الذين ليس لديهم رقم قومي وبالتالي لم يستطيعوا المشاركة بالتصويت في انتخابات مجلس الشعب، والمصريون هنا معذورون لأن الرقم القومي يصدر من مصلحة الأحوال المدنية في مصر، أو من لجنة تزور الولايات المتحدة كل سنة، ونحن كقنصلية مصرية حاولنا أكثر من مرة استقدام اللجنة إلى الولايات المتحدة لكننا لم نستطيع لأننا للأسف لسنا المتحكمين فيها فوزارة الداخلية هى المتحكمة فيها.
و السبب الثالث هو المكان – فالمرحلة الأولى فى الأنتخابات بدأت فى السفارات و أنا وقتها كنت متواجد فى مصر لظروف شخصية .. و قابلت وزير الخارجية السيد/ محمد كامل عمرو وقلت لمعالى الوزير .. أننى مش فاهم لماذا هناك قنصليات مصرية مفتوحة فى الخارج طالما أنها لا تقدم خدمة الإنتخابات للمواطنين فى الخارج ؟ و قالى لى وزير الخارجية أننى على حق فى ذلك .. و تمكنا فى نفس اليوم بفضل إتصالات سيادته .. أن نقنع اللجنة العليا للأنتخابات .. بأن تفتح القنصلية خارج مصر للمصريين و أن تتيح لهم حق التصويت فى هذه القنصليات.
كل هذه أسباب عديدة ساهمت فى إعاقة تصويت المصريين فى الخارج و لكن دعنا ننظر للأيام فى الأنتخابات الرئاسية فأعتقد أن عدد المرشحين لأنتخابات رئيس الجمهورية لا يزيد عن 10 أو 15 مرشح فسهل التعرف عليهم من أبناء المصريين بالخارج و اتمنى أن لا تكون إنتخابات الرئاسة مع التصويت بالرقم القومى .. و أن يعاد النظر فى ذلك من اللجنة العليا للأنتخابات فى مصر.
لى كلمة أحب أن أقولها عن تخوف بعض الناس من وصول التيار الدينى لمجلس الشعب فى مصر كإخوان أو سلفيين .. فمن الممكن أن تكون التغيرات و وجود هذه التيارات شئ إيجابى .. و ليس سلبى .. ولا ننسى أن هذا التجمع الإخواني موجود منذ العشرينات أيام المرحوم/ حسن البنا وليس معنى وجودهم هو هضم حق الأخوة الأقباط فى مصر .. فأعتقد أنى متفائل .. و أقول أنهم سيعملوا لمصلحة البلد .. وهم سيكونوا أكثر حرصا على مصلحة إخواتهم الأقباط فى مصر.
السؤال الخامس :
الأعلام المحلى فى نيويورك و نيوجيرسى من صحف و مجلات و تلفزة .. يعمل به عدد لا بأس من أبناء مصر ..و فى هذا التوقيت الدقيق لمستقبل بلادنا ما هى الرسالة التى تود أن توجهها سيادتكم للعاملين فى الأعلام المحلى فى الولايات المتحدة؟
*** أنا أقول لهم أرجو مراعاة الدقة فى نشر الأخبار بالذات فى هذا الوقت العصيب و هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر .. وأنا لا أوجه كلامى للإعلام المحلى فى نيويورك فقط .. و لكن أيضا الإعلام فى مصر ونتمنى أن نبتعد عن إثارة و تضخيم الأحداث والإشاعات فى نقل الأخبار، و أتمنى أيضا من الصحافة المحلية فى نيويورك ونيوجيرسى أن تبتعد عن كل ما يثير أعضاء الجالية ضد بعضهم البعض، وياليتنا كجالية مصرية أن نجتمع على مشروع واحد ..مثال على ذلك المشروع الموجود الآن وهو (مشروع ال 1000 دولار ) فتح حساب ب1000 دولار فى مصر لإنعاش الأقتصاد المصرى فى هذه المرحلة الحرجة .. وكذلك المساهمة في حل مشكلة العشوائيات .. وللحقيقة فإن هناك العديد من رموز الجالية من أطباء و محامين و رجال أعمال .. و منظمات المجتمع المدنى المصرى فى أمريكا قاموا بالعديد من المساعدات العينية و المادية لخدمة الإقتصاد المصرى .. وإرسال مساعدات مادية وعينية لضحايا الكثير من الأحداث التي مرت بها مصر مؤخرا .
فإذا كان هناك الكثير من الإيجابيات التى قام بها أبناء مصر فى المهجر وتحديدا في الولايات المتحدة ..لخدمة مصر إقتصاديا فهى كلها أعمال إيجابية و أنا أقول للإعلام المحلى نتمنى أيضا أن نشير لهذه الإيجابيات .. كما نشير للسلبيات.
السؤال السادس :
يقال أن ثورة 25 يناير أظهرت أجمل مافى الشعب المصرى .. وهناك رأى قال أنها أظهرت أقبح ما فى الشعب المصرى .. وهناك راى ثالث يقول أن الثورات دائما كأمواج البحر لكى تستقر لابد أن تسبقها عواصف .. فإذا كانت لدينا عيوب مستقرة فليس من العيب أن تكشفها الثورة و تعمل على حلها؟
*** الشعب المصرى من أقدم شعوب العالم فالحضارة البشرية ولدت على أرض مصر .. وأنا لست مع المقولة التى تدعى أن الثورة أظهرت أقبح مافى الشعب المصرى ولكن الذى أقوله أن الذى حدث من بعض أبناء الشعب المصرى هى عملية (تنفيس) للكبت الموجود على مدار سنوات طويلة و أخذ هذا التنفيس صور عديدة منها بعض الصور العنيفة .
و الغضب الموجود فى الشارع المصرى له أسباب فكلنا نعلم المحاكمات التى لم يصدر فيها أحكام ترضى نفوس أهالى شهداء الثورة .. و أيضا المسئولين الكبار الموجودين فى السجون الآن فاللأسف والذي لايعرفه الكثيرين أن القانون المصرى ليست به مواد لمحاكمة المسئولين عن الإفساد السياسى.
وكذلك حدث أمام ماسبيرو و مجلس الوزراء و محمد محمود .. كلها أحداث من مجموعات من الشعب المصرى كانت غاضبة .. و كان يجب على السلطة فى مصر أن تتعامل (بكياسة) أكثر مع هذه الأحداث .
احداث ماسبيرو حدثت فيها بعض التجاوزات من أفراد الأمن و لكن فى النهاية فالمجلس العسكرى و الجيش المصرى هى مؤسسة عظيمة ليس المطلوب منها ادارة شؤون البلاد فهى كلفت بهذه المهمة على مضض .. وهى تريد العودة لثكناتها وقد قالوا ذلك أكثر من مرة، وبعض الناس مازالت تقول (يسقط حكم العسكر) .. وأنا شايف أن هذا تجاوز فى حق المؤسسة العسكرية و جيش مصر العظيم .. حتى ولو حدثت بعض التجاوزات من هذه المؤسسة أو من أفراد الأمن فى التعامل مع المتظاهرين لا يجب أن نهاجم آخر حائط سد .. موجود فى مصر وهي القوات المسلحة المصرية .. والتي وقفت مع الشعب المصري بكل تأكيد فى ثورة 25 يناير .
ونتمنى من الشعب المصرى العظيم أن يهتم بكيفية دفع عجلة الإقتصاد للأمام و النهوض ببلدهم مصر و ترك مسألة المحاكمات لرموز الدولة السابقون للمحكمة .. فهناك عدالة فى مصر ومحاكمات ستأخذ مجراها و علينا أن نركز على عودة الوضع الإقتصادي و عودة حركة السياحة مرة آخرى و التى تأثرت كثيرا من هذه الأحداث .
وقد كان هذا نص الحوار الصريح مع سعادة السفير / يوسف زاده – قنصل مصر العام في نيويورك ونيوجرسي .
وإذا نحن المصريون من اكثر شعوب الأرض حبا لبلدنا ..ونقدا لاأوضاعها والمبالغة في تصوير الواقع الذي نعيشه علي أنه (أمر من الحنظل) وجلدا للذات !! ،فنحن لانرضي عن أشياء كثيرة .. ونتمني أن نغيرها .. لكننا نظل جالسين في إنتظار أن يأتي لنا بالحل !! وإذا جاء الحل .. أشبعناه نقدا أيضا !! ودائما نغضب عندما ينتقدنا الآخريين …ولذلك فنحن حالة خاصة جدا من حب الذات ..
وفي لقاءنا مع سعادة السفير / يوسف زاده ..رأيناه وبحق نموذجا محترما .. فهو لم يغضب من الذين إنتقدوه .. لأنه مثلي ومثلك مصري .. حتي النخاع ..وليس(ذنبا) أن يكون الإنسان (دبلوماسي) !! يمثل بلده في توقيت عصيب .. إنهارت فيه الأسطورة.. وسقطت الأقنعة ..وأتيحت لملايين من البشر الحديث بلاخوف ..
والسفير يمثل بلدنا .. وأيضا فهو أولا وأخيرا واحد منا .. يحمل نفس الهموم والإهتمامات ..
ولذلك فإننا سعدنا بهذا اللقاء .. والذي إتسم بالشفافية والواقعية .. ونتمني أن يكون هذا هو حالنا جميعا .. نحن أبناء المحروسة .. وعاشت مصر ..