أصبحت جملة تغيير النظام جملةً قبيحة خلال السنوات القليلة الماضية في الولايات المتحدة، خاصة بعد أن ثبت أن التدخل في شؤون العراق وليبيا وسوريا كان خطأً.
والآن يواجه المسؤولون الأميركيون نفس الموقف ولكن مع وجود فرق: فالرجل الواقع محلَّ انتقاداتهم هو حليفٌ رئيسي للولايات المتحدة، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
محمد بن سلمان منقذ الولايات المتحدة
قبل ثلاث سنوات، بدا ولي عهد المملكة السعودية محمد بن سلمان منقذاً للولايات المتحدة وبريطانيا من مأزقٍ رهيب. وعلى مدار عقود من الزمن، جعلت كلتا الدولتين التحالف مع السعودية أساسياً لاستراتيجيتهما الخارجية والأمنية بسبب النفط، وكذلك بسبب إيران، ولأن المملكة تُعَد إلى حدٍّ ما جزيرة الاستقرار الموالية للغرب في بحرٍ من الاضطرابات الإقليمية.
ربما كان هذا التحالف هو الجانب الأكثر بُغضاً في سياسات كلتا الدولتين بالنسبة للساسة الذين لا تشارك أحزابهم في الحكومتين، وبالنسبة للجمهور العام كذلك.
تقول الصحيفة الأميركية: «لم يكن أحدٌ يحب (أصدقاءنا) الذين يعاملون المرأة على أنها مواطن من الدرجة الثانية، ويحظرون بناء الكنائس، ويقيدون حرية الفكر، ويمنعون الترفيه، ويتمسكون بشدة بالمَلَكية المطلقة».
بدا ولي العهد محمد بن سلمان عازماً على تغيير بعضٍ من ذلك على الأقل، وحظيت «أجندته الإصلاحية» بتأييد مُتحمِّس.
أما الآن فترى الصحيفة أن الغضب يسود بسبب أن التقدم في جبهة واحدة نتج عنه تأخر في جبهة أخرى. فقد صار أكثر سطوة وأكثر عزماً من أسلافه على سحق من يعارضونه.
إلا أن قتل جمال خاشقجي، الذي يسود اعتقاد في واشنطن أنه أُمِرَ بقتله، ربما يكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
«إن استبدال محمد بن سلمان سهلٌ قولاً لا فعلاً. فلا يريد أحدٌ فقدان المكاسب التي تم تحقيقها. والأهم من ذلك أنه لا أحد، أو على الأقل بالنسبة للجانبين البريطاني والأميركي، يريد أن يرى السعودية مضطربة»، بحسب الصحيفة الأميركية.
أدى ما حدث في إسطنبول إلى نشوب أزمة مَلَكية، إذ استدعت واشنطن شقيق ولي العهد، الأمير خالد، الذي يشغل منصب سفير السعودية لدى الولايات المتحدة.
يعتقد الكثيرون أن أغنى دولة في الشرق الأوسط ربما تنزلق في مستنقع الفوضى كأسوأ عاقبة محتملة.
الخليفة المحتمل لمحمد بن سلمان
نقلت الصحيفة عن مسؤول إقليمي صرح العام الماضي بأنه ينبغي مساندة محمد بن سلمان؛ لأن استقرار السعودية يعد أول اهتماماته الأمنية متجاوزاً الاهتمام بإيران واليمن وسوريا أو عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية.
وفي حال قرر الملك سلمان التضحية بابنه محمد، فإن الأفضلية ستكون لإبقاء الخلافة في نسله من العائلة.
تقول الصحيفة: «ربما يكون الأمير خالد، وهو أصغر سناً من شقيقه بـ3 سنوات، بديلاً محتملاً. وهناك أيضاً أبناءٌ آخرون للملك أكبر سناً، لدى بعضهم خبرة سياسية، إلا أنه لم يُذكَر اسم أي منهم في سياق المناصب العليا قبل ذلك».
ربما يطمئن حلفاء السعودية الغربيون بالعودة إلى ذوي الخبرة. وهذا لا يعني استمرار حكم الشيوخ، إذ إن أشقاء الملك سلمان (82 عاماً) الذين توقعوا أن يخلفوه قبل بزوغ نجم محمد بن سلمان هم: الأمير أحمد (76 عاماً)، والأمير مقرن (73 عاماً).
قد يستلزم الأمر العودة إلى جيل يمثله الرجل الذي حل محله ولي العهد كوريث للعرش، وهو الأمير محمد بن نايف (59 عاماً). عندما أُطيح به العام الماضي، قال المساعدون الملكيون إنه معتل.
تختم الصحيفة الأميركية بالقول: «لكن ربما يكون الوقت قد حان لعودته».