نقلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، عن مصدر دبلوماسي وصفته بالرفيع، أن هيئة البيعة في السعودية تنظر في تعيين ولي لولي العهد، الذي يرجح أن يكون خالد بن سلمان، وذلك تمهيداً لعزل شقيقه الأكبر محمد بن سلمان، لمواجهة الضغوط الموجهة للمملكة العربية السعودية عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وأضافت الصحيفة، عن المصدر، أن تعيين الأمير خالد بن سلمان كوليّ لولي العهد، يعني أن شقيقه محمد بن سلمان سيغادر منصبه في المدى المتوسط، ما يعني أن فرع عائلة سلمان سيحتفظ بالسلطة، وتلك هي أولوية الملك.
أما إذا قامت هيئة البيعة بتعيين ولي لولي العهد من فرع آخر غير فرع الملك سلمان، فإن ذلك يعني أن محمد بن سلمان سيحتفظ بالسلطة في نهاية قضية جمال خاشقجي المظلمة.
وقالت الصحيفة إن هيئة البيعة اجتمعت لإعادة النظر في وضع ولي العهد محمد بن سلمان. وأكد مصدر دبلوماسي في باريس لصحيفة «لوفيغارو» أن هيئة البيعة السعودية تعقد اجتماعات منذ عدة أيام لهذا الغرض. وتتكون هذه اللجنة من 7 أعضاء وهم من الأمراء الكبار في الأسرة الحاكمة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من العائلة الحاكمة بأن مستقبل ولي العهد أضحى بين أيدي أعضاء الهيئة. وفي هذه الحالة، ما هي القرارات التي ستتخذها الهيئة التي عادة ما تسعى إلى التوصل إلى توافق في الآراء فيما يخص قضية ولاية العهد وفقاً للعديد من الخبراء، ستقترح هذه الهيئة تعيين نائب لولي العهد.
ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، طرحت إمكانية عودة شقيق ولي العهد خالد بن سلمان من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتولى منصب سفير السعودية، الكثير من التساؤلات. والجدير بالذكر أنه في حال تم تعيين خالد بن سلمان ولياً لولي العهد، فذلك يعني أن ولي العهد قد اقترب من استلام الحكم. وفي الوقت الراهن، ولا يمكن للملك سلمان بن عبد العزيز التنازل عن العرش في ظل الضغوط المسلطة عليه بسبب قضية خاشقجي.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى أن «سياسيات ولي العهد أدت إلى بروز الكثير من الأصوات المعادية له، على غرار قصف اليمينيين، ومحاصرة القطريين، بالإضافة إلى شعور الفلسطينيين بالإحباط على خلفية مناصرته للمواقف الإسرائيلية، ناهيك عن الأزمات التي أثارها مع الأتراك والإيرانيين». وأضاف هذا الدبلوماسي: «نحن بصدد انتظار المزيد من المعلومات لاتخاذ قرار بشأن الإجراءات العقابية المحتملة ضد الرياض».
مستقبله كـ«ملك» على المحك
وكانت شبكة «CNN» الأميركية نقلت عن مصدر مطلع، الخميس 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قوله إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أخبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال لقائهما، الثلاثاء الماضي، أن مستقبله كـ«ملك» على المحك، بسبب مقتل جمال خاشقجي.
واجتمع بومبيو مع ولي العهد السعودي لمدة تراوحت بين 35 و40 دقيقة، وفقاً لما رصده الوفد الصحافي المصاحب لوزير الخارجية الأميركي.
مَن يصعد للسلطة بديلاً لولي العهد السعودي
أيضاً كانت صحيفة The Times البريطانية تناولت في تقرير لها تغيير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقالت إن المسؤولين الأميركيين يواجهون موقفاً صعباً بعد أزمة الصحافي خاشقجي، فالرجل الواقع محلَّ انتقاداتهم حسب الصحيفة هو حليفٌ رئيسي للولايات المتحدة، بحسب.
محمد بن سلمان منقذ الولايات المتحدة
تضيف الصحيفة أنه قبل 3 سنوات، بدا ولي عهد المملكة السعودية محمد بن سلمان منقذاً للولايات المتحدة وبريطانيا من مأزقٍ رهيب. وعلى مدار عقود من الزمن، جعلت كلتا الدولتين التحالف مع السعودية أساسياً لاستراتيجيتهما الخارجية والأمنية بسبب النفط، وكذلك بسبب إيران، ولأن المملكة تُعَد إلى حدٍّ ما جزيرة الاستقرار الموالية للغرب في بحرٍ من الاضطرابات الإقليمية.
ربما كان هذا التحالف هو الجانب الأكثر بُغضاً في سياسات كلتا الدولتين بالنسبة للساسة الذين لا تشارك أحزابهم في الحكومتين، وبالنسبة للجمهور العام كذلك.
تقول الصحيفة الأميركية: «لم يكن أحدٌ يحب (أصدقاءنا) الذين يعاملون المرأة على أنها مواطن من الدرجة الثانية، ويحظرون بناء الكنائس، ويقيدون حرية الفكر، ويمنعون الترفيه، ويتمسكون بشدة بالمَلَكية المطلقة».
بدا ولي العهد محمد بن سلمان عازماً على تغيير بعضٍ من ذلك على الأقل، وحظيت «أجندته الإصلاحية» بتأييد مُتحمِّس.
أما الآن فترى الصحيفة أن الغضب يسود بسبب أن التقدم في جبهة واحدة نتج عنه تأخر في جبهة أخرى. فقد صار أكثر سطوة وأكثر عزماً من أسلافه على سحق من يعارضونه.
إلا أن قتل جمال خاشقجي، الذي يسود اعتقاد في واشنطن أنه أُمِرَ بقتله، ربما يكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
«إن استبدال محمد بن سلمان سهلٌ قولاً لا فعلاً. فلا يريد أحدٌ فقدان المكاسب التي تم تحقيقها. والأهم من ذلك أنه لا أحد، أو على الأقل بالنسبة للجانبين البريطاني والأميركي، يريد أن يرى السعودية مضطربة»، بحسب الصحيفة الأميركية.
أدى ما حدث في إسطنبول إلى نشوب أزمة مَلَكية، إذ استدعت واشنطن شقيق ولي العهد، الأمير خالد، الذي يشغل منصب سفير السعودية لدى الولايات المتحدة.
يعتقد الكثيرون أن أغنى دولة في الشرق الأوسط ربما تنزلق في مستنقع الفوضى كأسوأ عاقبة محتملة.
الخليفة المحتمل لمحمد بن سلمان
نقلت الصحيفة عن مسؤول إقليمي صرح العام الماضي بأنه ينبغي مساندة محمد بن سلمان؛ لأن استقرار السعودية يعد أول اهتماماته الأمنية متجاوزاً الاهتمام بإيران واليمن وسوريا أو عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية.
وفي حال قرر الملك سلمان التضحية بابنه محمد، فإن الأفضلية ستكون لإبقاء الخلافة في نسله من العائلة.
تقول الصحيفة: «ربما يكون الأمير خالد، وهو أصغر سناً من شقيقه بـ3 سنوات، بديلاً محتملاً. وهناك أيضاً أبناءٌ آخرون للملك أكبر سناً، لدى بعضهم خبرة سياسية، إلا أنه لم يُذكَر اسم أي منهم في سياق المناصب العليا قبل ذلك».
ربما يطمئن حلفاء السعودية الغربيون بالعودة إلى ذوي الخبرة. وهذا لا يعني استمرار حكم الشيوخ، إذ إن أشقاء الملك سلمان (82 عاماً) الذين توقعوا أن يخلفوه قبل بزوغ نجم محمد بن سلمان هم: الأمير أحمد (76 عاماً)، والأمير مقرن (73 عاماً).
قد يستلزم الأمر العودة إلى جيل يمثله الرجل الذي حل محله ولي العهد كوريث للعرش، وهو الأمير محمد بن نايف (59 عاماً). عندما أُطيح به العام الماضي، قال المساعدون الملكيون إنه معتل.
تختم الصحيفة الأميركية بالقول: «لكن ربما يكون الوقت قد حان لعودته».