يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحزبه الجمهوري وخصومهما الديمقراطيون لليوم الأخير من الحملات الانتخابية المحمومة الاثنين عشية انتخابات منتصف الولاية الرئاسية التي سيصدر فيها الناخبون حكمهم على أول سنتين لسيد البيت الأبيض في السلطة.
ولجأ ترامب إلى خطابه القومي المعتاد الذي لقي صدى في أوساط قاعدته الانتخابية خلال حملة العام 2016 في وقت يتنقل في أنحاء البلاد في مسعى لكسب الأصوات، مستخدما لغة تحريضية إذ يرسم صورة لبلد مهدد من قبل “جيوش” من المهاجرين غير الشرعيين وتفشي الجريمة وديمقراطيين ينتمون إلى اليسار المتشدد.
وقال خلال تجمع انتخابي صاخب في تشاتانوغا بولاية تينيسي مساء الأحد “يريدون فرض الاشتراكية على بلدنا. ويريدون إزالة الحدود الأميركية”.
ويهدف الجمهوريون لحماية أغلبيتهم في مجلسي النواب والشيوخ بينما يأمل الديمقراطيون بأن تساعدهم حماستهم باستعادة السيطرة ولو جزئيا على الكونغرس لإحباط أجندة ترامب.
واحتدمت المعارك السياسية في أنحاء البلاد. وفي تكساس الجمهورية تقليديا، يحاول المرشح الديمقراطي الذي يتمتع بشعبية عالية بيتو أوروركي الإطاحة بالسناتور تيد كروز، في وقت يبدو الجمهوري بيت ستوبر على وشك قلب المعادلة في مينيسوتا، أحد معاقل الحزب الديمقراطي.
أما في فلوريدا وجورجيا، فيسعى مرشحون ديمقراطيون إلى أن يصبحوا أول حكام ولايات من أصول افريقية.
وسيكون الاثنين حافلا بالنسبة لترامب الذي سيتوقف في أوهايو وإنديانا قبل تجمع انتخابي أخير في ميزوري حيث يسعى للإطاحة بالسناتورة الديمقراطية كلير ماكاسكيل.
وبينما اكتظ جدول أعمال ترامب بالمشاركة في الحملات الانتخابية لصالح المرشحين الجمهوريين الأحد، أطلق الرئيس السابق باراك أوباما نداء أخيرا لدعم السناتور الديمقراطي في إنديانا جو دونيللي الذي يواجه خطر الخسارة أمام منافسه الجمهوري.
انتخابات “التناقضات”
وخاطب ترامب حشدا في ماكون بجورجيا، حيث أقام تجمعا انتخابيا لدعم المرشح الجمهوري لمنصب حاكم الولاية في أحد الاستحقاقات الأكثر احتداما، قائلا “عليكم المشاركة في الانتخابات الثلاثاء وعليكم الإدلاء بأصواتكم”.
وأضاف “لا يمكن للتناقضات في هذه الانتخابات أن تكون أوضح” مما هي عليه الآن.
بدوره، هاجم أوباما الرئيس متطرقا إلى التحقيقات المرتبطة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016 والتي تلقي بظلالها على إدارة ترامب.
وقال أوباما “لقد جمعوا اتهامات رسمية تكفي لتشكيل فريق كرة قدم. لم توجه اتهامات لأي شخص من إداراتي”.
وبلغت التعبئة السياسية ذروتها بحيث تجاوزت نسب التصويت المبكر في بعض الولايات المستويات المعتادة بكثير.
وقال السناتور كريس فان هولين لشبكة “فوكس نيوز” إن “الأمر كله يتعلق بنسب المشاركة” وذلك في وقت يخوض الديمقراطيون معركة تشير الاستطلاعات إلى صعوبتها للسيطرة على مجلس الشيوخ.
وفي الوقت ذاته، تشير الاستطلاعات والخبراء إلى أن الديمقراطيين في وضع يسمح لهم باستعادة الأغلبية في مجلس النواب.
لكن في أول انتخابات نصفية في عهد الرئيس غير التقليدي هناك الكثير من الأمور التي يصعب التكهن بها لعل أبرزها التأثير الحقيقي لترامب الذي أشعل حماسة أنصاره ومعارضيه بمستويات نادرة.
وقال ترامب في وقت سابق “لا يمكنني الحديث عن الزرق (الديمقراطيون) ولكن يمكنني الحديث عن الحمر (الجمهوريون). هناك طاقة عالية في أوساطهم”.
الاقتصاد نقطة لصالح الجمهوريين
وجرت العادة أن يخسر حزب الرئيس في عهده الأول مقاعد في الكونغرس في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية. لكن الوضع الاقتصادي الجيد يميل إلى إبقاء الأمور على حالها في وقت ينمو الاقتصاد الأميركي بقوة قلما حدثت.
وأشار استطلاع جديد أجرته “واشنطن بوست” وشبكة “ايه بي سي نيوز” بشكل مشترك إلى أنه في وقت يحافظ الديمقراطيون على تفوقهم في معركتهم لكسب مقاعد في مجلس النواب، بإمكان الجمهوريين الاستفادة من التقييمات الإيجابية المرتبطة بالاقتصاد وتركيز ترامب على أمن الحدود.
وأظهر الاستطلاع أن الناخبين يفضلون المرشحين الديمقراطيين لمجلس النواب على الجمهوريين بنسبة 50 بالمئة مقارنة بـ43 بالمئة. لكن هذه النسبة أقل من فارق النقاط الـ14 التي تم تسجيلها في آب/أغسطس.
وأكد استطلاع ثان أجرته “إن بي سي” بالاشتراك مع “وول ستريت جورنال” هذه النتيجة التي تظهر تفوق الديمقراطيين بسبع نقاط.
لكن في مؤشر يثير مخاوف الجمهوريين، خلص هذا الاستطلاع إلى أن النساء البيض اللواتي تلقين تعليما جامعيا ويعتبرن غاية في الأهمية بالنسبة لنتائج الانتخابات، يفضلن الديمقراطيين بنسبة 61 بالمئة مقابل 33 بالمئة.
وهناك ورقة ضغط أخرى إذ جاءت الأيام الأخيرة للحملات الانتخابية بعد أسبوع فقط من قيام مسلح يعتقد أن معاد للمهاجرين واليهود بقتل 11 شخصا في كنيس في بيتسبرغ.
وتم كذلك اعتقال مؤيد متعصب لترامب بتهم إرسال قنابل مصنعة يدويا إلى معارضين بارزين للرئيس بمن فيهم أوباما.
ويشير معارضو ترامب إلى أن الأجواء المشحونة بدرجة عالية التي ساهم في خلقها لعبت دورا في دفع المهاجمين لارتكاب جرائمهما.
وفي محاولة لتجاوز ذلك، ركز الجمهوريون بقوة على الجانب الاقتصادي.
لكن الرئيس أثار قلق بعض أعضاء الحزب عبر استغلاله تجمعاته الانتخابية التي لم تهدأ لتسليط الأضواء على ما يصفه بأنه التهديد الأمني الناجم عن المهاجرين الذين يحاولون دخول البلاد عبر المكسيك.
وأكد ترامب “لن نسمح لهؤلاء الأشخاص باجتياح بلدنا”.
“عواقب”
بدورهم، تبنى الديمقراطيون مواقف متباينة تماما مع تلك التي يروج لها ترامب، مؤكدين أنهم وحدهم القادرين على حماية المكتسبات في مجال الرعاية الصحية التي تحققت في عهد أوباما وأن الرئيس الحالي طبق إجراءات غير إنسانية لمنع دخول المهاجرين حيث شددوا على ضرورة وضع حد للاستقطاب الذي روج له.
وفي هذه الأثناء، قام أوباما بما امتنع الكثير من المرشحين الديمقراطيين عن القيام به — وهو تحدي الرئيس بشكل مباشر.
وقال أمام حشد خلال تجمع انتخابي لدعم السناتور جو دونيللي “يجب أن تكون هناك عواقب عندما لا يقول الناس الحقيقة وعندما تفقد الكلمات قيمتها. عندما يصبح بمقدور الناس الكذب بدون أي قيود، فلا يمكن أن تنجح الديمقراطية”.
وأضاف أن “الرقابة الوحيدة حاليا على سلوك هؤلاء الجمهوريين هي أنتم وأصواتكم”.