أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد، أن مسار الإصلاح في مصر مسئولية وطنية، وهذا ما تم إثباته من خلال التجربة المصرية.
وقال الرئيس السيسي – خلال مداخلة في جلسة ما بعد الحروب والنزاعات .. آليات بناء المجتمعات والدول، ضمن منتدى شباب العالم المقام حاليا بمدينة شرم الشيخ – إن تقدير الشعوب والرأي العام في الدول للأزمات في بلادهم تختلف وتتباين كثيرا قبل وبعد حدوث تلك الأزمات، مشيرا إلى تكلفة إنسانية ومالية وأخلاقية كبيرة دفعتها الدول التي مرت بأزمات وفوضى.
وأضاف الرئيس السيسي أن الشعوب التي طالبت بالتغيير وتحركت بحسن نية بهدف الإصلاح المنشود في بلادهم، خسرت من جراء الفوضى أكثر مما كانت ستخسره إذا استمر الوضع في بلادهم دون تغيير، مشيرا إلى أنه يتحدث من واقع التجربة المصرية والأحداث فيها وفي المنطقة التي شهدها بنفسه.
وتابع الرئيس قائلا: “الشعب المصري عاش كل يوم في مرار ومعاناة من أجل الحفاظ على الدولة المصرية وعلى مصير 100 مليون مصري”.
واستكمل الرئيس: “عندما فتحنا الباب للفوضي من دون قصد، نتج عنها كسر حاجز استخدام السلاح من جانب جماعات كانت موجودة وتعيش معنا في مصر، ولكن بمجرد أن أتيحت لها الفرصة، وفتح الباب أمامها أصبح لديها استعداد للقفز على السلطة حتى لو استخدمت السلاح”.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن قوة حشد الشباب أو الرأي العام لتغيير الأمر بالقوة، تخرج في الغالب عن السيطرة، مما ينشأ فراغا هائلا يؤدي إلى تدافع القوى المحلية والأجنبية والخارجية من أجل التدخل في شؤون الدولة، ومن ثم تتداعى مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى، وتبدأ في الغالب بالمؤسسات الأمنية والقوات المسلحة ثم تأتي باقي المؤسسات بالتبعية.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الحفاظ على الدول ومقدراتها حق من حقوق الإنسان، وأن الشباب في منطقتنا وخارجها في كل أنحاء العالم بحاجة إلى تعلم مقومات الحفاظ على الدول واستمرارها.
وأضاف السيسي – خلال مداخلة في جلسة ما بعد الحروب والنزاعات .. آليات بناء المجتمعات والدول، ضمن منتدى شباب العالم المقام حاليا بمدينة شرم الشيخ – أن “هناك شباب من أوروبا من الممكن ألا يكون لديه تصور سليم للمشاكل الموجودة لدينا في المنطقة العربية وفي الدول الإفريقية، ويتساءلون لماذا يقتلون بعضهم ? لماذا يهدمون بلادهم?”.
وتابع الرئيس: “أنا أتحدث عن تلك التجربة لشباب أتى من كل العالم ليسمع وينظر إلينا وليس لديه فرصة تدبر ما يحدث في بلادنا والمنطقة”.
وأضاف الرئيس السيسي قائلا: “الحكاية أن شباب المنطقة حالوا التغيير إلا أنهم لم يدركوا أن هذا التغيير سيأتي بفراغ ضخم وكبير، وأن هذا الفراغ لا يملأ إلا بالأشرار .. حتى ولو كان الحكام السابقين غير جيدين”.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الصراع الموجود حاليا في العالم قائم على النفوذ والأموال والمصالح، مشيرا إلى تغير أدوات الصراع في العالم بعدما أصبحت الحروب المباشرة مكلفة جدا وتبعاتها خطيرة، فأصبحت الحروب تستهدف تدمير الدول بشكل مختلف.
وقال السيسي: “البلاد التي ذهبت لن تعود .. الوزيرة التي تحدثت من باكستان أهلا وسهلا بكي، نحن نتحدث عن دولة بجانبكم ظلت 50 عاما ولم تعد” .. وتساءل قائلا “كم مليون شخص قتل في أفغانستان وكم مليون شخص قتل في العراق وسوريا وليبيا والدول الأخرى، من سيدفع هذا الثمن”.
وأوضح الرئيس السيسي أن إعادة الإعمار في سوريا يحتاج على أقل تقدير نحو 300 مليار دولار، وقال :”إذا كان أقل تقدير قيل بشأن إعادة إعمار سوريا نحو 300 مليار دولار .. وأقصى تقدير تريليون دولار .. هل هناك حكومة في سوريا مهما كانت قادمة من الأغلبية أو الأقلية تستطيع التعامل مع هذا التحدي”.
وتابع الرئيس السيسي قائلا “هل هناك من يعطيك 300 مليار دولار لتصلح بلدك .. في الدول المتقدمة سيقولون أنا سأصلح بلدي وأبني بلدي وأبني لشبابي، لكن لكم أنتم لا .. أنتم الذين تخربون بلادكم .. أنا بقولكم الكلام دا والله لن تسمعوه من أحد أبدا في موقعي هذا “.
وسلط الرئيس السيسي في حديثه أمام منتدى شباب العالم الضوء على الآثار المدمرة للنزاعات والفوضى التي مرت بها شعوب المنطقة، ومصير ملايين اللاجئين في المعسكرات والمخيمات ومدى تأثرهم بهذه الأحوال المعيشية الصعبة التي تلقي بظلالها على تكون شخصيات الأطفال في هذه المعسكرات، متسائلا عن القيم الأخلاقية والإنسانية التي ستكون موجودة في مجتمع عاش في معسكرات لاجئين لمدة 10 سنوات.
وانتقل الرئيس السيسي إلى الحديث عن بناء الدول بعد فترات الفوضى والنزاعات ومحاولات هدم مؤسساتها ومعاييرها الوطنية وقيمها الأخلاقية والإنسانية، محذرا من استمرار خلاف الأطراف الداخلية في الدول وتعطيل مسار بناء الدولة مرة أخرى وإعادة الإعمار.
وأكد الرئيس السيسي “أنه عقب انتهاء النزاع والبدء في إعادة الإعمار ندخل في إشكاليات .. نريد عمل دستور لبناء الدستور الذي تحطم.. فأثناء عمل الدستور حسب الوضع هل كان هناك تدخل خارجي أم لا? .. هناك مجموعة مصالح أم لا? .. تظل هناك خلافات في موضوع لجنة الدستور شهور طويلة” .. وتساءل الرئيس قائلا: “هل سيكون لدى الدولة والقائمين عليها الاستيعاب أن أهمية خروج الدستور بعوار أفضل من أننا نراوح في مكاننا .. ولا نعمل دستور .. أنا أقول لا .. نكتب دستور وبه عوار أفضل من أننا لا نكتب دستور ونظل في خلاف”.
ولفت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تجربة مصر، مؤكدا أن وعي شعبها لخطورة هدم مؤسسات الدولة وسرعة استيعابه للدرس، حال دون استمرار الأزمة لوقت أطول ووقوع المزيد من الخسائر.
وأشاد الرئيس السيسي بحرص الشعب المصري على مقدرات بلاده ووعيه بأهمية الحفاظ على مؤسساتها، وكذلك صبره وتحمله لإجراءات الإصلاح الاقتصادي.
https://youtu.be/cTXduym2TGY