يخطط الرئيس دونالد ترمب للتركيز بسرعة على حملة إعادة انتخابه، بعد انتخابات التجديد النصفي التي جرت الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، معتقداً أنَّ سياسته التي تتسم بالتقسيم والمواجهات سوف تحشد مؤيديه وتقوده إلى الفوز بولايةٍ ثانية.
وقال اثنان من مستشاري الرئيس الأميركي، لصحيفة Washington Postالأميركية، إنَّ الرئيس دونالد ترمب الذي انتهى لتوّه من الحملة الدعائية لانتخابات التجديد النصفي، التي شملت 11 حشداً انتخابياً على مدار ستة أيام في أرجاء الولايات المحافظة الرئيسية، بدأ يتحدث عن تنظيم تجمعاتٍ تحت شعار «لنجعل أميركا عظيمةً مرة أخرى» في أوائل العام المقبل.
هل يستطيع الرئيس دونالد ترمب إعادة حشد الناخبين بنفس الخطاب المتشدد؟
يستمر ترمب في الحكم على نجاحه من خلال حجم الحشود، التي كانت كبيرةً طوال الحملة الانتخابية الأخيرة، وتصفيقهم له أثناء حديثه. وحتى بينما كانت مشاركته في تلك الحملة الدعائية من أجل الجمهوريين الآخرين، ركَّز ترمب على نفسه في كثيرٍ من الأحيان، وأشاد بإنجازاته، وهاجم المنافسين الديمقراطيين المحتمل ترشحهم للانتخابات الرئاسية.
لكن تظل مسألة استطاعة الرئيس دونالد ترمب إعادة حشد الناخبين والفوز بالولايات المتأرجحة غير أكيدة، وخاصةً إن حاول فعل ذلك بنفس الخطاب المتشدد الذي اعتمد عليه خلال حملة 2016 والسنتين الماضيتين من رئاسته.
لم يقم ترامب بحملةٍ دعائية في جميع أنحاء البلاد قبل التجديد النصفي، وقضى الجزء الأكبر من وقته في الولايات المحافظة، التي لا يزال يتمتع فيها بشعبيةٍ كبيرة، وظلَّ بعيداً عن ولايات الضواحي التي ساعدت في فوز الديمقراطيين في مجلس النواب يوم الثلاثاء.
وقال مايكل ستيل، الذي كان مستشاراً لرئيس مجلس النواب السابق جون بوينر (النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو) ولحملة جيب بوش الرئاسية: «هناك شريحة معينة من المواطنين اقتنعت بالكامل بالحجج التي يقدمها وطريقة طرحها، لكنَّها ليست غالبية المواطنين».
أم أنه سيغير نهجه لضمان الاستمرار في البيت الأبيض
يستعد الرئيس دونالد ترمب لتصوير نتائج يوم الثلاثاء بأفضل طريقةٍ ممكنة، مع التركيز على الفوز في مجلس الشيوخ وبعض الانتصارات في انتخابات حُكَّام الولايات. وغرَّد ليل الثلاثاء على موقع تويتر قائلاً: «نجاح هائل الليلة. شكراً لكم جميعاً».
لكن كانت هناك الكثير من علامات التحذير التي تومض أمام ترمب، على الرغم من لهجته الإيجابية.
فإلى جانب خسارة مجلس النواب، لم يستطع الجمهوريون أن يفوزوا بمقاعد مجلس الشيوخ في ولايات بنسلفانيا وأوهايو وويسكونسن، وهي المناطق الرئيسية في الغرب الأوسط الصناعي، التي ساعدت في تسليم ترمب الرئاسة في عام 2016، لكنَّ الحزب الجمهوري عافر فيها للفوز ضد المرشحين الديمقراطيين القويين هذا العام. وأرقام استطلاعات الرأي العام تجاه ترمب لا تزال ضعيفةً، نحو 40%.
وقال السيناتور شيرود براون (الديمقراطي عن ولاية أوهايو)، الذي فاز بسهولة في انتخابات التجديد النصفي الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني، في خطاب الفوز الذي ألقاه، إنَّ التوجه نحو السياسات الليبرالية الشعبية، كما فعل في سباقه الخاص، سيكون «مخطط أمتنا في عام 2020».
وقال براون: «لقد أظهرتم للبلاد أنَّه من خلال وضع الناس كأولوية، وحفظ كرامة العمل، يمكننا أن نكتسح في ولايةٍ فاز فيها دونالد ترمب بفارق ما يقرب من 10 نقاط. لقد أظهرتم أنَّنا نقوم بذلك دون المساومة على حقوق المرأة أو الحقوق المدنية أو حقوق المثليين».
خاصة بعد التراجع الذي حقَّقه حزبه في انتخابات التجديد النصفي
للتعامل مع خسارة مجلس النواب، كان المساعدون السياسيون للرئيس يشجعون الحلفاء على وصف هذه النكسة بأنَّها نتيجة للاتجاهات التاريخية وحالات التقاعد، بدلاً من توجيه الاتهام إلى الرئيس دونالد ترمب ، وفقاً لشخصٍ على اتصال بالبيت الأبيض. وقد أعد البيت الأبيض أرقاماً مفصلة عن دورات منتصف المدة السابقة، لدعم موقفه على حد قول هذا الشخص.
وقال مارك شورت، مدير الشؤون التشريعية السابق لترمب: «لا أعرف ما الذي كان يمكن للبيت الأبيض أن يفعله حيال ذلك. لديك عدد قياسي من حالات التقاعد في مجلس النواب. وكنا نعرف ذلك قبل أشهر».
انتخابات التجديد النصفي ليست بالضرورة مؤشراً على الكيفية التي سيتعامل بها الرئيس دونالد ترمب ، في محاولةٍ للفوز بولاية ثانية، فقد تعرض الرئيس باراك أوباما لخسائر كبيرة في أول انتخابات تجديد نصفي عام 2010، ثم فاز بعد ذلك بعامين بولاية ثانية بسهولة.
ولم يبدِ ترمب أي إشارةٍ إلى أنَّه سيعتدل في أساليبه قبل عام 2020. بل على الأرجح سيصبح أكثر جرأة مع وجود مجلس نواب ديمقراطي، مليء بأعضاء سيكونون متعطشين للتحقيق في أعمال إدارته، وربما يبدأون إجراءات عزله، حسبما قال بعض المستشارين.
لكن ما حقيقة ترويجه لمنافسته الديمقراطية نانسي بيلوسي؟
بدأ الرئيس دونالد ترمب يتحدث عن الكيفية التي سيخوض بها معركته ضد نانسي بيلوسي (النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، التي قد تتولى منصب رئيس مجلس النواب، وكانت في طريقها لقيادة الديمقراطيين في مجلس النواب، بعد خسارتها منصب رئيس المجلس قبل ثماني سنوات.
وفي الوقت الذي يشعر فيه مستشاروه بالقلق من عدم استعداده لمواجهة التحقيقات، فقد شعر ببعض السرور عندما قال إنَّه سيبدو بصورةٍ أفضل بوجود بيلوسي في مجلس النواب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، قال المستشارون إنَّ ترمب قد يكون منفتحاً على التعامل مع حزب المعارضة بشأن بعض القضايا، وربما يرحب بعقد اجتماعاتٍ مع بيلوسي أكثر مما يود بعض مساعديه.
وقالت متحدث باسم بيلوسي، إنَّ ترمب اتصل ببيلوسي ليل الثلاثاء، وثَمَّن دعوتها للتعاون بين الحزبين في خطابٍ ألقته أمام أنصارها الديمقراطيين.
في الوقت نفسه، يتوق الكثير من الجمهوريين لمواصلة الترويج لبيلوسي، باعتبارها عدواً سياسياً.
إذ يقول سكوت جينينغز، المستشار السابق لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي)، الذي عمل أيضاً في البيت الأبيض أثناء فترة رئاسة جورج بوش: «لا شك أنَّها كانت واحدة من أكبر الخصوم في انتخابات الجمهوريين.
إذا كانت مسؤولة، فهي بالفعل في مكانٍ يمكن أن يستغله ترمب لتحسين صورته في السنتين القادمتين، وربما يُقدّر الشعب الأميركي ذلك كثيراً إذا عمل مع ميتش ماكونيل لإيقاف بعضٍ من أسوأ دوافعها».
لقد تعلَّم ترمب عدة دروس من انتخابات التجديد النصفي
بما في ذلك أنَّ أعضاء الكونغرس لا يتمتعون بشعبيةٍ كبيرة على غرار شعبية الرئيس دونالد ترمب ، وأنَّ قضية الهجرة مستمرة في إثارة غضب قاعدته.
يحصل ترمب على إحاطاتٍ دورية حول معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي العام في الدوائر الرئيسية، ويقارنها بنسب مرشحي الكونغرس ونسبه في عام 2016. وفي المحادثات الخاصة مع حلفائه، لم يبدِ أي استعدادٍ للتخفيف من حدة أساليبه، ويتحدث بدلاً من ذلك عن كيفية تعزيز خطابه، ويشكو من أنَّ الجمهوريين الآخرين لا يحذون حذوه.
وسأل ترمب مستشاريه مؤخراً على متن الطائرة الرئاسية أثناء سفرهم إلى الولاية التي كانت مفتاحاً لتحطيم «الجدار الأزرق» للديمقراطيين في عام 2016: «هل سنفوز بولاية بنسلفانيا؟».
بطريقةٍ ما، عملية انتخاب الرئيس لولايةٍ ثانية 2020 تبدو أكثر تنظيماً من أي عملياتٍ أخرى في البيت الأبيض، إذ جلب ترمب في مارس/آذار براد بارسكال، الذي شغل منصب مدير الإعلام الرقمي في حملته لعام 2016، ومن المتوقع أن ينتقل عددٌ من مساعدي البيت الأبيض إلى الحملة في الأشهر القادمة، بمن فيهم جاستن كلارك رئيس مكتب التواصل العام.
وفي الوقت نفسه، جمعت حملة ترمب واللجان التابعة لها أكثر من 106 ملايين دولار، وهي بذلك لديها مبلغٌ هائل وفي وقتٍ أبكر من أسلافه في هذه المرحلة من رئاساتهم.
فقد بدأ حملته مع إعلان نتائج انتخابات التجديد النصفي
وجمع الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، مساء الثلاثاء، طاقماً من كبار المتبرعين والحلفاء السياسيين لمشاهدة نتائج الانتخابات، بمن فيهم رجل الأعمال الملياردير شيلدون أديلسون، والممول ستيفن شوارتزمان، وقطب العقارات ريتشارد ليفراك، بعد قضاء يومه على الهاتف ومراقبة السباقات الرئيسية في الكونغرس وانتخابات حُكَّام الولايات على مستوى الولايات المتحدة.
وكان هناك أيضاً كوري لياندوفسكي، مدير أول حملةٍ له، وديفيد بوسيه، نائب مدير الحملة السابق، وكذلك وزير الخزانة ستيفن منوشين، ورئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي، والمدير السياسي بيل ستيبيان، والمساعد البارز جوني دي ستيفانو.
وقالت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، مع انتهاء عملية الاقتراع ليل الثلاثاء: «حفَّز الرئيس عدداً هائلاً من الأميركيين في الساحات المكتظة وفي الحشود الهائلة في التجمعات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد».