كانت الأمور تسير بشكل جيد مع جويرية إبراهيم، مهندسة معمارية متفوقة تحضر رسالة الماجستير، لكن فجأة قررت التخلي عن دراستها من أجل هوايتها المفضلة، لم تتخلّ عن عملها في الهندسة وظلت محتفظة بوظيفتها كمهندسة، ولكنها قررت أن تكون أول stunt girl، فتاة فتاة تؤدي مشاهد الأكشن الخطرة بدلاً من الفنانات.
لم تكن الصعوبة في أنها قررت امتهان مهنة خطرة من الأساس، ولكنها أيضاً سلكت طريقاً لم تسلكه فتاة من قبلها، فهي أول stunt girl في مصر.
التقتينا جويرية إبراهيم لمعرفة قصتها من البداية، لتحكي لنا كيف أصبحت stunt girl في مصر، وما الصعوبات التي واجهتها خلال هذه المهنة، والطريق الذي سلكته للوصول إلى هذا المكان، وموقف عائلتها من عمل ابنتهم في مهنة خطرة كهذه.
- أنت مهندسة، فلماذا تركتِ الهندسة واتجهت للعمل كـStunt؟
بالرغم من اتجاهي للعمل كـ stunt، فإنني لم أترك الهندسة، فأنا مهندسة معمارية وأعمل في إحدى الشركات، وأمارس المهنتين معاً، فأنا أهوى عمل الـ stunt ولكنه ليس هواية فقط.
أنا لا أتعامل معه من منطلق أنه هواية خفيفة ستختفي مع الوقت، ولكني آخذ الأمر على محمل الجد، وهو عمل آخر بجانب عملي كمهندسة، وسعيدة أنني أعمل في هذا المجال، فهو عمل وهواية في نفس الوقت.
- هل كنتِ تحلمين منذ البداية بأن تكوني Stunt في مجال الفن؟
الأمر حدث معي دون ترتيب، فأنا كنت أعمل كموديل منذ سنوات، وخلال تقديمي لإعلان شركة «اتصالات»، كان متواجداً في الإعلان فريق عمل عمرو ماكجيفر، المتخصص في تصوير مشاهد الأكشن والحركة في الأعمال الفنية والإعلانات، وبالصدفة تقابلنا خلال تصوير الإعلان الذي كنت أقدم فيه بعض المشاهد.
وقتها قالوا لي إنني من الممكن أن أعمل معهم في الفريق، ولديَّ القدرة على تقديم المشاهد الصعبة والخطرة، ومن هنا كانت البداية، ودخلت معهم في فريق العمل وجربت أكثر من مرة تصوير بعض المشاهد، وقد أحببت الأمر جداً وقررت أن أطوّر من نفسي في هذا المجال، عندها أخبروني أنني سأكون أول Stunt Girl في مصر؛ لأنه لا توجد بنات يقدمن تلك النوعية في مصر، وهذه كانت بداية دخولي المجال.
- ألم تجدي معارضة من عائلتك للعمل في هذا المجال الخطر؟
في البداية لم يكن لديهم إدراك كامل لما أقوم بتقديمه من خلال عملي هذا، وكانوا مستغربين من الأمر؛ لعدم فهمهم لطبيعة العمل الذي أقوم بتقديمه، والاعتراض كان بسبب عدم فهمهم للأمر.
لكن بعد ذلك عندما شاهدوا الإعلانات والأفلام التي شاركت فيها، انتابهم القلق وقالوا لي «كيف تفعلين هذا، انتِ بتبهدلي نفسك»، ولكني أقنعتهم بأنني أحب هذا المجال وسأكمل طريقي فيه.
لم يعترضوا وقتها، ولكنهم طلبوا منّي أن أحترس وأكون حريصة حتى لا أتعرض للأذى، ولكني أصبحت أذهب للتصوير ولا أقول لهم إنني سأؤدي مشاهد خطرة حتى لا ينتابهم القلق، ولكن بعد عودتي أخبرهم بما قمت بتصويره.
- إذاً ما الفرق بين الـ Stunt والدوبلير؟
هناك فرق كبير، فالدوبلير أو الدبل يكون شبيهاً لممثل واحد، يقدم بعض المشاهد نيابة عنه، يؤدي مشاهد صعبة أو درامية، لكن الـ Stunt يقدم مشاهد الأكشن والحركة لأي ممثل، فهو ليس شبيهاً لممثل معين أو يقدم مكانه مشاهد معينة، ولكنه يقدم مشاهد أكشن وخطرة بدلاً من أي ممثل، مثل مشاهد الانفجار أو الحوادث أو القفز من أماكن عالية، وغيرها من المشاهد الصعبة.
- خلال عملكِ في هذه المهنة الصعبة، ما هي أخطر المشاهد التي قدمتيها؟
معظم المشاهد الصعبة كانت في فيلم «هروب اضطراري»، فقد كان أصعبها على الإطلاق مشهد انزلاق الموتوسيكل تحت السيارة اللوري، وكذلك المشهد الذي قمت بتصويره مع أحمد السقا بدلاً من غادة عادل عندما وقفنا على سلم حديدي على ارتفاع 42 طابقاً.
- مشهد السلم بالتحديد كان صعباً جداً، كيف كان شعورك وقت تصويره؟
شعور مخيف بالطبع، فأنا لم أكن أعرف ماذا سأفعل، أنا أقف على سلم حديدي بجانب عمارة سكنية، أقف في مكان يوازي الطابق 42 على ارتفاع كبير فوق سطح الأرض.
في البداية كنت قلقة جداً وخائفة قبل أن أصعد إلى ذلك المكان، ولكن بعدما صعدت إلى المكان انتهت حالة الخوف، فوقت التصوير كنا نقف على السلم بشكل عادي والخوف الذي أصابني في البداية اختفى.
- ألم يكن مشهد ارتطامكِ بالزجاج في فيلم «أبلة طمطم» بنفس الصعوبة؟
بالعكس كان مشهداً صعباً جداً، فأنا قدمت هذا المشهد بدلاً من ياسمين عبدالعزيز، وكان من المفترض أنني أرتدي بذلة آمنة لحماية جسدي من الزجاج، فالمشهد عبارة عن أنني أقفز داخل لوح زجاج، لكني لا أرتدي شيئاً في يدي أو على وجهي، على الرغم من أنني أقفز على الزجاج بيدي ووجهي قبل جسدي، وكان هذا المشهد بالفعل صعباً للغاية، ولكنه مر بسلام.
- مشاهد كثيرة صعبة وخطرة، ألم تجعلكِ هذه المشاهد تعيدين التفكير في الاستمرار في هذا المجال؟
إطلاقاً، فلم أفكر ولا مرة في ترك هذه المهنة؛ لأنني في كل مرة أقدم شيئاً جديداً وأصور مشهداً جديداً مختلفاً عن المشهد الذي سبقه، لذلك فأنا أكون سعيدة خلال التصوير، وفي كل مرة أطوّر فيها نفسي عن المرة السابقة.
بالطبع هناك خوف، لكن في كل مرة هناك تجربة مختلفة وإحساس مختلف، فهناك شغف حول ما سأقدمه في المرة المقبلة، وكذلك وقت التصوير يكون الخوف أقل، فالقرار تم اتخاذه وأنا سأصور هذا المشهد، وكل طاقم التصوير يعتمد علىّ في أنني سأؤدي هذا المشهد حالاً، فليس هناك رفاهية إعادة التفكير في هذا الوقت.
أول stunt girl في مصر
- بالطبع تستخدمون وسائل أمان عالية لعدم تعرضكم للخطر؟
لا بد من ذلك بالطبع، فهناك أشياء مختلفة آمنة يتم ارتداؤها وتختلف من مشهد لآخر حسب طبيعة المشهد، وهناك بذلات آمنة للجسد بالكامل، وحتى لو المشاهد التي سيتم تصويرها مشاهد ليست على درجة كبيرة من الخطورة، ولكن لابد أن يكون مؤديها مؤمّناً عليه بشكل جيد حتى لا يتعرض لأي أذى.
- وهل تمارسين أي تمارين أو رياضات للمحافظة على لياقتك ومساعدتك في تأدية تلك المشاهد الصعبة؟
في البداية لم أكن أؤدي أي نوع من التمارين أو الرياضات، ولكن بعدها بفترة بدأت في ممارسة رياضة الباركور، وهذه الرياضة هي الرياضة الأساسية التي نحتاجها في عملنا، بحيث تساعدنا على الجري والتحرك بسرعة، بالإضافة إلى ضرورة وجود ليونة في الجسد، وأن يكون الشخص جسده قوياً ولديه القدرة على تحمل التصوير، فمن الممكن أن تستمر في الجري وتأدية المشاهد الصعبة لفترة من الوقت، ولابد أن يكون الجسد قوياً بحيث يتحمل ذلك؛ لأن الأمر به تعب ومجهود كبير.