نيويورك.
Friday, Nov. 9, 2018
في الوقت الذي يعقد فيه اليوم الجمعة في موسكو لقاء بين أطراف المعادلة الافغانية بما فيهم حركة طالبان تحت رعاية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف, يتواجد السيد زلماي خليل زاد المبعوث الامريكي الخاص من أجل إحلال السلام في افغانستان في كابول لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع الاطراف المعنية لدفع عملية السلام وإنهاء الحرب.
يعود الروس الى المسرح الافغاني بقوة وعلانية بعد قرابة 30 عاما على انسحابهم المهين من أفغانستان بعد احتلال دام عقدا من الزمان. وقد اكد السيد لافروف وزير الخارجية الروسي حرص بلاده على تماسك و وحدة افغانستان و على ان تعيش كل المجموعات العرقية في هذا البلد جنبا الى جنب في سلام.
يمثل وفد طالبان في محادثات موسكو 5 اعضاء و 4 اعضاء من المجلس الأعلى لإحلال السلام في أفغانستان وهو الجهة الحكومية الافغانية الموكل اليها متابعة عملية إحلال السلام في افغانستان.
و رغم ان هناك مندوب من السفارة الامريكية في موسكو قد حضر اللقاء بصفة مراقب, إلا أن الادارة الامريكية تبدو ممتعضة من محاولة الروس لعب دور كبير في افغانستان.
ويبدو الإمتعاض – أو عدم الرضا الامريكي – واضحا في موقفين: الأول: عدم إرسال مندوب امريكي رفيع المستوى الى محادثات موسكو التي تشرف عليها روسيا.
والثاني: قيام الولايات المتحدة بإرسال السفير زلماى خليل زاد الى كابول والسفيرة أليس ويلز, نائب رئيس مكتب وسط وجنوب آسيا في الخارجية الأمريكية الى باكستان في اتجاه مواز للمحادثات الروسية في محاولات أمريكية حثيثة لإحلال السلام في أفغانستان و إنهاء حالة الحرب.
الولايات المتحدة لم تشارك في محادثات موسكو ولم تنتظر ما يمكن أن تسفر عنه, بل شرعت في محادثات تحت رعايتها موازية لمحادثات موسكو و في نفس التوقيت. حيث صرحت الخارجية الامريكية أمس الاربعاء في إصدار صحفي عن عودة السفير زلماي خليل زاد الى القيام بجولة من اجل إحلال السلام في افغانستان. تشمل الزيارة الامارات وقطر و افغانستان وباكستان و تستمر عشرة ايام.
الجدير بالذكر ان السيدة ويلز قد زارت افغانستان وباكستان في يوليو الماضي كما إلتقى السيد خليل زاد مندوبين عن حركة طالبان في الدوحة في اكتوبر الماضي.
الشيء الذي يدعو للدهشة حقا انه في ذات الوقت الذي تتكالب فيه القوى العظمى على لقاء مندوبين عن حركة طالبان, لم تتوقف الحركة عن تصعيد عملياتها الارهابية في افغانستان ضد قوات الجيش والشرطة الموالية للحكومة في كابول, كان آخر تلك العمليات هجوم تم اليوم الجمعة 9 نوفمبر على مواقع للشرطة والجيش أسفر عن 17 قتيلا.
لم تعد الولايات المتحدة تشترط على الحركة وقف عملياتها الارهابية للبدء فى مباحثات سلام مباشرة و لم تعد روسيا تكثرت لمثل هذه العمليات للتفاوض المباشر مع طالبان بقدر ما يقلقها وجود جماعات ارهابية غير طالبان على الأراض الأفغانية يمكن لأفرادها أن يشكلوا خطرا على الأمن في الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة المتاخمة للحدود الأفغانية والروسية مثل جمهورية أوزبكستان و توركمانستان و طاجيكستان و هو ما يعد نجاح للحركة التي أثبتت أنها رقم صعب في أى تسوية سلمية في أفغانستان.
في 28 سبتمبر الماضي سألت السفيرة الأمريكية أليس ويلز عن جدوي المفاوضات مع طالبان في الوقت الذى تصعد فيه طالبان من هجماتها الارهابية واليكم نص السؤال والاجابة والفيديو:
سؤال: حاتم الجمسي: ألا تعتقدي أن تصاعد الهجمات الإرهابية لطالبان في الآونة الأخيرة قد أثار شكوكاً بشأن رغبتهم في المشاركة في أي عملية سياسية في أفغانستان؟
السفيرة أليس ويلز: “أعتقد أن الأحداث الأخيرة ، على سبيل المثال ، في غزني أظهرت أن طالبان لا تستطيع كسب هذه الحرب عسكريا. يمكن أن يخلقوا – يمكن أن يوقعوا العنف ، يمكن أن يقتلوا المدنيين ، يمكنهم خلق مستوى معين من الفوضى المؤقتة ، لكنهم لا يستطيعون الاحتفاظ بالأرض ويتم ضربهم مرة أخرى. ولذا أعتقد أن الدرس الأساسي للعنف هو أنه لا يمكن كسب هذه الحرب عسكريًا ، وأن الولايات المتحدة وبعثة الدعم القوية وكل الشركاء الـ41 الذين يدعمون حكومة أفغانستان لن يسمحوا لطالبان بالحصول على نصر عسكري. وهكذا – مع ذلك كخلفية – يصبح السلام ضرورة. لذا لا ، أنا لا أستنتج نفس النتيجة. أعتقد أنه في فترة – قبل أن تكون هناك مفاوضات حقيقية – سيحدث الكلام والقتال. لكن ما تمكنا من إظهاره لحركة طالبان هو أننا سريعون وسنستجيب للتغيرات في أساليب طالبان وسنستمر في ممارسة ضغوط هائلة عليهم عسكريًا إذا لم يكونوا مستعدين للقدوم إلى طاولة المفاوضات.”
لقد إحتكرت الولايات المتحدة كل أوراق اللعبة في افغانستان على مدى 18 عاما دون تقدم يذكر. لم تستطع الولايات المتحدة القضاء على طالبان عسكريا كما لم تستطع اخضاعها سلميا, فهل يستطيع الروس ان ينجحوا فيما فشلت فيه الولايات المتحدة و أن تتم وضع حد للإقتتال الدائر أفغانستان؟
حاتم الجمسي,
نيويورك