قال موقع Defense News الأميركي المتخصص في مجال التسليح، إن مصر تسير وبخطى ثابتة في تحقيق الاكتفاء المحلي من تصنيع المعدات العسكرية، ثم بعد ذلك ستتجه للتصدير خارجياً، بعد عدة اتفاقيات وقَّعتها مع دول كبرى في هذا المجال، لكن ستظل هناك معضلة: غضب أميركا من التقارب المصري الروسي.
وبحسب الموقع الأميركي، فبعد أربع سنوات من تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مسؤولية إدارة البلاد، ازدهرت عشرات الشركات التي تملكها القوات المسلحة، وشهد الجيش تقدُّماً عسكرياً سريعاً، مما يعكس الجهود المصرية الرامية إلى إعادة هيبة القوات المسلحة.
ولتعزيز هذا التقدُّم، شدَّد السيسي في يوليو/تموز الماضي، على أهمية مواصلة تطوير الشركات والمصانع التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، إضافةً إلى تعزيز الصناعة الوطنية، وتصدير فائض الإنتاج، وتطوير المنتجات العسكرية لتغطية احتياجات القوات المسلحة. كذلك أكَّدَ على الحاجة إلى تعزيز التعاون بين الوزارة والشركات العالمية الكبرى، للحصول على التكنولوجيا الحديثة ودعم الابتكار المحلي.
وأضاف الموقع بافتراض نجاح خطط السيسي، يمكن لمصر توسيع قاعدتها الصناعية العسكرية لتتجاوز المُتَطَلَّبات المحلية نحو المنافسة على المستوى العالمي.
تعاون عسكري كبير بين مصر وعدة دول
وبلغ التعاون العسكري التقني بين مصر وبلدانٍ أخرى، في المقام الأول، روسيا والصين والولايات المتحدة (لدى روسيا والصين مصلحة في إزاحة تأثير الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط)، مستوىً غير مسبوق على مدار العامين الماضيين، وفقاً لما قاله محمد الكناني، باحث في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية.
وأضاف الكناني: «تشهد هذه الفترة عدداً من الزيارات واللقاءات المتكررة بين وزير الإنتاج الحربي، محمد العصار، وعدد من وزراء الدفاع والسفراء ورؤساء شركات الدفاع الدولية».
تُرجِمَت تلك العلاقات القوية إلى تعاونٍ على المستوى العالمي، حسبما أوضح أحمد كامل البحيري، الخبير في قضايا الأمن الإقليمية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية.
وتابَع: «يتجلى ذلك في نقل الخبرات مع الروس في مجال أنظمة الدفاع الجوي، وألمانيا في مجال التصنيع البحري والأسلحة الخفيفة، والصين من خلال المركبات الجوية بلا طيار وتكنولوجياتها التكميلية».
وفيما يتعلق بالإنتاج المحلي المحتمل، أشار البحيري إلى أن مصر تعكف حالياً على وضع استراتيجية لزيادة القدرات «من خلال تعاون مشترك مع الشركات الدولية لنقل التكنولوجيات المادية وغير المادية، وتوطينها في ترسانة القوات العسكرية، خاصة تلك المعنية بمجال صواريخ الدفاع الجوي».
وأردف: «بالإضافة إلى ذلك، يُعد تصنيع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة مجالاً حيوياً للمصريين في الوقت الحاضر».
وفيما يتعلق بتصدير بعض الأسلحة المحتملة، يرى البحيري إمكانية تحقيق ذلك في المستقبل القريب، لا سيما أن «مصر بدأت بالفعل في تصدير بعض أنواع الأسلحة إلى الدول الإفريقية والعربية مثل العراق».
التفكير في إنشاء مجمع دفاعي لإنتاج العربات المدرعة
وبحسب الموقع الأميركي، لا تتطلَّع مصر إلى عقد شراكات مع الدول الكبرى فقط، إذ أشار الكناني إلى محادثاتٍ جمعت بين شركة Paramount Group في جنوب إفريقيا والحكومة المصرية منذ عدة أشهر، مع التركيز على توسيع «قدرات التصنيع العسكرية في مصر، وتعزيز وضعها كجهةٍ تصدير للأسلحة إلى العديد من الدول الإفريقية».
قد تشمل تلك الجهود إنشاء مجمع دفاعي لإنتاج معدات عسكرية مختلفة، بما فيها العربات المُدرَّعة.
لكن الصين وروسيا تلوحان في الأفق بقوة، لا سيما أن السياسات في السنوات القليلة الماضية أدت إلى إحداث شرخ في العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
ووفقاً لأحد المصادر الصناعية، الذي تحدَّث إلى موقع Defense News شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن الصناعة الأميركية تفقد سيطرتها على مبيعات الأسلحة إلى مصر.
وقال المصدر للموقع الأميركي: «تدرك واشنطن أن مصر شريكٌ مهم من الناحية الاستراتيجية، وهي أيضاً عميلٌ كبير في سوق الأسلحة الأميركية. لذا يمكننا افتراض وجود تخوُّف أميركي واضح من وقوع المصريين في أحضان الأسلحة الروسية والصينية. فقد تمكَّنت موسكو من تعزيز مكانتها كقوةٍ كبرى في سوريا، ونجحت في استقطاب تركيا إلى صفّها، وبالتالي لن تسمح واشنطن لمصر بالانسحاب تجاه موسكو، وتكرار التجربة التركية بالخروج من الهاوية الأميركية».
لكن الكناني مقتنعٌ أن العلاقة الصناعية بين مصر والولايات المتحدة «سليمة».
واختتم حديثه قائلاً: «في واقع الأمر، هناك 36 شركة دفاع أميركية تشارك في معرض الأنظمة الدفاعية في مصر لعام 2018، المقام الشهر القادم ديسمبر/كانون الأول. إذا كان هناك أيُّ نوعٍ من التأثير السلبي على علاقتهم، لما شهدنا هذا التمثيل الأميركي الهائل».