انعقد الاجتماع الثاني لمجموعة العمل المعنية ببناء قدرات منطقة دول شرق أفريقيا المُنبثقة عن المُنتدى العالمي لمُكافحة الإرهاب (GCTF) بالعاصمة الكينية بنيروبي في الفترة من 20 إلي 22 فبراير الجاري، وذلك تحت رئاسة مصر المشتركة مع الاتحاد الأوروبي. وقد شارك في الاجتماع كبار المسؤولين المعنيين بمُكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ومُكافحة تمويل الإرهاب بدول مجموعة شرق أفريقيا، إضافة إلى مُمثلين عن الاتحاد الأوروبي وأعضاء المُنتدى العالمي لمُكافحة الإرهاب من الدول العربية والأوروبية والآسيوية والولايات المتحدة وروسيا والصين وكندا واستراليا وسويسرا، إلى جانب مُمثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وتجمع الإيجاد، وعدد من المراكز البحثية، من بينها مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، وبعض المنظمات المعنية بقضايا مُكافحة الإرهاب في أفريقيا.
تم خلال الاجتماع استعراض التجارب الوطنية وما حققته الدول أعضاء المجموعة من تقدم في مجال مكافحة الإرهاب منذ الاجتماع الأول المُنعقد بالقاهرة في أبريل 2018، فضلاً عن مُناقشة موضوعين رئيسين؛ الأول يتعلق بالتصدي لاستخدام الإنترنت لأغراض إرهابية، والثاني بعنوان نحو مُقترب شامل لمُكافحة التطرف. كما عُقد على هامش الاجتماع ورشة عمل نظمَّها الاتحاد الأوروبي حول “بناء القدرات في مجال إنفاذ القانون في مُواجهة الإرهاب في شرق أفريقيا وتعزيز تبادل المعلومات القائمة على الأدلة عبر الحدود”.
وخلال الكلمة الافتتاحية للاجتماعات، أكد الوزير المفوض/ إيهاب فهمي نائب مساعد وزير الخارجية مدير وحدة مُكافحة الإرهاب الدولي أن تنامي خطر الإرهاب يتطلب تضافر الجهود فيما بين الدول الأعضاء وكذلك تعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية للتصدي لتلك الظاهرة العالمية التي تُمثل تهديداً للسلم والأمن الدولي من منظور شامل ومُتكامل. كما استعرض رؤية مصر وركائز مُقاربتها الشاملة لمُجابهة الإرهاب والتطرف، والقائمة على ضرورة المُواجهة الشاملة لكافة التنظيمات الإرهابية دون تمييز في ضوء وِحدة المظلة الفِكرية التي تجمعها لانبثاقها من مصدر أيديولوچي واحد هو جماعة “الإخوان” الإرهابية، مُشدداً على أن الأمر يستلزم إيلاء المُجتمع الدولي اهتماماً أكبر بمُجابهة الجذور الأيديولوجية التكفيرية التحريضية المُسببة للإرهاب والتطرف باعتبارها لُب القضية والمُحفز الرئيسي لاستقطاب وتجنيد عناصر إرهابية جديدة خاصةً من الشباب بغرض هدم مُؤسسات الدولة الوطنية. وأضاف أنه حان الوقت لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2354 لعام 2017 بشان الخطاب الإرهابي، مُبرزاً الحاجة إلي تنسيق الجهود لمنع استخدام التنظيمات الإرهابية والداعمين لها لوسائل الاتصال الحديثة ولبعض المنصات الإعلامية لأغراض الإرهاب، ولنشر الفكر المُتطرف التحريضي، فضلاً عن تكثيف التعاون الإقليمي والدولي من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهاب والتصدي للأساليب المُستحدثة مثل العملات الافتراضية، والحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، ومُحاسبة كل من يُسهم في العمل الإرهابي، سواء كان بالتخطيط له أو تمويله، أو من خلال توفير السلاح والتدريب والغطاء السياسي والمنابر الإعلامية التحريضية أو الملاذ الآمن لعناصره.
كما أشار نائب مساعد وزير الخارجية إلى مُبادرة السيد الرئيس “عبد الفتاح السيسي” بشأن تجديد وتقويم الخطاب الديني، مُنوهاً بالدور المُهم الذي تضطلع به مُؤسسة “الأزهر الشريف”، وكذلك بجهود “مرصدي الأزهر والإفتاء” لدحض التفسيرات المُنحرفة والمغلوطة التي تُروجُ لها التنظيمات الإرهابية، مع صياغة خطاب مُضاد يستند إلى القيم الحقيقية للإسلام والفهم السليم لصحيح الدين، مُؤكداً مُواصلة مصر لجهودها الحثيثة من أجل إجتثاث جذور الإرهاب والتطرف، والدور الرائد الذي تضطلع به لدعم أشقائها في دول القارة الأفريقية في هذا الخصوص بما تمتلكه من أدوات متنوعة ومراكز للتميز مثل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، بالإضافة إلى الدور المُنتظر أن يقوم به كل من مركز “س.ص” لمُكافحة الإرهاب ومركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات اللذين تستضيفهما القاهرة، مُبرزاً تنامي هذا الدور خاصة في ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي.
تجدر الإشارة إلى أن مصر كانت من الدول المؤسسة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والذي يعد إطاراً متعدد الأطراف يركز على تعزيز جهود التعاون الدولي في موضوعات مكافحة الإرهاب ومحاولة تحديد الاحتياجات الفنية للدول مع العمل على حشد الموارد الضرورية لتلبية هذه الاحتياجات، وذلك في إطار اعتماد نهج استراتيجي بعيد المدى. ويضم المنتدى خمس مجموعات عمل من بينها مجموعة عمل دعم القدرات لمكافحة الاٍرهاب في دول شرق أفريقيا التي تترأسها مصر منذ سبتمبر ٢٠١٧.