أصبحت «الماريجوانا» قضية انتخابية في إسرائيل الآن، إذ بدا أن حزباً يمينياً متطرفاً جديداً يؤيد إباحة هذا المخدر، يجتذب أصوات الناخبين على حساب رئيس الوزراء المحافظ بنيامين نتنياهو.
إذ كانت استطلاعات الرأي قد أظهرت أن حزب «زيهوت» لن يفوز حتى بمقعد واحد في البرلمان بالانتخابات المقررة يوم التاسع من أبريل/نيسان 2019. لكن تركيز زعيمه القومي المتطرف على منع تجريم «القنب الهندي» أو الماريجوانا، وجد صدى بين الناخبين.
وأظهرت استطلاعات رأي، هذا الأسبوع، أن حزب «زيهوت» يمكن أن يحصل على 4 مقاعد على الأقل في المجلس التشريعي، الذي يضم 120 مقعداً، وهو ما يعطيه دوراً محتملاً في تشكيل حكومة ائتلافية بالمستقبل.
وتقول صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن شعبية زعيم الحزب، موشيه فيجلين، باتت ترتفع مؤخراً بشكل كبير وغير مسبوق؛ وذلك بعد أن جعل تشريع الماريجوانا أساساً من أجندته، كما أنه بات يستخدم في دعايته الانتخابية أشهر المروجين والمدافعين الإسرائيليين عن تعاطي الماريجوانا، وبات يحظى بدعم مشاهير أيضاً، كالممثل الكوميدي الإسرائيلي والناشط الداعي لشرعنة الماريجوانا غادي ولتشركي.
يقدم الحزب الصاعد خطة واسعة «لإنهاء اضطهاد مستخدمي القنب»، وعدم مقاضاتهم أو سجنهم أو تغريمهم، من خلال تشريع القنب كاملاً وبشكل ومنظم، وأن يعامَل قانونياً مثله مثل الكحول في البيع والاستخدام.
ربع الإسرائيليين يدخنونها.. ونتنياهو يدرس إباحتها
ويبدو أن الالتفاف الشعبي الذي بات يزداد حول حزب «زيهوت» بسبب الماريجوانا، قد أغرى نتنياهو أيضاً، إذ يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي عادةً ما تتركز حملته على تحديات الأمن الوطني، إنه يدرس إباحة الماريجوانا والحشيش.
ورداً على سؤال عن إباحة القنب وجَّهته قناة تلفزيونية يديرها حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه، قال نتنياهو: «لم أدرس المسألة التي تطرحها، سأعطيك رداً قريباً».
وأضاف نتنياهو أن إسرائيل زادت من استخدام القنب لأغراض طبية «إلى واحد من أعلى المستويات في العالم»، بحيث بات يُسمح للأطباء بوصف المخدر للمرضى.
وكان استطلاع إسرائيلى للرأي أجرته الجمعية الإسرائيلية لـ «الماريجوانا» قبل عامين، كشف أن معظم الإسرائيليين يعارضون فكرة تجريم المواطنين الذين يدخنون الماريجوانا، موضحاً أن واحداً من بين كل 4 إسرائيليين يدخنون الماريجوانا.
وكشف الاستطلاع أن نسبة المعترضين على اتخاذ إجراءات جنائية ضد المواطن الذي يتعاطى الماريجوانا، تزايدت بضعفين عن نسبة الداعمين لتلك الإجراءات، موضحاً أيضاً أن 58% من الإسرائيليين يعارضون اتخاذ إجراءات جنائية بحق متعاطي الماريجوانا، مقابل 31% فقط يدعمون ذلك.
وفي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة بين حزب الليكود وائتلاف «أزرق أبيض» الوسطي الذي لم يحسم موقفه من قضية إباحة استخدام الماريجوانا، انضم آفي جاباي، زعيم حزب العمل الإسرائيلي الذي يمثل تيار يسار الوسطـ، إلى الجدل الدائر بشأن المخدر، قائلاً لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه شخصياً دخَّن الماريجوانا، وإن الوقت حان «للمصارحة والعيش بواقعية»، وذلك تمشياً مع التساهل الغربي تجاه استخدام المخدر.
قضية تشريع «الماريجوانا» تحظى بأهمية كبيرة بين الإسرائيليين
إلى ذلك، تُعتبر إسرائيل دولة غير متسامحة تقليدياً مع أي استخدام للمخدرات من أي نوع، إذ إن الاعتراف بتعاطي المخدرات من شأنه أن يحرم شاباً إسرائيلياً من التجنيد الإلزامي بالجيش، أو يحرم موظفاً حكومياً من وظيفته.
ويخضع استخدام المخدر للترفيه لطائلة العقوبات القانونية، وإن كان القانون لا يطبَّق باستمرار. ويقول موقع المصدر الإسرئيلي إن تجريم الماريجوانا في إسرائيل أمر يُحدث ضجة كبيرة بين المواطنين باستمرار، إذ يدافع مشاهير وناشطون وفنانون عن تعاطي الماريجوانا، كما كان عدد من مقدمي البرامج قد أعربوا عن رأيهم المناهض لتجريم المادة المخدرة.
ويقول الموقع إن الأسباب التي تحتم تشريع الماريجوانا قانونياً في إسرائيل هي أن أضرارها تقل بكثير عن أضرار المشروبات الكحولية والسجائر العادية، وأن الفوائد التي يتضمنها التشريع، الذي بدأ بالفعل في كثير من الأماكن بالعالم، بدأت تخلف آثاراً إيجابية على الاقتصاد في تلك الأماكن.
ويضيف الموقع أن من شأن تحويل بيع الماريجوانا للاستعمال الشخصي إلى قانوني، أن يُدخل الملايين إلى خزينة الدولة، وأن يخفف من وطأة الضرائب على المواطنين، كما أنه سيعمل على استعادة الثقة بالحكومة والشرطة والنظام القضائي.
إسرائيل تسعى إلى الاستثمار بقوة في سوق الماريجوانا
وكان الكنيست الإسرائيلي قد أقر في ديسمبر/كانون الأول 2018، تصدير القنب العلاجي، وهو مجال تفيد تقديرات وزارتي المالية والصحة بأن الدولة قد تجني من ورائه ضرائب تصل قيمتها إلى 265 مليون دولار سنوياً. وهناك 8 شركات تزرع القنب في إسرائيل.
وقفز سهم شركة تيفين التي تنتج القنب العلاجي، بنسبة 13%، في حين صعدت أسهم شركات أخرى منتجة للقنب في إسرائيل، بما بين 2.6 و7% في بورصة تل أبيب بعد تصريحات نتنياهو.
العام الماضي (2018)، قدمت أكثر من 500 شركة إسرائيلية طلبات للحصول على تراخيص لزراعة وتصنيع وتصدير منتجات القنب، وذلك لعلاقتها ببراءات اختراع إسرائيلية على صلة بالماريجوانا الطبية.
وتجتذب إسرائيل، الرائدة في مجال الأبحاث على استخدامات نبتة الماريجوانا، استثمارات دولية مع سعيها للتحول إلى مُصدّر متطور في السوق المتنامية للقنب المستخدم لأغراض طبية. وفي ظل تقديرات بأن السوق العالمية للماريجوانا الطبية قد تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2025، فإن الحكومة الإسرائيلية بصدد السماح للصناعة المحلية ببدء التصدير، مع توقعاتها بإيرادات سنوية تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
وعلى النقيض من الولايات المتحدة، وهي حالياً أكبر سوق للماريجوانا المقننة، فإن السلطات في إسرائيل تقدم دعماً غير محدود للأبحاث والتطوير. ويعمل مزارعو الماريجوانا المرخصون مع المؤسسات العلمية في تجارب سريرية، بهدف تطوير سلالات من القنب تعالج أنواعاً مختلفة من الأمراض والاضطرابات.