كتب منفذ هجوم نيوزيلندا الإرهابي على فوهة السلاح الذي نفذ به العملية التي سقط ضحيتها 49 قتيلاً في مدينة كرايست تشيرش، اسم شارل مارتيل.
وكان الاسم ضمن مجموعة أسماء ورموز تاريخية أخرى كتبها على السلاح، وأدرجها في بيان نشره خلال ساعات من التنفيذ، قال فيه إنها شخصيات أثرت فيه واعتبرها قدوة له.. لكن من هو شارل مارتل؟
وُلد مارتيل عام 686م في فرانكا، إحدى الممالك المسيحية التي كادت تخرج من رماد الإمبراطورية الرومانية، والدولة السابقة لفرنسا وألمانيا الحديثة.
في 22 أكتوبر/تشرين الأول من عام 741م، مات بعدما اعتبره كثير من المؤرخين أحد مؤسسي أوروبا الحديثة ومنقذها أيضاً، كان شارل محارباً ورجل دولة ضليعاً، حتى أطلق عليه «المطرقة».
القضاء على المعارضة الداخلية
على الرغم من التوحيد تحت حكم بيبان، انقسم الفرنجة إلى شقين: مملكة أوستراسيا الشمالية الشرقية، ومملكة نيوستريا التي تقترب أكثر من الجنوب، وكان نبلاء مدينة كولونيا الألمانية في أوستراسيا متعاطفين مع شارل، وبعد هروبه المثير من السجن التقاهم وأعلنوه عمدة أوستراسيا.
كان لشارل غريم في نيوستريا يُدعى راجنفريد، أعلن نفسه عمدةً عن طريق الملك الخاضع له شيلبيرك الثاني، وسار بالجيش لملاقاة شارل في أوستراسيا. سمح شارل لجيش راجنفريد بمحاصرة مدينة كولونيا والسيطرة عليها، ثم اتضح أنه كان يتظاهر بالانهزام، وحطم قواتهم بمعركة نهر أمبلف، في وقت لم يتوقعوه على الإطلاق.
كان شارل يدرب جنود أستراسيا بنفسه، وكان تنظيمهم وخطتهم والتقهقر الزائف والكمين الذي نصبوه للجيش المُعادي، كلها أمور ثورية في أوروبا ذلك الوقت، ومن حينها لم يخسر شارل أي معركة طوال سيرته العسكرية.
تقدُّم الإسلام
بعد أن أرسى شارل، الذي أصبح معروفاً باسم «المطرقة»، قواعد حكمه وأمَّن مملكته، وجَّه جهوده للشؤون الخارجية. أمَّن حدود مملكته التي أصبحت الآن هولندا، قبل أن يرد غزوات الساكسونيين، ويفتح ما يُعرف الآن بجنوب ألمانيا.
أصبحت سلطة مارتيل حينها راسخة، لدرجة أنه كان يعين ملوك الفرنجة بمرسوم منه، وفي نهاية حكمه قرر أنهم ليسوا بحاجة إلى ملك، وتوقف عن تعيينهم.
في أوروبا كانت سلطة الفرنجة تتوسع وتكتسب احتراماً، لكنها لم تكن تحقق أي نجاح مقارنة بالتقدم الإسلامي في القرن الأخير. فمنذ وفاة الرسول محمد في عام 632 ميلادياً، امتد الإسلام من الهند إلى جنوب فرنسا، وقبل عشرينيات القرن الثامن كان يهدد مملكة مارتيل بصورة مباشرة.
في الجنوب من الفرنجة كانت تقع دوقية أقطانيا شبه المستقلة، وفي عام 732م غزاها وسحقها الجيش الإسلامي بقيادة عبد الرحمن الغافقي.
وهرب أودو، دوق أقطانيا، شمالاً طالباً مساعدة مارتيل، الذي جمع ودرب جيشه قبل ملاقاة جيوش عبد الرحمن الأقوى بمدينة تور الفرنسية. وهناك، حقق مارتيل انتصاراً وقتل عبد الرحمن الغافقي والي الأندلس.
ومنذ ذلك الحين توقف زحف المسلمين في شمال أوروبا، ولم تكن هذه المعركة نهاية حملات مارتيل، فقد تبعتها بعض الحملات التي انتصر فيها.
نهاية «المطرقة«
كانت السنوات الأخيرة من عمر مارتيل بلا حروب، حيث فكّر في ميراثه ومن سيحكم من بعده. وقسّم مملكته بين أبنائه عام 740م، حتى مات في 22 أكتوبر/تشرين الأول عام 741م.
ولا تزال تطبَّق أساليبه الحربية بسلاح الفرسان في الحروب، على مدار مئات السنوات التي تبعت فترة حكمه.