اختتم الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” زيارته الرسمية الثانية للعاصمة الأمريكية واشنطن، في 10 أبريل 2019، عقد خلالها اجتماعًا ثنائيًا مع نظيره الأمريكي “دونالد ترامب”. وقد وصف الرئيسان المستوى الحالي في العلاقات الثنائية بالمتميز للغاية، كما عقد الرئيس “السيسي” عدة اجتماعات مع وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، وعدد من القيادات السياسية والاقتصادية بواشنطن. وقد حظيت تلك الزيارة باهتمام بالغ من قبل وسائل الإعلام الأمريكية، كما أنها جاءت وسط جملة من التطورات الإقليمية بالشرق الأوسط وبالداخل الأمريكي، ألقت بظلالها على تلك الزيارة التي اختتمت بتأكيد العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن.
سياقات متعددة:
حظيت زيارة الرئيس “السيسي” الأخيرة لواشنطن باهتمام كبير من قبل النخبة الامريكية ووسائل الاعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية، نظرا للسياقات المتعددة التي عقدت في ظلها تلك الزيارة، وحساسية التوقيت الذي يشهد تطورات إقليمية ودولية مختلفة.
*السياق الثنائي: أجرى وزير الخارجية المصري “سامح شكري” زيارة استمرت خمسة أيام للعاصمة الأمريكية واشنطن بدأت يوم 25 مارس 2019، عقد خلالها لقاءات عدة مع نظيره الأمريكي “مايك بومبيو”، وكان هذا اللقاء الثاني بين الوزيرين خلال شهرين، حيث قام “بومبيو” بجولة شرق أوسطية شملت مصر في يناير 2019. وقد اتفق الوزيران في واشنطن على ضرورة تكثيف التشاور السياسي وتبادل الزيارات الثنائية فيما بينهما خلال الفترة القادمة، وعقد الدورة القادمة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين في القاهرة، ومن المقرر أن تعقد في مايو 2019 . كما التقى “شكري” عددا كبيرا من أعضاء الكونجرس الأمريكي بمجلسيه (الشيوخ والنواب) لشرح الموقف المصري من التطورات المتصاعدة في الشأن العربي والإقليمي، لاسيما أن زيارة “شكري” جاءت بعد يوم واحد من إعلان “ترامب” الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية علي الجولان السورية المحتلة. كما مهد وأعد “شكري” لزيارة الرئيس “السيسي” لواشنطن التي تعد الزيارة الرسمية الثانية له فقد زارها للمرة الأولى في أبريل 2017، وعقد مع “ترامب” ست قمم منذ ذلك التاريخ، كان 4 منها في نيويورك علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يحرص الرئيس “السيسي” على المشاركة فيها.
*السياق الإقليمي: جاءت زيارة الرئيس “السيسي” لواشنطن وسط جملة من التطورات الإقليمية التي تتخذ منها القاهرة موقفًا واضحًا وحاسمًا مغايرًا في بعض الحالات للموقف الأمريكي. فقد رفضت القاهرة إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في 24 مارس 2019 الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة، كما نفت القاهرة أي معلومات لديها حول “صفقة القرن” التي تروج لها واشنطن لحل القضية الفلسطينية. وتزامنت الزيارة مع عدة تطورات إقليمية مهمة، لعل أبرزها عزل الرئيس “البشير” في السودان، واستقالة الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقه”، وبدء الجيش الليبي الوطني معركة تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة، ووقف تنفيذ اتفاق “الحديدة” في اليمن، مما يتطلب استمرار التنسيق والتشاور المصري- الأمريكي بأعلى مستوياته لبحث سبل إرساء الاستقرار بالشرق الأوسط رغم الخلاف بين مواقفهما.
*السياق الدولي: أصبح جليًا لباحثي العلاقات الدولية أن النظام الدولي الأحادي القطيبة المعتمد على واشنطن كشرطي للعالم آخذ في التبدل والتغير، حيث نجحت قوى كبرى في تعزيز نفوذها بالشرق الأوسط مقابل تقليص النفوذ الأمريكي. وقد أسهم في ذلك الرئيس “ترامب” الذي يتخذ شعار “أمريكا أولا” مبدأ له ويرفض التدخل المباشر لمصلحة حلفائه سياسيًا أو عسكريًا، بل إنه افتعل الأزمات مع حلفائه الأوروبيين والعرب للوفاء بوعوده الانتخابية، لاسيما أنه أعلن عن عزمه الترشح في الانتخابات الأمريكية الرئاسية المقبلة 2020، وحظوظه ترتفع كل يوم لينجح فيها، خاصة بعد الإعلان عن نتائج التحقيقات الأمريكية التي أكدت تبرئته من التواصل مع الحكومة الروسية خلال الحملة الانتخابية الأمريكية في 2016. وحال فوز “ترامب”، فإن نهجه في السياسة الخارجية سيستمر، مما سيكون له العديد من التداعيات الإقليمية والدولية. ولذا، فإنه يسعى لتعزيز تحالفاته مع دول إقليمية مستقرة كمصر ليحقق التوازن مع روسيا والصين اللتين نجحتا في تعزيز نفوذهما بالشرق الأوسط.
علاقات متميزة:
استمرت زيارة الرئيس “السيسي” لواشنطن يومي(9-10) عقد خلالها عدة لقاءات كما شهد عددا من الفاعليات لتعزيز التعاون المصري- الأمريكي.
*عهد جديد للتعاون الثنائي: كان لافتا تأكيد الرئيس “السيسي” ونظيره الأمريكي “ترامب”، خلال مؤتمرهما الصحفي بالبيت الأبيض يوم 9 أبريل 2019، أن العلاقات المصرية- الأمريكية تعد فى أفضل حالاتها منذ عقود طويلة، وثمن “ترامب” نجاح مصر في مكافحة الإرهاب، وأكد أنه “تقدم رائع”، كما دعا “ترامب” لضرورة تعظيم الأنشطة الاستثمارية للشركات الأمريكية فى مصر، وزيادة حجم التبادل التجارى، ووصف مصر “بالشريك التجاري الكبير للولايات المتحدة”، وأشاد “بالعمل العظيم” الذي يقوم به نظيره المصري، وقدم له الشكر على جهوده فى مجال التسامح الدينى. بدوره، أكد الرئيس “السيسى” أن الرئيس “ترامب” كان سبباً فى إحداث نقلة نوعية فى العلاقات بين البلدين، كما أكد أن مصر تعتز بعلاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر، لما فيه مصلحة الشعبين، ويسهم فى جهود استعادة الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، فى ضوء ما تتعرض له من اضطراب وتوتر غير مسبوق.
*تثمين جهود القيادة السياسية لدعم المرأة المصرية: استقبل الرئيس “السيسى” مستشارة الرئيس الأمريكي “إيفانكا ترامب” التي ثمنت جهود مصر لتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها فى الحياة العامة، ودعت لانخراط مصر في مبادرة أمريكية تقودها بعنوان “المبادرة العالمية للتمكين الاقتصادى للمرأة”، بغية قيام المجتمعات بدعم التمكين الاقتصادى للمرأة كمدخل لتحقيق السلام المجتمعى وتعزيز الرخاء الاقتصادي. وتحرص واشنطن على التنسيق مع مصر في تلك المبادرة بوصفها رئيس الاتحاد الإفريقي لعام 2019.
*لقاءات متعددة: عقد الرئيس “السيسي” عدة لقاءات بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حيث استقبل وزير الخارجية “مايك بومبيو” الذي أعرب عن تطلع واشنطن لتكثيف التنسيق المشترك مع مصر حول قضايا الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الثقل السياسي المصري في محيطها الإقليمي، مشيداً في هذا السياق بالجهود التي تبذلها مصر لدعم مساعي التوصل إلى حلول سياسية للأزمات القائمة. كما استقبل “جاريد كوشنر”، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، للتشاور حول تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط؛ حيث أكد “كوشنر” الأهمية البالغة التي توليها بلاده للتشاور مع مصر في هذا الإطار، باعتبارها مركز ثقل لمنطقة الشرق الأوسط، ولما لديها من خبرات طويلة ومتراكمة في التعامل مع كافة الأطراف المعنية في هذا الشأن. كما لبى الرئيس “السيسي” دعوة الغرفة التجارية الأمريكية لحضور الاحتفال بمناسبة مرور 40 عاما على إنشاء مجلس الأعمال المصرى- الأمريكى، ودعا خلاله لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
كما استقبل الرئيس “السيسي” المدير العام لصندوق النقد الدولي”كريستين لاجارد” بمقر إقامتها بواشنطن، والتي أشادت بدورها بنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري منذ بدء تنفيذه.
قضايا الخلاف والتوافق:
التوافق والرغبة المصرية- الأمريكية المشتركة التي يدعمها الرئيسان السيسي وترامب لتعزيز التعاون الثنائي عبر استئناف الحوار الاستراتيجي وصيغة (2+2)، وهي اجتماعات سنوية تضم وزيرى الخارجية والدفاع للبلدين لتعزيز التعاون والتنسيق بمختلف المجالات بينهما- يؤكد وجود قضايا توافقية بين القاهرة وواشنطن، وكذلك لا ينفي وجود قضايا خلافية بينهما.
*قضايا توافقية: لعل أبرزها وأهمها مكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمى والدولى عبر تعزيز التعاون الأمنى والاستخباراتى بين القاهرة وواشنطن، ونقل التجربة المصرية الناجحة بكافة المقاييس، حيث نجحت القاهرة في محاربة الإرهاب بجهود مصرية ذاتية. ففي 2014، شهدت البلاد 222 عملية إرهابية. وفى عام 2018، شهدت 8 عمليات إرهابية فقط. ويكتسب التعاون المصري الامريكي في مجال مكافحة الارهابية أهمية بالغة. فرغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، يوم 22 مارس 2019، السيطرة التامة على قرية “الباغوز” شرق سوريا المعقل الأخير لتنظيم “داعش” الإرهابي، فإن هذا لا يعني القضاء التام على التنظيم الإرهابي، حيث إن عددا كبيرا من عناصره نجحوا في التخفي والتسلل لدول الجوار بين النازحين واللاجئين، مما يمثل تهديدا للأمن القومي العربي، كما أن واشنطن قد تراجعت عن موقفها السابق بسحب كافة قواتها من شمال شرق سوريا، وقررت الإبقاء على 400 جندي هناك لحفظ الأمن بعد القضاء على “داعش”، مما يتطلب استمرار التنسيق الأمني بين واشنطن والدول الرئيسية بالمنطقة كمصر لاستمرار التعاون بينهما في محاربة الإرهاب.
ثاني تلك القضايا هى إرساء الاستقراربالمنطقة التي تشهد أزمات وحروبا أهلية منذ 8 سنوات عبر الاعتماد علي الحلول السياسية وقرارات الامم المتحدة. ثالثا: دعم الدولة الوطنية والجيوش الوطنية، ورفض الاعتراف بأي فواعل من غير الدول (كالتنظيمات الارهابية، والميليشيات المسلحة). وهذا النهج تتبعه إدارة “ترامب” بعكس الإدارة السابقة التي كانت تقدم دعما واضحا للتنظيمات الإرهابية (كجماعة الاخوان المسلمين)، فضلا عن التوافق حول تعزيز التعاون الاقتصادي،والتعددية الدينية، وحرية العبادة.
*قضايا خلافية: لعل أبرزها هو الرفض المصري الواضح والحاسم للسياسة الأمريكية منالقضية الفلسطينية، حيث نفت القاهرة معرفتها بما يروج له على أنه “صفقة القرن”، وأكدت دوما حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفقا للمرجعيات الدولية، كما رفضت القاهرة وأدانت اعتراف “ترامب” بالسيادة الاسرائيلية علىهضبة الجولان السورية المحتلة، لأنه يمثل تجاوزًا لمبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة الذي يقوم على “عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة”، كما أنه يمثل انتهاكا للقرار الأممي (242) الذي نص على انسحاب إسرائيل من أراضٍ احتلتها بعد حرب عام 1967. ونص البند الأول فيه على تأكيد مجلس الأمن عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل لكل دولة في المنطقة، وكذلك الوضع بالنسبة لمزارع شبعا وقرية الغجر اللبنانية المحتلة من قبل تل أبيب. كما تتزامن الزيارة مع تقارير إخبارية عن انسحاب القاهرة من “الناتو العربي” الذي تسعى واشنطن لتدشينه لتقليص النفوذ الإيراني بالمنطقة.
كما تشمل بعض القضايا الخلافية مجالات التعاون الثنائي، فلا تزال واشنطن ترفض إقامة منطقة حرة مع القاهرة، ويسعى بعض أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي لربط برنامج المساعدات العسكرية والإقتصادية الأمريكية السنوي المقدم لمصر(1.3 مليار دولار) بشروط سياسية تتعلق بحقوق الإنسان أو الحريات الدينية، وهو ما ترفضه مصر جملة وتفصيلًا.
وقبل بدء الزيارة، ألمح وزير الخارجية الامريكي “مايك بومبيو” في جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المختصة بميزانية عام 2020 أن بلاده ربما تلجأ لفرض عقوبات علي دول حليفة لها (تركيا، والهند، ومصر) حال قررت شراء منظومات أسلحة روسية متقدمة، وتم سؤاله عن عزم القاهرة شراء 20 طائرة مقاتلة من طراز (سوخوي 35) الروسية الصنع يتم توريدها عامي (2020-2021) وألمح إلى أنه ربما يتم فرض عقوبات على مصر لوقف تلك الصفقة. بيد أن أعضاء بالإدارة الأمريكية نفوا أن تكون هناك أي عقوبات تفرض على دولة ترغب في تطوير ترسانتها المسلحة. ورغم تلك القضايا الخلافية، فإن القاهرة وواشنطن تحرصان على استمرار التعاون والتنسيق بينهما، وهو ما أكده “بومبيو” خلال جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ، وأقرت الجلسة منح مصر المساعدات العسكرية والاقتصادية السنوية لعام 2020.
دلالات متعددة:
*تباين أمريكي: المتابع للعلاقات المصرية- الأمريكية منذ عام 2017، وبعد تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” منصبه، يجد أنها شهدت نقلة نوعية، كان أحد عواملها الصداقة الشخصية التي نمت بين الرئيس “السيسي – ترامب” منذ لقائهما الأول عندما كان الأخير لا يزال مرشحا للحزب الجمهوري في سبتمبر 2016 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لاسيما أن “ترامب” يقيم علاقات بلاده الخارجية وفق التوافق الشخصي بينه وبين قادة الدول الأخرى. وقد برزت تلك الصداقة المميزة من خلال ترحيبه بالرئيس “السيسي” على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به “تويتر”. بيد أن هذا الموقف لا يشمل سائر المؤسسات الأمريكية، فقد عقدت جلستا استماع بالكونجرس الأمريكي خلال أبريل 2019، تطرقتا للعلاقات مع مصر، وشهدتا تباينا واضحا في الآراء والمواقف. فقد أشاد بعض الأعضاء بالكونجرس عن الحزب الجمهوري، بينهم “جيف فونتنبرى”، بالدور مصر الإقليمي ونجاحها في مكافحة الإرهاب وإرساء الاستقرار بالبلاد منذ تولي الرئيس “السيسى” الحكم. كما أرسل 15 عضوا بمجلس الشيوخ رسالة “لبومبيو” يدعون فيها لمواصلة الدعم القوي للعلاقات الأمنية مع مصر وطالبوا بضرورة “وجود شراكة استراتيجية قوية ومستديمة بين الولايات المتحدة ومصر وتنفيذ القاهرة لبعض الإصلاحات”. وفي المقابل، شدد “بومبيو” على أن مصر شريك مهم بالنسبة للولايات المتحدة في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب العالمي.ولذا، يجب على القاهرة نسج علاقات على المستويين الرأسي والأفقي مع كل مؤسسات الدولة الأمريكية (الكونجرس بمجلسيه الشيوخ والنواب – الرأى العام- جماعات الضغط- مراكز الدراسات والأبحاث)، وهذا دور مصري غير مقصور على القيادة السياسية وإدارة الدولة ووزارة الخارجية، بل يجب أن تسهم فيه المؤسسة التشريعية المصرية والرأى العام المصري والأحزاب المصرية.
*إخفاق محاولات إفشال الزيارة: اتخذت دول عربية وإقليمية عدة خطوات للتأثير فى زيارة الرئيس “السيسي” لواشنطن ومحاولة إفشالها عبر توسيع هوة التباين بين القاهرة وواشنطن، من خلال إثارة انتقادات ضد القاهرة فى وسائل الإعلام الأمريكية “كالواشنطن بوست”، ونشر مؤسسات “كهيومان رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان، تقارير تنتقد فيه القاهرة وإثارة ملف التعديلات الدستورية والحريات الدينية. بيد أن تلك المحاولات فشلت وجاءت الإشادات الامريكية بالتقدم المصري السياسي والأمني والاقتصادي، وأصبح واضحا وجود “لوبي” وجماعات ضغط داخل الكونجرس الأمريكي ينتمون للحزب الديمقراطي يثيرون قضايا ضد المصالح المصرية. *أسس جديدة: جاءت زيارة الرئيس “السيسي” لواشنطن ضمن جولة خارجية ضمت ثلاث دول أخرى (غينيا، وكوت ديفوار، والسنغال)، وهذا تأكيد بالغ على أن العلاقات مع واشنطن متميزة، ولكنها ليست محور السياسة الخارجية المصرية، لأنها صبحت تعتمد على التوازن في العلاقات الإقليمية والدولية مع التركيز على الدائرتين العربية والإفريقية، لاسيما خلال عام 2019 الذي يشهد رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، كما أن ذلك دليل على استقلالية السياسة الخارجية المصرية في التعامل مع مختلف القوى الاقليمية والدولية، وأن مصر تتحرك بناء علي مبدأ واحد هو الحفاظ على المصلحة القومية والأمن القومي المصري، ولن تصبح جزءًا من تحالف إقليمي أو دولي يعمل ضد مصالحها.
*ثقل مصري إقليمي: كان من المقرر قيام الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بزيارة لواشنطن مطلع أبريل 2019 لبحث جملة من الخلافات بين الدولتين، بيد أنه تم إلغاؤها، واكتفت أنقرة بزيارة لوزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” الذي فشل في التوصل لحلول للخلافات بين البلدين. في المقابل، حرص “ترامب” على دعوة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لزيارة واشنطن في التوقيت نفسه، مما يؤكد الثقل المصري الإقليمي الذي يترجم في عدة مجالات. فالزيارة بحثت العلاقات الثنائية، وسبل معالجة الملفات العربية، وتعزيز التعاون الأمريكي- الإفريقي بمختلف المجالات بصفة مصر رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي. ومن المرجح أن يلتقي الرئيسان السيسي وترامب “ثلاث مرات خلال العام الجاري خلال مشاركتهما في اجتماعات مجموعة الـ 8 بفرنسا، ومجموعة الـ 20 باليابان، واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يعزز سبل التنسيق والتشاور بينهما.
مما سبق، نؤكد أن زيارة الرئيس “السيسي” الرسمية الثانية لواشنطن وكثافة اللقاءات التي أجرياها وتنوعها، كل ذلك يدل على اهتمام مصري- أمريكي متصاعد بتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، كما يدل على فهم أمريكي للدور المصري الاقليمي كركيزة لمواجهة هذه التحديات والتطورات، وإرساء الاستقرار بالشرق الأوسط.
المصدر : مجلة السياسة الدولية