المشهد لم يختلف كثيرا، ذات الأسئلة التي تتعمد إحراج الضيف، الصوت العالي، والنظرة الثاقبة التي تظهر وكأنها تكشف مكنون من حكم عليه القدر بالجلوس أمامها على كرسي الاعترافات؛ تغير فقط اسم القناة وحجاب المذيعة، وبقيت بسمة وهبة كما هي، تقدم المهنية الإعلامية على طريقتها الخاصة، وعبر سلسلة طويلة من البرامج.
استخدمت النهج ذاته، بدأت على قناة اقرأ السعودية ببرنامجها الشهير “قبل أن تحاسبوا”، حينما آثرت الابتعاد عن الصورة النمطية للمذيعة المحجبة التي تقدم برامج الاستشارات الطبية والدينية، وفضلت القضايا الشائكة، وصولا إلى محاسبتها للفنانين ونجوم المجتمع من خلال شاشة القاهرة والناس في برنامجها الأخير “شيخ الحارة”.
تقول بسمة وهبة للمطرب الشهير بتعدد زيجاته “أنا مش عاوزة أدخل في دواخلكم و تفاصيلكم”، رغم أنها أكدت في بداية الحلقة أنها لم تكن لتأتي بأحد من ضيوفها إلى البرنامج إلا لكونه “تريند” (قصته متداولة) على حد قولها، محافظا على صدارته في الأخبار، ليس بنشاطاته الفنية أو أعماله المهمة، لكن بزيجاته أو طلاقه، أو فستان من دون بطانة، أو بلاغات الحفاظ على الوطن، أو رقصة على صفيح الزمن.
نجحت بسمة وهبة في تحقيق هدفها من برنامجها، فاحتلت صدارة المتداول على يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية رمضان، بحلقات الراقصة دينا وآيتن عامر ووفاء عامر، ثم الحلقات الأشهر لأحمد سعد وسمية الخشاب، ورانيا يوسف، والمحامي سمير صبري؛ حتى أنها صارت حديث الجميع ونجحت في أن تحجب لأول مرة منذ سنوات نجاح برنامج رامز جلال الذي يعرض معها في التوقيت نفسه على قناة أخرى، متصدرة بأسئلتها وحياة ضيوفها وعلاقاتها بأبنائها؛ السباق الرمضاني منذ بدايته وحتى الآن.
البرنامج الذي ينقسم إلى عدة فقرات، تعد فقرته الأشهر هي “شيخ الحارة”، الشخصية المجهولة ذات الأداء الصوتي المميز، والمعلومات الأكثر تميزا عن الجوانب الخفية والسرية من حياة ضيوف البرنامج. لا أحد يعرف على وجه الدقة من هو بطل الشخصية، وإن كانت بعض الشبهات تحوم حول شخصية محام شهير بقربه من الوسط الفني.
تدعي وهبة أن لا سلطان لها على شيخ الحارة، فهو المتحكم في فقرته يديرها كيف يشاء. نجح الأمر مرات، لكنه فشل مرتين، مرة حينما رفضت رانيا يوسف الإجابة عن أسئلته التي كانت اتفقت مع وهبة على عدم التطرق إليها، ومرة أخرى حينما حاول شيخ الحارة التلاعب بشيخ المحامين سمير صبري، فأرغمه الأخير على إنهاء الفقرة والاكتفاء بعرض مواقف زادت من شعبية المحامي الشهير بالبلاغات ضد الفنانين والمعارضين بحجة الحفاظ على سمعة مصر.
تلتزم المذيعة المخضرمة خانة الهجوم على شيخ الحارة أحيانا لمهادنة الضيف القوي، لكنها لا تفعل الأمر نفسه حينما يتعلق الأمر بضيف ضعيف، وهو ما تجسد بوضوح في حلقة النجم أحمد سعد الذي تركته فريسة سهلة لشيخ الحارة، يقطع بأسئلته الشائكة ما تبقى من حبال ود زوجي جمعه يوما مع زوجتيه ريم البارودي ومن بعدها سمية الخشاب.
علاقة روحانية وطلاق على مرأى الجماهير
نالت حلقات أحمد سعد وسمية الخشاب انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسمت المجموعات النسوية والذكورية بين مصدقين لأحمد سعد أو مشككين في كلامه، وبين مؤيدين لسمية وبين من يتعامل معها باعتبارها “جبروت امرأة”.
نجحت الحلقات في أن تجذب أكبر عدد من المتابعين والمتشوقين لمعرفة باقي أسرار أحمد وسمية ومعهم ريم البارودي، ونجحت وهبة في أن تجيد اللعب على كل الأحبال، دون أن تميل لأي كفة، فهي فقط تبحث عن الحقيقة وراء “انتهاء العلاقة الروحانية”.
انتشر عدد من “الكوميكس” لتوم وجيري وبينهما الكلب الشهير، تقوم بسمة بدور جيري، في إشعال الفتنة وإبقائها مشتعلة بين الطرفين، تسعى لنقل الحديث، وكيل الاتهامات بين الزوجين السابقين، رغم وعدها لأحمد بغلق الحوار بعد لقائه، إلا أن مطالبة الخشاب بحق الرد، هو ما جعلها تخلف وعدها لسعد، وتعتذر منه، لأن لا شيء يعلو فوق المهنية.
“ربنا يديكي على قد قلبك”، دعاء كرره النجم أحمد سعد حين بكت المذيعة خشية صوته المبتهل إلى الله، سالت دموعها وهي تردد “أصل كلام ربنا بيوجعني”، دعا لها سعد، وانتظر لحظة الانتقام في فقرة “ملك والا كتابة” ليسألها عن أطفالها، ها هو استطاع أخيرا أن يمسك لها السكين التي استخدمتها في تشريح حياته الشخصية على الملأ، ليسألها عن شعورها حينما حرمها طليقها السعودي من ابنيها. يسأل سعد وتجيب بسمة وهي تطأطئ رأسها “يوم قاسي لا أحب أن أتذكره” مضيفة “إحساس صعب”.
الفقرة التي ينتظرها ضيوفها لتحين لهم لحظة الثأر حين يصادفهم الحظ، فتظهر علامة الكتابة بديلا عن الملك. سؤال واحد بصيغ مختلفة، تدور كلها عن علاقتها بأبنائها وسر بكائها ليلة عقد قران ابنها الأكبر، وماذا لو عاد الزمن بها، وهل ستتغير معاملتها معهم.
الدموع واحدة والمذيعة القوية تنهار قلاعها على سيرة الأبناء الذين وصفت فراقهم عنها بـ”الشرخ في قلبها”، وتكشف ما خفي من حياتها الشخصية. ورغم المناطق الشائكة المتعددة في حياة بسمة وهبة، فإن أحدا حتى الآن لم يسألها عن خلعها للحجاب، ورحلة علاجها من السرطان، وزواجها من برلماني شهير، وعن رجل عربة الفول الشهير الذي حرمته من الوقوف في الشارع الذي تسكن فيه لأنه لا يتلاءم مع وضعها الاجتماعي؛ فقط قضية واحدة شغلتهم جميعا “أبناؤها من طليقها السعودي”.
تخلت وهبة عن شراستها أمام المحامي سمير صبري الذي بدوره حمّلها مسؤولية الحفاظ على الإعلام من الانهيار، ودعوة زملائها من المذيعين لالتزام نفس منهجها القويم في إدارة الحوار والبرامج التلفزيونية التي لا تسيء لسمعة مصر وهيبة مصر ورئيسها.