قاد نائب رئيس وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني حشداً من حلفائه الأوروبيين من تيار اليمين المتطرف أمام الكاتدرائية القوطية بمدينة ميلانو، السبت 18 مايو/أيار 2019، وتعهَّدَ أمامهم بتغيير تاريخ أوروبا بعد انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي المقرر إجراؤها هذا الأسبوع، بحسب صحيفة The Observer البريطانية.
سالفيني، الذي يسعى لجعل تحالفه اليميني أحد أكبر التكتلات في البرلمان الأوروبي، بدأ خطابه، محاطاً بالسياسية الفرنسية اليمينية مارين لوبان وزعماء من 9 أحزاب قومية أخرى، أمام الحشد المُجتمع في ميدان بيازا دل دومو الإيطالي، باقتباس عبارة الكاتب البريطاني جلبرت كيث تشيسترتون قائلاً إنَّ «الجندي الحقيقي لا يحارب، لأنَّه يكره ما هو أمامه، بل لأنَّه يحب ما هو وراءه».
وأضاف: إنَّ تحالفه سيعيد تشكيل أوروبا «ليس من أجلنا، لكن من أجل أطفالنا».
يسعى سالفيني لكي يصبح تحالفه مع لوبان ثالث أكبر حزب في البرلمان الأوروبي
وزعم سالفيني أنَّه «لا يوجد مُتطرِّفون أو عنصريون أو فاشيون في هذا الميدان. المتطرفون هم أولئك الذين حكموا أوروبا على مدى 20 عاماً نيابةً عن الفقر وعدم الاستقرار».
وفي حين اجتمع المحتجون المعارضون لحشد سالفيني في منتزه سيمبيون بميلانو، علَّق أشخاص لافتاتٍ على نوافذهم تحمل عبارات «ميلانو ضد الفاشية». وقال جوزيبي سالا، عمدة المدينة المنتمي إلى يسار الوسط، إنَّ «القوميين لن يأخذوا المدينة».
يضغط سالفيني، الذي يتزعَّم حزب «رابطة الشمال» اليميني المتطرِّف، ولوبان، رئيسة حزب «التجمع الوطني»، لكي يصبح تحالفهما المعروف باسم «تحالف أوروبا من أجل الشعوب والتحرر» ثالث أكبر حزب في البرلمان الأوروبي بعد الانتخابات المقبلة.
جميع قادة التحالف يتحدثون بنفس الروح المعادية للاجئين
واصل متحدثون آخرون، من ضمنهم خيرت فيلدرز من حزب الحرية الهولندي، وأندرس فيستيسن من حزب الشعب الدنماركي، ويورغ موثن من حزب البديل من أجل ألمانيا، الحديث بنفس لغة الخطاب المشتركة، التي تدعو دائماً إلى اتخاذ تدابير صارمة ضد الهجرة غير الشرعية و «حماية الحضارة الأوروبية».
في الوقت نفسه، استمروا في شنِّ هجومٍ عنيف على إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل وجان كلود يونكر.
ومَثَّلَ كتلة أوروبا الشرقية رجل الأعمال البلغاري فيسيلين ماريشكي، الذي أسس حزب Volya ويوصف بأنَّه دونالد ترامب بلغاريا، وجاك مديسون، العضو البرلماني المنتمي إلى حزب الشعب المحافظ في أستونيا، وبوريس كولر، زعيم حزب We Are Family في سلوفاكيا، وتوميو أوكامورا، الزعيم التشيكي الياباني رئيس حزب «الحرية والديمقراطية المباشرة».
تلقى تحالف اليمين المتطرف ضربة من أحد أعضائه والذي أجبر على الاستقالة من منصبه بالنمسا
لكن يواجه التحالف بداية مهزوزة بالفعل بعد أن أُجبِرَ هاينز كريستيان شتراخه، زعيم حزب الحرية اليميني المتطرِّف في النمسا وأحد أقوى حلفاء سالفيني، على الاستقالة من منصب نائب المستشار النمساوي يوم السبت.
هذه الاستقالة جاءت بعد أن نُشر تسجيل فيديو ظهر فيه النائب يعرض تقديم عقود حكومية مقابل دعم سياسي. كان من المقرر حضور هارالد فيليمسكي، المرشح الرئيسي للحزب في الانتخابات الأوروبية، اجتماع ميلانو، لكنَّه ألغي سفره في اللحظة الأخيرة.
وعندما سئلت في مؤتمر صحفي في وقت سابق من يوم السبت ما إذا كانت المجموعة ستبقى متحالفة مع حزب الحرية النمساوي، قالت لوبان للمراسلين: «سنرد عندما نسمع تفسير شتراخه.
لكن بغض النظر عن حقيقة الاتهامات المُوجَّهة له، يحظى حزبه بتأييد 25% من مجموع الناخبين النمساويين. لذا، لن تؤدي تلك الاتهامات إلى اختفاء الحزب من الساحة السياسية. ولقد دُهِشتُ من ظهور فيديو مُسجَّل بتاريخ 2017 الآن، قبل أيامٍ قليلة من الانتخابات».
وعلى الرغم من أنَّ الأحزاب القومية المختلفة قد تتشارك وجهات نظر بشأن الهجرة وغيرها من القضايا، فإن ثمة شواغل عديدة تُقسِّم التحالف.
أثار سالفيني، في وقتٍ سابق من الأسبوع الماضي، مخاوف بين بعض شركائه الأكثر حذراً بشأن الميزانية عندما قال إنَّ لديه استعداداً لانتهاك قواعد الاتحاد الأوروبي التي تنظِّم حجم العجز في الميزانية، مما أثار استياء الأسواق المالية.
وثمة قضايا خلافية أخرى تشمل توزيع المهاجرين والعلاقات مع روسيا.
قد يتعاون رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي التقى به سالفيني في بودابست في وقت سابق من هذا الشهر، مع الكتلة الجديدة إذا قرر حزب الشعب الأوروبي المنتمي إلى يمين الوسط، إقصاء حزبه «فيدس» بعد الانتخابات، لكنَّه لا يريد الانضمام إلى تحالف مع لوبان.
يتَّخذ الحلفاء القوميون من الدنمارك وإستونيا موقفاً مناهضاً لروسيا بقوة، ويختلفون مع موقف كلٍّ من سالفيني ولوبان. ومن المُرجَّح أن يبقى حزب «القانون والعدالة» اليميني الحاكم في بولندا، الذي حاول سالفيني استمالته أثناء زيارة لوارسو في يناير/كانون الثاني، بعيداً عن أيِّ تكتُّلٍ رسمي، ويرجع ذلك جزئياً إلى مخاوف بشأن العلاقة مع روسيا.
وقال هيرفي جوفين، مرشح حزب «التجمع الوطني» اليميني الفرنسي لعضوية البرلمان الأوروبي، لصحيفة The Observer البريطانية في ميلانو: «نحترم وجهات نظرهم لأن لديهم أسباباً تاريخية عديدة تجعلهم يتخذون موقفاً حذراً للغاية تجاه روسيا. لكن تاريخ فرنسا مع روسيا مختلف، إذ ننظر إلى الشعب الروسي باعتباره شعباً صديقاً لنا».
وأضاف جوفين أنَّ الشيء الرئيسي، الذي يوحِّد جميع الأحزاب، هو الرغبة في «استعادة السيادة لوضع قواعدنا الخاصة والسيطرة على حدودنا».
يحظى سالفيني بنسبة تأييد مرتفعة مقارنة بآخر مرة أجري فيها التصويت الأوروبي عام 2014
أشاد الجميع بسالفيني في تلك الفعالية لقرار إغلاق الموانئ الإيطالية أمام المهاجرين القادمين عن طريق البحر، وقد ساعدت هذه السياسة في تنامي شعبيته.
إذ تخطَّت نسب تأييد حزبه «رابطة الشمال» في أقل من عام شريكه في الائتلاف الحكومي، حركة «خمس نجوم»، ليصبح أكبر حزب في إيطاليا.
وأظهر آخر استطلاعات للرأي بشأن نوايا التصويت في انتخابات الاتحاد الأوروبي أنَّ حزبه سيحصل على حوالي 30%، وهو ارتفاع عن نسبة 6.4% كان قد حصل عليها في التصويت الأوروبي عام 2014.
كما صف سالفيني الانتخابات الأوروبية المقبلة بأنَّها «استفتاءٌ بين الحياة والموت».
وقال ماسيميليانو باناراري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لويس في روما: «يُعد هدفهم الرئيسي هدفاً تكتيكياً. لا يهم إذا كانوا يحملون وجهات نظر ومواقف متباينة، فالأمر يتعلَّق بالتسويق السياسي –من خلال تقديم أنفسهم بديلاً جديداً عن أوروبا الحالية- وامتلاك النفوذ في المؤسسات الأوروبية».
المصدر: وكالات