بدأت حرب دونالد ترامب على الصحافة الأمريكية إثر غياب معارضة ديمقراطية فعالة، ثم خرج الأمر عن السيطرة، وهذا ما يتناوله الكتاب الجديد المنتظر بشدة لواحد من الأهداف الأساسية لغضب الرئيس.
في كتاب «The Enemy of the People-عدو الشعب»، يوضح جيم أكوستا، كبير مراسلي CNN في البيت الأبيض، أنه بعد مشادة سابقة مع ترامب، اتصلت هوب هيكس، مستشارة ترامب للعلاقات العامة، لتخبر أكوستا بأن الرئيس يريده أن يعرف أنه «كان محترفاً جداً اليوم».
ونقلت له اقتباساً عن ترامب: «جيم حصل على ما يريد».
وكتب أكوستا أن ترامب نعت المراسل ب ـ»الأخبار الكاذبة» و «الكاذبة جداً»، بعد سؤاله عن التدخل الروسي في الانتخابات، بمؤتمر صحفي في فبراير/شباط 2017.
وأضاف: «عندما وصفَنا بـ (الأخبار الكاذبة)، كان ذلك بالنسبة له حقيقة مطلقة».
حدثت تلك الواقعة في بدايات الحرب سريعة التصاعد، والتي تشهد الآن نقاشاً وطنياً مشتعلاً حول هجمات ترامب على وسائل الإعلام الرئيسة، وما تعنيه تلك الهجمات بالنسبة لضمان حرية الصحافة وديمقراطية الولايات المتحدة نفسها.
سيُنشر كتاب أكوستا في 11 يونيو/حزيران 2019، بعنوان «عدو الشعب: وقت خطير لقول الحقيقة في أمريكا» – «The Enemy of the People: A Dangerous Time to Tell the Truth in America». وحصلت The Guardian على نسخة منه.
وطبقاً لأسلوب التقارير السياسية في واشنطن والتي كثيراً ما تنتقد ترامب، استخدم أكوستا في أغلب الوقت مصادر مجهولة، قال إن عديداً منهم تحدَّثوا خلال مناسباتٍ اجتماعية بطريقةٍ غير رسمية، وكانوا أكثر صراحة في تقييم الرئيس. أحد «كبار موظفي البيت الأبيض» قال لأكوستا: «الرئيس مجنون». وقال «أحد موظفي الأمن الوطني السابقين بالبيت الأبيض» إن طاقم العمل ليس واثقاً بعدم وصول الرئيس إلى «تسويةٍ مذلّة» مع روسيا.
في بداية فترة ترامب الرئاسية، خيَّم الإحباط على البيت الأبيض، بسبب أخبار مجهولة المصدر اعتبرها ترامب موقفاً عدائياً من وسائل الإعلام الرئيسة من CNN وNBC إلى Washington Post وNew York Times. وكتب أكوستا أنه بسبب سيطرة الجمهوريين على الكونغرس واحتياج ترامب إلى عدوٍ يبدو خطيراً ومؤثراً، قرَّر الرئيس مهاجمة الإعلام.
برزت فكرة أن الصحافة «عدو الشعب» بسرعة، وتسبَّبَت في ذعرٍ شديد في الأوساط الصحفية المتضررة من سوء المعاملة خلال التجمعات الداعمة لترامب. واستشهد أكوستا بثلاثة مصادر مجهولة الاسم، تقول إن هذا الأسلوب الهجومي المثير للجدل بدأ مع ستيف بانون، الذي أصبح كبير مستشاري ترامب في البيت الأبيض.
وظلت واقعة أكوستا التي أنهت وجوده داخل البيت الأبيض، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تختمر بضعة أشهر؛ عندما وجَّه أكوستا سؤاله إلى ترامب بشأن مزاعم «قوافل المهاجرين» من أمريكا الوسطى التي روَّج لها ترامب في حملته الانتخابية؛ ورفض أكوستا التخلي عن الميكروفون عندما ضغطت عليه إحدى موظفي البيت الأبيض. وجرت مشادة قال خلالها ترامب لأكوستا، إنه «شخصٌ وقح، ومريع«.
وخلال تلك الفترة التي تسبق إصدار كتاب أكوستا، كثفت وسائل الإعلام الموالية لترامب انتقاداتها لمراسل CNN.
هذا الأسبوع استشهد موقع Fox News الإلكتروني بأحد موظفي CNN، رفض ذلك اسمه، يقول: «جيم أكوستا، في كثير من الأحيان، يسأل الأسئلة الصحيحة، ولكن لا يفترض أن يلجأ دائماً إلى المزايدات والتظاهر. من المفترض أن يكون أكوستا مراسلاً معنيّاً بالحقائق، ولكن لا يمكنك في بعض الأحيان التفريق بينه وبين أي ناقد يحصل على المال من أجل النقد».
وفي كتابه، يعترف أكوستا بـ «المزايدات» و»التظاهر» في بعض الأحيان. ويقول أيضاً إنه «يُلقي الطُّعم» عند سؤاله ترامب، وهو «ما يُضجر البعض». ورداً على مخاوف من أنه قد يكون متحيِّزاً ضد ترامب، كتب: «الحياد من أجل الحياد لن يخدمنا في عصر ترامب».
ومن بين الوقائع التي أدت إلى تسريح أكوستا من البيت الأبيض، مناوشاته مع السكرتير الصحفي الأول لترامب، شون سبايسر، الذي نُقِلَ عنه وصفه أكوستا بـ «المراوغ اللعين»، وظهر وهو يوجه الإساءات عند عرض تعليق CNN. وتلت ذلك معارك ضارية مع سارة ساندرز، خليفة سبايسر في منصبه، والتي انتقد أكوستا طريقتها بشدة، حيث تضمنت الكذب بأريحية كبيرة وتقليص الإحاطات الصحفية إلى درجة إلغائها تقريباً، رغم أنه كتب: «كنَّا جميعاً نتناول المشروبات معها»، و «تقدم بنفسها البربون والصودا للأفضل منهم».
وفي يوم خسارته بطاقة الدخول للبيت الأبيض، كتب أكوستا: «كل شيء بحياتي بدأ في الخروج عن السيطرة». ورفض بشدةٍ مزاعم البيت الأبيض –أو «التشويه المثير للاشمئزاز»– التي تقول إنه حاول الاعتداء على المتدربة التي حاولت أخذ الميكروفون منه. وذكر أكوستا أن تلك المزاعم أُبطِلَت.
ومع اقتراب انتخابات 2020، تشتد حرب ترامب على الصحافة.
شهد شهر مارس/آذار 2019 نهاية تحقيق مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات، والعلاقة بين ترامب وموسكو، واحتمالية عرقلة الرئيس للعدالة. ولم يجد تحقيق المستشار الخاص مؤامرةً بين ترامب وروسيا، وتَرَكَ مسألة عرقلة ترامب للعدالةليقرِّرها الكونغرس، حيث يسيطر الديمقراطيون الآن على مجلس الشيوخ، الجناح المعارض للسُّلطة.
ومع مزاعم الرئيس ومساعديه لتبرئته، كتب أكوستا: «نعت ترامب الصحافة مجدداً بأنها (عدو الشعب)».
وقال إن أحد ممثلي ترامب، لم يذكر اسمه، قال: «إنكم ميتون الآن»، في إشارة إلى وسائل الإعلام.