أمرت محكمة أمريكية بسجن جورج نادر بعد اتهامه بنقل مواد إباحية لأطفال العام الماضي، بحسب ما أظهرته وثائق المحكمة التي تحدثت عنها صحيفة Washington post، أمس الإثنين 3 يونيو/حزيران 2019.
ونارد هو أحد الشهود الرئيسيين في التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية.
وكان نادر الذي سبقت إدانته بمثل هذه التهم، قد وُجهت إليه تهمة في محكمةٍ فدرالية في فرجينيا، ومن المتوقع أن يمثل أمام المحكمة للمرة الأولى في نيويورك.
رجل الإمارات البارز
واضطلع نادر بدورٍ غير مُعتاد بوصفه حلقة وصل بين داعمي ترامب، وزعماء الشرق الأوسط، والروس المهتمين بالتواصل مع الإدارة المقبلة في أوائل عام 2017.
ويُعتبر أحد أبرز رجالات الإمارات في أمريكا، حيث أشارت تقارير إلى أن مولر استجوب رجل الأعمال بشأن ما إذا كانت الإمارات قد ضخَّت أموالاً لأعضاءٍ في إدارة ترامب من أجل كسب تأييدهم، وخاصةً في صراعهم مع قطر. ويُقال إن نادر تعاون مع مولر في مقابل الحصانة.
وقال المسؤولون إنَّ نادر (60 عاماً) قد اتُّهم بتهمةٍ جنائية بسبب موادٍ كانت في حوزته عند وصوله إلى مطار واشنطن دوليس الدولي في 17 شهر يناير/كانون الثاني 2018 قادماً من دبي.
وقال المسؤولون إنَّه في ذلك الوقت كان يحمل هاتفاً محمولاً يشتمل على مقاطع لقاصرين منخرطين في سلوكٍ جنسي واضح. وكُشف عن التهم بعد إلقاء القبض عليه صباح أمس الإثنين بمطار جون كينيدي الدولي في نيويورك.
ولم يرد محامو نادر على مكالماتٍ طلباً للحصول على تعليق. وفي ظهورٍ موجز أمام المحكمة في نيويورك، أمرت القاضية المساعدة شيريل بولاك بإبقاء نادر رهن الاحتجاز، في انتظار جلسة استماع أخرى اليوم الثلاثاء.
وقال المسؤولون إنه في حالة إذا ما أدين نادر فإنه يواجه عقوبة بالسجن لا تقل عن 15 عاماً، ولا تزيد عن 40 عاماً.
استجواب نادر
كان نادر معروفاً لمساعدي ترامب بوصفه شخصاً ذا صلاتٍ سياسية في الشرق الأوسط، يمكنه أن يساعدهم في التعامل مع دبلوماسية المنطقة.
إذ ساعد نادر في ترتيب اجتماعٍ في سيشل خلال يناير/كانون الثاني 2017 بين إريك برينس، مؤيد ترامب الذي أسس شركة الأمن الخاصة Blackwater، ومسؤولٍ روسي مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان غرض هذا الاجتماع ذا أهميةٍ خاصة لمحققي مولر، ولا تزال بعض الأسئلة المتعلقة به بلا إجابة، حتى بعد أن أصدر مولر تقريراً من 448 صفحة حول النتائج التي توصل إليها.
وقد أوقف عملاء فيدراليون نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني، عند وصوله إلى مطار دوليس في شهر يناير/كانون الثاني 2018. وقدم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي له مذكرة استدعاء، وأرادوا استجوابه بوصفه جزءاً من التحقيق الروسي، بحسب بعض الأشخاص الذين تكلموا شرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة هذه المسائل الحساسة، مثل آخرين غيرهم ممن هم على دراية بهذه القضية.
وبحسب الشكوى، فقد خضع نادر لاستجوابٍ من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي في المطار، وبُحث في أحد هواتف الآيفون الثلاثة الخاصة به لأسبابٍ لا علاقة لها بالمواد الإباحية للأطفال. لكنَّ السلطات، بحسب وثائق المحكمة، وجدت 12 مقطع فيديو ذا محتوى جنسي صريح، تظهر أولاداً تتراوح أعمارهم بين عامين إلى 14 عاماً.
نادر عمل كمستشار للإمارات
وعلى مدار الأسابيع التالية بدأ نادر في التعاون مع السلطات، فقدم شهادةً لهيئة محلفين كبرى حول تعاملاته مع مؤيدي ترامب، وذلك بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.
وقالت السلطات إنَّ نادر قد اتُّهم في قضية المواد الإباحية المزعومة للأطفال في شهر أبريل/نيسان 2018، لكنَّه كان قد غادر البلاد في ذلك الوقت. وبقيت معلومات قضيته ضمن وثائق سرية في المحكمة.
وأصر برينس، علناً وأمام الكونغرس، على أنَّ اجتماعه في سيشل بكيريل ديمترييف، رئيس أحد صناديق الثروة التي تسيطر عليها الحكومة الروسية، كان مصادفةً لأنَّه تصادف أنَّه كان يلتقي بمسؤولين إماراتيين في فندق فخم في سيشل المطلة على المحيط الهندي.
في ذلك الوقت، كان نادر يعمل منذ سنوات بوصفه مستشاراً لدولة الإمارات. وأخبر نادر المحققين بأنَّ هذا اللقاء كان قد خُطط له مسبقاً، ليكون قناة خلفية استكشافية بين مبعوثٍ لترامب ومسؤولٍ من الكرملين، للسماح بإجراء مناقشاتٍ غير رسمية حول العلاقات المستقبلية بين البلدين، وذلك وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على التحقيق.
وزار نادر أيضاً البيت الأبيض عدة مرات بعد لقاء سيشل، حيث التقى مع ستيفن بانون، كبير المستشارين حينها، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس وكبير مستشاريه حالياً، وذلك وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على هذه الزيارات.
وبحسب Washington post، كان نادر قد أدين منذ 28 عاماً بتهمة نقل مواد إباحية للأطفال، وهي قضية تلقى فيها حكماً مخففاً بعد أن جادلت شخصياتٌ مؤثرة أمام المحكمة سراً بأنَّه كان يؤدي دوراً مهماً في شؤون الأمن القومي، محاولاً تحرير رهائن أمريكيين في ذلك الوقت في لبنان.
مواد إباحية في مرحاضه
ووُلد نادر في لبنان، وجاء إلى الولايات المتحدة عندما كان مراهقاً، ولاحقاً أنشأ مجلة Middle East Insight، وهي مجلة مخصصة لتغطية المنطقة، وهو الدور الذي قاده إلى السفر على نحوٍ متكرر ومقابلة قادة العالم وكبار السياسيين الأمريكيين.
وفي الثمانينات، اكتسب نادر سمعةً بوصفه مفاوضاً يستغل القنوات الخلفية ويمكنه الوصول إلى كبار المسؤولين في إسرائيل وسوريا وإيران، فضلاً عن قادة «حزب الله»، وذلك وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على عمله. وفي السنوات الأخيرة الماضية عمل مستشاراً لمسؤولين بارزين في الإمارات.
ووفقاً لملفات المحكمة، فإنَّ مسؤولي إنفاذ القانون حققوا مع نادر مراراً أثناء عمله الدولي.
وفي عام 1985، اتهمته هيئة محلفين كبرى في العاصمة واشنطن بتهمتي إرسال واستيراد مواد إباحية للأطفال. وتُظهر وثائق المحكمة أن هذه الاتهامات قد رفضت قبل المحاكمة بعد أن نجح محامو نادر في الجدال بأن السلطات حازت دليل القضية بشكلٍ غير قانوني. وتُظهر السجلات أنَّ نادر أصبح مواطناً أمريكياً بينما كان ينتظر المحاكمة في هذه القضية.
وخلال حالتين وقعتا عام 1988، تلقى نادر مواد جنسية صريحة لأولادٍ دون السن القانونية أُرسلت إليه عبر صندوقٍ بريدي في كليفلاند، وذلك وفقاً لملفات المحكمة. ولم تُوجه إليه تهمة على الرغم من تعرض منزله للتفتيش، ويقول المدعون العموميون إنَّ المواد الإباحية للأطفال قد وجدت في مرحاضه.
وفي قضية عام 1991، أقر نادر بذنبه في تهمةٍ واحدة تتعلق بنقل المواد الإباحية للأطفال، وأمضى 6 أشهر في حجزٍ فيدرالي مع إذنٍ بالعمل (أي يسمح له بالذهاب إلى عمله والعودة للمبيت في السجن)، وذلك وفق ما تظهره سجلات المحكمة.
وكان نادر يحظى بمؤيدين أقوياء تقدموا بطلبٍ إلى المحكمة نيابةً عنه، محتجين بأنَّه كان منخرطاً في مفاوضات رفيعة المستوى لمساعدة حكومة الولايات المتحدة على تحرير رهائن في لبنان.
وفي نهاية المطاف أُعيد النظر في عقوبته بسبب ما وصفه قاضٍ فيدرالي بأنَّه «تعاون استثنائي مع الحكومة في مسائل بعينها»، وذلك وفقاً لوثائق المحكمة.
وفي الآونة الأخيرة، ذكرت وكالة the Associated Press أنَّ نادر قد أُدين بعشر حالات اعتداء جنسي على قاصرين في براغ في شهر مايو/أيار عام 2003، وحكم عليه بالسجن لمدة عام، بالإضافة إلى الطرد من البلاد. وكان محامو نادر قد رفضوا في السابق التعليق على قضية براغ.