حقاً إنها الأشياء الصغيرة التي تجعلنا ندرك مدى أهمية الدور الذى تلعبه فى حياة الأفراد ومصائرهم، فتتباين وجهات النظر حول معنى أو مفهوم “صناعة المعروف”. فقد تَعَلَّمنا أهمية ذلك عندما قالوا لنا أن نصنع المعروف في أهله وفي غير أهله. ذلك لأن الخير سيعم ويعود أولاً لصانع المعروف.
هذه القصة تعود لفتاة أمريكية من أصول عربية، وتحديداً من الجزائر بلد المليون شهيد. فقد وقفت أمام زملاءها وأساتذتها أعضاء هيئة التدريس بجامعةً هارفاد الأمريكية الشهيرة وقالت أمام الحضور:
انا عندى قصة أود أن أحكيها لكم. وُلِدْتُ وعِشْتُ فى بلد أو قرية صغيرة فى الجزائر حيث شهدت حرباً أهلية عانى منها الملايين من أبناء بلدي وفيها كُنَّا ندعو الله ألَّا ينقص منا أحداً. ثم فتحت فرنسا أبواب الهجرة، وتوافد الناس فى طوابير طويلة من أجل تسجيل أسماءهم لدى منظمات المجتمع المدني. وكانت أمي تحملنا ووقفت بِنَا فى الطابور، فلمَّا جاء عليها الدور لم تتمكن من كتابة إسمها لأنها كانت أمية لاتجيد القراءة والكتابة وخرجت من الطابور باكية. فجلست على حافة الطريق حيث مر أمامنا رجل لاحظ بكاء أمي فتوقف وسألها عن سبب البكاء. فلمَّا عَرَفَ السبب، ذهب هو بنفسه إلى الطابور وسَجَّلَ إسمها!!
هذا الرجل لا يعرفنا ولا نعرفه، لكنه صَنَعَ معروفاً وبسببه أنا موجودة هنا الآن ودَرَسْتُ في هذه الجامعة. لذلك أود أن أخدم الآخرين وأن أصنع معروفاً كما صنعه فينا هذا الرجل فأتوجه إلى كل الزملاء الخريجين وأطلب منهم أن يهتموا بالأشياء الصغيرة التي في مقدور كل الناس أن يقوموا بها وهم لا يدركون أهميتها وحجم الأثر الإيجابى أو التغيير الذي يمكن أن تُحْدِثُهُ هذه الأشياء الصغيرة في حياة الكثيرين. إنها قوة تأثير تلك الشياء الصغيرة التي نتجت عن صُنع المعروف في كل الظروف وفي أهله وغير أهله.