تفاعلت الأسواق العالمية إيجاباً، مع تصريحات غيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، حول إمكانية توجّه البنك الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة، ما دفع الأسواق إلى الانتعاش، وارتفعت الأسهم الأوروبية والأميركية لتُنهي سلسلة خسائر استمرت نحو أربع جلسات متواصلة.
وفي حين تسببت بيانات قوية للوظائف الأميركية الأسبوع الماضي في أن يقلّص المستثمرون رهانات خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة بنحو 50 نقطة أساس في يوليو (تموز)، فإن تصريحات (باول) جددت تلك التوقعات، كما يظهر في تسعير العقود الآجلة لأسعار الفائدة.
وارتفع المؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 0.2%، بعد أن تكبّد خسائر 1.4% على مدار الجلسات الأربع الماضية. ودفع نشر تصريحات (باول) الأسهم إلى الصعود فترة وجيزة في تعاملات أمس، لكنها أغلقت منخفضة.
وكان سهم “ريكيت بنكيزر” البريطاني ضمن أكبر الأسهم الرابحة، بعد أن وافقت الشركة على سداد ما يصل إلى 1.4 مليار دولار لتسوية تحقيقات أميركية تتعلق ببيع وتسويق عقار لوحدة سابقة لها في مجال صناعة الأدوية.
وارتفع المؤشر “نيكاي” الياباني، في حين ضغط سهم جابان بوست للتأمين على القطاع مع انخفاضه بعد الإقرار بسوء الإدارة في وثائق تأمينية. وأغلق المؤشر مرتفعاً بنسبة 0.5% ليسجّل المؤشر القياسي مستوى 21643.53 نقطة.
وصعد سهم “نينتندو” بنسبة 4.2%، وكان الأكثر تداولاً من حيث القيمة، بعد أن كشفت الشركة عن جهاز ألعابها المحمول الجديد “سويتش لايت”.
وتقدم المؤشر “توبكس” الأوسع نطاقاً 0.5% إلى 1578.63 نقطة.
الأسواق الأميركية تحقق ارتفاعات قياسية
فيما تخطى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في بورصة وول ستريت مستوى 3000 نقطة للمرة الأولى في تاريخه خلال جلسة أمس الأربعاء.
كما سجَّل مؤشر داو جونز الصناعي مستوى قياسياً مرتفعاً جديداً في أثناء تعاملات أمس، عند مستوى 26983.45 نقطة.
وكانت الأسهم الأميركية اُفتتحت مرتفعة الأربعاء، بفعل تعزز آمال خفض سعر الفائدة في وقت لاحق هذا الشهر على خلفية تصريحات غيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن المجلس سوف “يتحرك على النحو الملائم” للمحافظة على نمو اقتصادي قياسي.
وكانت المؤشرات الرئيسية الثلاثة في بورصة وول ستريت، تراجعت من مستويات إغلاق قياسية سجَّلتها الأسبوع الماضي بعد تقرير قوي للوظائف في أميركا يوم الجمعة، قلَّص التوقعات لخفض حاد في أسعار الفائدة هذا الشهر.
يأتي ذلك في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات حديثة نشرها معهد شركات الاستثمار، أن مستثمرين أميركيين سحبوا خلال الأسبوع الماضي أكبر صافي أصول من 25.1 مليار دولار صافي التدفقات إلى خارج الأسهم الأميركية في أسبوع أسواق المال.
الدولار يتراجع إلى أدنى مستوى في 5 أيام
في سوق العُملات، هوى الدولار إلى أدنى مستوى في خمسة أيام، بعد أن ترك غيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الباب موارباً لخفض أسعار الفائدة الأميركية، لكن المستثمرين يتوجّسون من القيام بعمليات بيع كبيرة للدولار لحين إعادة النظر في السياسة النقدية بوقت لاحق من الشهر الحالي.
ونزل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة عملات أخرى بنسبة 0.2% إلى 69.83، وهو أدنى مستوياته منذ الخامس من يوليو (تموز)، وقرب أدنى مستوى في ثلاثة أشهر 95.84 الذي بلغه في أواخر يونيو (حزيران).
وارتفع الجنيه الإسترليني من أدنى مستوى في ستة أشهر إلى 1.2529 دولار، لكن العملة البريطانية تظل منخفضة على مدار الأسبوع في ظل قتامة المشهد الاقتصادي البريطاني، واقتراب الموعد النهائي للخروج من الاتحاد الأوروبي.
مخاطر النزاعات التجارية والتباطؤ العالمي
وفي شهادته أمام لجنة بالكونغرس، مهَّد (باول) الطريق أمام أول خفض في أسعار الفائدة الأميركية خلال 10 سنوات، متعهداً بالتصرف على النحو المناسب لحماية النمو الاقتصادي من مخاطر النزاعات التجارية والتباطؤ العالمي.
ولم يبدِ المسؤول الأميركي قلقة حيال ارتفاع قوي للتضخم وسط معدل البطالة المنخفض، موضحاً أن “زيادة الأجور لا تزال متواضعة، لذلك تسمح للاحتياطي بخفض الفائدة دون المخاطرة بنمو مفرط للاقتصاد”.
وأوضح أن “بعض البيانات الاقتصادية تبقى مخيبة، فالصناعات التحويلية والتجارة والاستثمار، قطاعات تواجه ضعفاً في جميع أرجاء العالم”.
وقال إنه “رغم إعلان الحكومة الأميركية نمواً قوياً في التوظيف خلال يونيو (حزيران)، لا تزال بيانات اقتصادية رئيسية أخرى مخيبة للآمال”.
وأضاف، “أن ذلك منتشرٌ على نطاق واسع جداً في أرجاء أوروبا وآسيا، وما زال يُحدث تأثيراً”.
وفيما يتعلق بوجهة النظر التي ترى أن معدل البطالة المنخفض حالياً بالولايات المتحدة ربما يدفع التضخم إلى صعود مفاجئ، أشار (باول) إلى أن “وتيرة ارتفاع الأسعار بشكل عام لا تزال ضعيفة، وأن زيادة الأجور لا تزال متواضعة، وهي علامات على أن المركزي الأميركي يستطيع خفض أسعار الفائدة دون أن يخاطر بإحداث نمو مفرط بالاقتصاد”.
كان مسؤولو مجلس الاحتياطي أشاروا في اجتماع السياسة النقدية يونيو (حزيران) إلى أن تلك المخاوف ربما تبرر خفض الفائدة.
وقال باول “من ذلك الحين، وعلى أساس البيانات المقبلة وغيرها من التطورات، يبدو أن الضبابية التي تكتنف التوترات التجارية والمخاوف بشأن متانة الاقتصاد العالمي ما زالتا تضغطان على أفق الاقتصاد الأميركي”.
كيف وصف “باول” المباحثات الصينية – الأميركية؟
إلى ذلك، أكد غيروم باول أن “استئناف المباحثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة يشكل مرحلة بنّاءة”، لكنه “لا يبدد الشكوك”.
وأشار إلى أن “الهدنة في حرب الرسوم الجمركية التي أعلنتها واشنطن وبكين بعد قمة العشرين بأوساكا في اليابان نهاية يونيو (حزيران) هي نبأ سار نسبياً”.
وأضاف، “اتفقنا على استئناف المناقشات مع الصين. هذا يمثل مرحلة بنّاءة، لكنه لا يبدد الشكوك بشأن الآفاق الاقتصادية”.
ومن المقرر أن تنشر الحكومة أول تقديرات لنمو الربع الثاني من العام الحالي في 26 يوليو (تموز)، قبل الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي في 30 و31 يوليو (تموز). ويعوّل جزءٌ كبيرٌ من القطاع المالي على خفض معدلات الفائدة بهذا الاجتماع.
ويُفترض أن يدرس الاحتياطي الفيدرالي بدقة هذا الرقم، الذي يشكَّل أساس تقدم إجمالي الناتج الداخلي الأميركي، خصوصاً عبر التدقيق في نفقات الاستهلاك، التي تعزز النمو تقليدياً، وكذلك إنتاج قطاع الصناعات التحويلية، واستثمارات الشركات التي تباطأت مؤخراً.
الذهب يسجل مستويات مرتفعة
وفي أسواق المعادن، ارتفعت أسعار الذهب مسجلةً أعلى مستوى في أكثر من أسبوع، إذ صعد الذهب خلال المعاملات الفورية بنسبة 0.3% إلى 1422.43 دولار للأوقية “الأونصة”، بعد أن بلغ في وقت سابق أعلى مستوياته منذ الثالث من يوليو (تموز) عند 1426 دولاراً. وقفز الذهب في العقود الأميركية الآجلة 0.8% إلى 1424 دولاراً.
وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، فارتفعت الفضة بنسبة 0.1% إلى 15.26 دولار للأوقية، وزاد البلاتين بنحو 0.1% إلى مستوى 825.65 دولار.
وصعد البلاديوم بنسبة 0.6% إلى 1597.91 دولار للأوقية، بعد أن بلغ أعلى مستوى منذ 22 مارس (آذار) عند مستوى 1599.01 دولار.