محمد المنشاوي-واشنطن
“نال دعم إسرائيل تأييدا قويا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ تأسيس الدولة اليهودية، واليوم وبسبب سياسات ومواقف ترامب، قد يتعرض هذا الدعم لهزات غير مسبوقة”. بهذه الكلمات جاء رد الأميركية اليهودية مارتا لاكروس على سؤال للجزيرة نت حول تداعيات تصريحات الرئيس الأخيرة عن اليهود.
ولا يختلف موقف مارتا -التي تعيش بمقاطعة مونتغمري بولاية ميريلاند المجاورة للعاصمة واشنطن، ويزيد عمرها عن سبعين عاما- عن موقف أكثر من 70% من يهود الولايات المتحدة ممن يصوتون للديمقراطيين.
وطبقا لمركز بيو للأبحاث، فقد صوت 71% من يهود أميركا لهيلاري كلينتون بانتخابات الرئاسة 2016، وارتفعت نسبة تصويتهم للمرشحين الديمقراطيين بانتخابات الكونغرس عام 2018 -أي بعد عامين من حكم ترامب- إلى 79%.
ويتعرض الرئيس لانتقادات واسعة على خلفية تصريحات أدلى بها حول اليهود الأميركيين، واعتبرها البعض معادية للسامية، في حين رأى آخرون أنها تخفي وراءها مصالح انتخابية ضيقة. وكان ترامب قد ذكر للصحفيين الثلاثاء الماضي أن “تصويت أي شخص يهودي لصالح الديمقراطيين يعني عدم معرفة أو عدم ولاء كبير”.
ترامب والعداء للسامية
“عدم الولاء” استخدمها ترامب وتعد من المحرمات عند يهود أميركا الذين يتهمون من يستخدمها ضدهم بالعداء للسامية. وبهذا الإطار ذكرت الراهبة أليسا وايز من مؤسسة صوت السلام اليهودي للراديو القومي الأميركي أن هذه العبارة يستخدمها كل المعادين للسامية منذ العصور الوسطي بالملكيات الأوروبية للتشكيك في ولاء الرعايا اليهود للدولة التي يعيشون فيها”.
ولم تكن المرة الأولى التي يشير فيها ترامب لعبارة “عدم الولاء” وتتذكر وايز ما قاله ترامب في مايو/أيار الماضي أثناء لقائه مع أعضاء التحالف الجمهوري اليهودي، وهي مؤسسة أميركية يهودية تدعو لدعم العلاقات بين أميركا وإسرائيل “لقد تحدثت مع رئيس وزرائكم نتنياهو” وعكست هذه الكلمات عدم اعترافه الكامل بأميركية يهود الولايات المتحدة وعداء للسامية مع إشارته إلى أنه ليس رئيسا لهم بل رئيس الوزراء الإسرائيلي.
واستغل منتقدو ترامب اللغة التي استخدمها، وأعادوا التذكير بالادعاء النازي بأن لدى اليهود ولاءً مزدوجا، وأن ولاءهم لإسرائيل أكبر من ولائهم لدولهم.
وذكر ريك كوفمان، وهو يهودي أميركي يعيش شمال غرب واشنطن، للجزيرة نت، أن “من سخرية القدر أن يقوم ترامب بكل ما يقوم به لصالح إسرائيل، ويتم في النهاية الشك بأنه معاد للسامية من قبل بعض اليهود بسبب ما يقوله”.
أصوات المسيحيين البروتستانت
يمثل العامل الديني حجر الأساس الأھم في مصادر الدعم لإسرائیل داخل الولايات المتحدة، وتدفع جماعات الإيفانجالیكال (المسيحيين اليمينيين) بالتعجيل لضمان سیطرة إسرائیل الكاملة على كل أرض فلسطین المقدسة، إيمانا منھا بأن ھذا يسرع من عودة المسیح الثانیة.
ويعتقد والتر راسییل میید الباحث بمجلس العلاقات الخارجیة أن “التأيید الأميركي البروتستانتي للیھود وإسرائیل وجد قبل أن يطأ الیھود الدولة الأميركیة الناشئة، وقبل أن تتأسس دولة إسرائیل”.
ويرى أن عقيدة الإيفانجالیكال مفادھا أنه قبل نھاية العالم سیرجع المسیح، ويمكث في الأرض ألف سنة مع المسیحیین المؤمنین، وبعد ذلك تنتھي الدنیا. ولكن المسیح -كما ترى ھذه العقیدة- لن يرجع إلى الأرض قبل أن يرجع جمیع الیھود إلى فلسطین.
وكشفت دراسة لمركز بيو للأبحاث أجريت في مايو/أيار الماضي أن البروتستانت والإيفانجاليكال أكثر تأييدا لسياسات ترامب مقارنة باليهود الأميركيين. ورأى 42% من يهود أميركا أن واشنطن تدعم إسرائيل أكثر من اللازم، في حين يرى 22% فقط من البروتستانت ذلك، وتخفض النسبة مع الإيفانجاليكال إلى 15%.
وحصل ترامب على أصوات 58% من الناخبين البروتستانت مقابل 39% لمنافسته، وارتفعت نسبة تأييد ترامب إلى 81% وسط الإيفانجاليكال، مقابل 16% لكلينتون.
ترامب.. ملك إسرائيل
أعاد الرئيس الأميركي نشر تغريدة لوين آلن رووت صاحب البرنامج الإذاعي الذي يركز على نظرية المؤامرة، وأغدق فيها على ترامب بالثناء لدعمه اليهود وإسرائيل، وذهب للقول إنه أعظم الرؤساء على مر التاريخ، وأكثرهم دعما لإسرائيل، ولذا يحبه شعب إسرائيل اليهودي فـ “ترامب ملك إسرائيل”. وعبر الكثير من الديمقراطيين والجمهوريين عن غضبهم من نشر ترامب تغريدة الإذاعي غريب الأطوار.
وجاءت تغريدات الرئيس وسط استمرار هجومه على النائبتين المسلمتين رشيدة طليب وإلهان عمر اللتين رفضت السلطات الإسرائيلية دخولهما الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل أيام.
وبعد يوم من بدء أزمة تصريحات ترامب، عاد الرئيس ليتمادى في هجومه مرة أخرى على اليهود ممن يصوتون للحزب الديمقراطي، وقال “الضعفاء فقط سيتحدون ما قلته من أن اليهود الذين يصوتون لصالح الديمقراطيين لديهم عدم ولاء كبير للشعب اليهودي وإسرائيل”.