يحرص الكثير من الشباب الإيرانيين على استعمال اللغة الفارسية في طقوس عقد الزواج، ما تعتبره السلطات الدينية تحديا حقيقيا. فما سر رفض استعمال لغة الضاد عند عقد القران لدى شباب الجمهورية الإسلامية.

يرى الكثير من الشباب الإيرانيين في ذلك نوعا من الاغتراب. تتذكر ماندانا (اسم مستعار) من طهران حفل زفاف أختها بالقول “تحدث الفقيه لدقائق طويلة باللغة العربية، وبعدها سُئلت (أختي) بالفارسية إن كانت مستعدة لعقد الزواج”.

من واجبات المسلمين في إيران الاحتفال بزواجهم وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وهذا معناه استعمال نصوص باللغة العربية في طقوس عقد القران. ويلقى هذا التقليد رفضا متزايدا من قبل الشباب الإيراني، في بلد يعتبر نفسه مهدا لحضارة راقية وعريقة.

ويذكر أن فئة الشباب تغلب على التركيبة الديموغرافية في إيران، بمعدل أعمار قدره ثلاثون عاما. وهناك أعداد متزايدة من الإيرانيين الذين يقبلون على وكالات زواج تخصصت في طقوس الزواج على الطريقة الفارسية القديمة. والفرق هو أن طقوس القران وتهاني الزواج تكون باللغة الفارسية، كما يتم الاستغناء على تلاوة الآيات القرآنية.

“أريد أن أفهم ما يُقال”

“نشعر برفض قوي للغة والثقافة العربية في المجتمع”، كما توضح صديجة فسماجي محامية وكاتبة من طهران. وهي واحدة من النساء القلائل اللواتي يمارسن تدريس الشريعة الإسلامية.

وبالفعل فإن طقوس الزواج الفارسي القديم لها معجبون كُثر، كما يظهر ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي حيث يعرض الشباب صورا وأشرطة كثيرة تُروج لهذا النوع من الزواج.

ماندانا (30 عاما) تزوجت بدورها، وفقا للطقوس الفارسية القديمة، مُبررة قرارها بالقول: “كنت أسعى فقط لفهم ما يقال في حفل زواجي”. وتتذكر زفافها قبل عامين مستطردة “كان أجمل بكثير من الحفل الديني الكئيب المعتاد (..) الأمر كان شبيها بالزفاف الكنسي في الأفلام الغربية: فبينما كنا، زوجي وأنا نمسك يدي بعضنا البعض، قرأ الواعظ نصا جميلا بالفارسية، كله تمنيات جميلة. نظمت وكالة الزواج كل الترتيبات بشكل رائع، بخلفية تُلونها الكثير من الورود”. غير أن النص الذي قرأه الواعظ لا يعود للعصور الفارسية القديمة، وإنما هو للكاتب والشاعر المعاصر فريدون موسيري، الذي توفي عام 2000.

تثير إعادة إحياء التقاليد الفارسية القديمة قلق “الأوصياء الأخلاقيين” للجمهورية الإسلامية. في منتصف شهر أغسطس / آب الجاري، أعلن مكتب السجل المدني عدم قانونية عقود الزواج غير الديني. كما حظر حفلات الزفاف التي لا يُقرأ فيها القرآن باللغة العربية.

وبهذا الصدد يتساءل صادق زيباكلام الباحث في العلوم السياسية: “من كان يظن، بعد أربعين عاما على الثورة الإسلامية، أن العرس الفارسي القديم ستكون له شعبية بهذا الحجم، لدرجة أجبرت السلطات على حظره؟”.

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وصناع القرار في إيران يحاولون ترسيخ العادات والتقاليد الإسلامية في المجتمع بتوظيف وسائل الإعلام الحكومية وكل المؤسسات الأخرى من روض الأطفال إلى الجامعات.

تنازلات ..للسلطة!

“نعاني من أزمة هوية”، على حد تعبير فاسماغي الباحث في العلوم الإسلامية في حوار مع DW: “لقد تم تهميش هوية الشعب الإيراني خلال الأربعين عاما الماضية، بل وتم قمعها. يحتاج الناس في كل المجتمعات لهوية مشتركة يستندون إليها ويفتخرون بها”.

ومع ذلك، وحتى يحصل الأزواج على اعتراف قانوني بعقد القران، يضطرون في نهاية المطاف للخضوع للقواعد، وبالتالي الزواج مرتين، كما فعلت ذلك ماندانا: فبعد الزواج على الطريقة الفارسية القديمة، كان عليها أن تتحمل مراسيم زواج ديني مصغر في دائرة أسرتها المقربة.

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version