جسم الإنسان مُصمَّم للاستفادة من ممارسة الجنس والاستمتاع به أيضاً، ومع ذلك، ينقطع الكثيرون عن ممارسة الجنس لأسبابٍ عديدة، لكن إذا امتد هذا الأمر لفترةٍ طويلة، يمكن أن يؤثر على الجسد والعقل معاً.
تختلف الطريقة التي يمكن أن يؤثر بها عدم ممارسة الجنس على الجسم وفقاً لصحة أو عمر الشخص، وفقاً لموقع Infobae الأرجنتيني. في حالة الأصحاء الذين توقفوا عن إقامة علاقات جنسية بسبب عدم وجود شريك جنسي أو نتيجة للاختيار الواعي (وليس لسببٍ جسديٍّ آخر)، يمكن أن يمروا ببعض التغييرات الجسدية والنفسية الضارة، مثل الشعور ببطء أكثر، مع حيوية أقل والتعطش للعلاقة الجنسية.
يعد الجنس ممارسة جسدية، لكنه كذلك نفسي في جزءٍ منه. عندما نمارس الجنس، عادةً ما يتلامس الجلد بالجلد، وهذا النوع من الاتصال هو الطريقة الأساسية التي تريحنا نحن كبشر.
ممارسة الجنس ينظّم المزاج
كما ينظّم الاتصال الجنسي المزاج عن طريق إطلاق هرمون الحب: الأوكسيتوسين. كما يمكن أن يساعد الجنس في إذكاء الروح من خلال إفراز الإندورفين الذي يعزز الحالة المزاجية. وبدون الاستفادة من هذه المحفزات الطبيعية، قد يكون الشخص أكثر عرضة للشعور بالاكتئاب.
يشرح والتر غدين وهو طبيبٌ نفسانيّ وعالم في علم الجنس أنّ: «اللقاء الجنسيّ هو جزءٌ أساسي من حياة الإنسان. نشعر بالرغبة، وعمق الحب واللذة، ونمنح أنفسنا للآخر دون أن نفقد الفردية ونمارس قدرتنا الفطرية على الحياة المشتركة». باختصار: إنّه ذلك التحدي الكبير المتمثِّل في أن تكونا وحدكما في تجربةٍ مشتركةٍ حميمة.
جنس أقل، مناعة أضعف
وفقاً لبحثٍ نُشر في المجلة الطبية Frontiers in Immunology، فإنّ الممارسة المنتظمة للجنس تحسّن الجهاز المناعي وتجهّز الجسم لمحاربة المرض من خلال إطلاق الإندورفين.
تقول بياتريز ليتيرات أخصائية علم الجنس السريري في معهد Halitus الطبي، إنّ التجربة الجنسية هي «مجموعة من المشاعر، وأحاسيس الجسم، والمقاصد، والتصوُّرات إزاء الشخص الآخر التي تعزز تنشيط الحواس والعواطف».
تكمل بياتريز: «إنّ الشعور بالتحقُّق والأمان والفهم، والقدرة على توفير نفس الشيء إلى شريك يولِّد حالة عظيمة من الرفاه. وهذا، باختصار، هو ما يجعل الجنس مفيداً وينشِّط جهاز المناعة». يزيد التحفيز الجنسي من مستويات الهرمونات الجنسية عن طريق تحفيز الرغبة الجنسية والرغبة في الاتصال الجسدي.
الناقلات العصبية الأكثر تأثيراً على الإثارة الجنسية هي الدوبامين والنورادالين ومستويات كافية من السيروتونين. يزيد الدوبامين الرغبة ويؤهل الجسم للحصول على المزيد من الطاقة والعضلات القوية.
ووفقاً لغدين يحسِّن السيروتونين الحالة المزاجية ويسمح لنا بالتركيز بشكلٍ أفضل على العلاقة الجنسية المثيرة. فالسيروتونين يقلِّل من الترقُّب القلِق، خاصة لدى الأشخاص الذين يخشون (الإخفاق) ويريدون إرضاء الآخر».
يؤثِّر إطلاق هذه المواد إيجابياً على الثقة وعلاقة الشخص نفسه بجسده، كما يحصل الشخص الذي يتمتع بحياة جنسية نشطة ومرضية، في كل مرة يمارس فيها الجنس، على العديد من الفوائد. العلاقة والحياة الجنسية بمثابة تغذية لتقدير وتقييم المرء لذاته، والشعور بالرضا مع النفس هو الخطوة الأولى ليكون الشخص جيداً مع الآخر ولتحسين حياة الزوجين.
قلّة الجنس تسبب ضعفاً في جدران المهبل
في حالة النساء اللائي دخلن مرحلة انقطاع الطمث، عدم وجود اختراق مهبلي يمكن أن يسبِّب فقدان الجدران المهبليّة سمكها والتسبُّب في الألم عند حدوث اتصال جنسي. وفقاً لجمعية انقطاع الطمث الأمريكية، فإن ممارسة الجنس بانتظام مهمة لصحة المهبل بعد انقطاع الطمث.
بالمثل، هناك عضلاتٌ في العضو الذكري قد يحدث بها ضمور مع نقص اللقاءات الجنسية، ويختلف الوقت الذي يحدث فيه هذا الضمور من شخصٍ لآخر.
تحمي العلاقة الجنسية المنتظمة من ضعف الانتصاب وفي حالة المرأة تحمي من ضمور المهبل. كما هو الحال مع ترقُّق جدران المهبل، في النساء الأكبر سناً قد يكون إعادة تشحيم المهبل صعباً أيضاً. يحدث هذا مع تقدم المرأة في السنّ بسبب نقص هرمونات مثل هرمون الاستروجين.
إذا أخذنا امرأة شابة تبلغ من العمر 20 أو 30 كمثال على ذلك، فلن يحدث هذا لأن جسدها ما زال ينتج هرمون الاستروجين الذي يعمل على أن تظلّ هذه الأنسجة سليمة ومرنة ومشحمة بينما لا تمارس الجنس.
ممارسة الجنس.. حليف عظيم ضد الإجهاد
أثبتت الدراسات زيادة مستويات التوتُّر نتيجة لغياب إفراز هرمون السعادة الناتج عن الاتصال الجسدي، ويُترجم هذا التوتر إلى زيادة في ضغط الدم والكورتيزول، وهو هرمون يُفرَز نتيجة للتوتر والقلق أو الاكتئاب.
ومع ذلك، في حين أظهرت الأبحاث أن الاكتئاب وقلة ممارسة الجنس مرتبطان، فإن هذا يعكس الارتباط وليس السبب والنتيجة. إذا توقّف الشخص السليم عن ممارسة الجنس، فلن يشعر بالاكتئاب حيال ذلك، فلن يؤدي الافتقار إلى النشاط الجنسي إلى الاكتئاب السريري، على الرغم من وجود ارتباط كبير.
يساعد الاتصال الجنسي المنتظم في أن يشعر الزوجان بالقرب العاطفي، مما يفتح الباب أمام تواصل أفضل، كما يميل الأزواج الذين يمارسون الجنس كثيراً إلى القول إنهم أكثر سعادة من أولئك الذين يمارسونه أقل.
تقول بياتريز: «لا يتعلق الأمر بسباقات ماراثون جنسية؛ بل بفوائد النشاط الجنسي عندما يكون ذلك بين الأزواج الذين يتمتعون برابط الحب والأمان من عدم التعرض لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي».
قد يكون قضاء الكثير من الوقت دون ممارسة الجنس أمراً محبطاً إذا كنت تفضل أن تكون نشطاً جنسياً. ومع ذلك ، فإن فترة الامتناع عن ممارسة الجنس يمكن أن تكون فرصة للنمو الشخصي واحترام الذات.
رغم أن فوائد ممارسة الجنس على الصحة قد تُفقد مؤقتاً، إلا أن استعادتها مسألة وقت فقط. إذا كان نقص ممارسة الجنس يؤثر على العلاقة، فإن المحادثات الحميمة أو مع أخصائيي الصحة الجنسية يمكن أن تساعد على فهم ما هو ضروري لتحقيق الرضا وإشباع الرغبات.