واجهت السندات السيادية للبنان أحد أسوأ أيامها على الإطلاق، الثلاثاء، بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، مما أجج حالة عدم التيقن بشأن الطريقة التي سيتجاوز بها البلد أزمته الاقتصادية الأشد في نحو 30 عاما.
وشهد إصدارا 2021 و2022 أشد تراجعاتهما اليومية على الإطلاق، إذ هويا 6 سنتات، وفقا لبيانات “تريدويب”.
وقفزت عوائد بعض السندات لتصل في حالة إصدار 2020 إلى 38 بالمئة، مما يشير إلى أن تكاليف الاقتراض قد أصبحت باهظة على نحو معضل للبلد المثقل بالديون.
وتجتاح موجة احتجاجات غير مسبوقة لبنان منذ 17 أكتوبر، مع خروج الآلاف إلى الشوارع مطالبين الحكومة بالاستقالة، وسط غضب متصاعد حيال الزعماء السياسيين المتهمين بالفساد.
وأصابت الأزمة لبنان بالشلل، في ظل استمرار إغلاق المدارس والبنوك وبعض الشركات.
وقال رئيس دين الأسواق الناشئة العالمية لدى “أبردينستاندرد إنفستمنتس”، بريت ديمنت: “من الصعب النظر لذلك (استقالة الحكومة) كعامل إيجابي،” مضيفا أنه لا يوجد وضوح بشأن شكل أي حكومة بديلة.
وتابع: “الوضع شديد التعقيد، وعلى لبنان سداد فواتير باهظة، وسيكون من الصعب اجتياز الوضع الراهن دون إصلاحات اقتصادية حقيقية”.
وفقدت بعض إصدارات السندات الدولارية، مثل إصدار 2020، نحو 16سنتا منذ انطلاق المظاهرات في منتصف أكتوبر.
وبحسب بيانات “آي.إتش.إس” ماركت، فقد قفزت عقود مبادلة مخاطر الائتمان لخمس سنوات للبنان، وهي مقياس لتكلفة التأمين على الدين السيادي، من خطر التخلف عن السداد، 54 نقطة أساس عن إغلاق يوم الاثنين، إلى مستوى قياسي عند 1435 نقطة، في وقت سابق من اليوم، بعد أن أوردت رويترز نقلا عن مصادر أن من المرجح أن يقدم الحريري استقالته.
وينطوي مستوى العقود الحالي على احتمال نسبته 26 بالمئة، أن يتخلف لبنان عن سداد ديونه خلال عام، و59 بالمئة في غضون خمس سنوات، وفقا لحسابات “آي.إتش.إس” ماركت.
وقال مدير استراتيجية الأسواق الناشئة “فيتي.دي” للأوراق المالية، كريستيان ماجيو: “لو كانت هذه الحكومة مسؤولة عن هذا الوضع الأليم لكانت استقالتها إيجابية، لكن من المعتاد أن رحيل أي حكومة دون خطة واضحة للمستقبل ليس شيئا إيجابيا أبدا”.
وتابع: “منذ أواخر 2018، يشهد البلد تدهورا مطردا في أوضاعه الائتمانية والسوق استبقت التوقعات، مما يعني أنها تحدد الأسعار على أساس مستويات تقل درجتين عن متوسط تصنيف لبنان في الوقت الحالي.”
وقفزت علاوة الدين اللبناني فوق أدوات الخزانة الأميركية الآمنة، وفقا لمؤشر “جيه.بي مورغان” لديون الأسواق الناشئة، إلى مستوى قياسي مرتفع عند 1715 نقطة أساس.
ولبنان أحد أربعة بلدان، إلى جانب الأرجنتين وفنزويلا وزامبيا – وجميعها نقاط ساخنة – تزيد علاوتها السعرية على الألف نقطة أساس.
ودخلت التصنيفات الائتمانية دائرة الضوء أيضا، فتصنيف “ستاندرداند بورز غلوبال” للبنان يبلغ B-، لكن التصنيف المفترض على أساس أسعار التأمين على ديون لبنان يقل درجة واحدة عند CCC+.
أما موديز فتصنف لبنان عند مستوى Caa1، الذي يقل بالفعل درجة واحدة عن “ستاندرد أند بورز”، في حين خفضت “فيتش” تصنيفها إلى CCC في أغسطس، وهو التصنيف الأدنى بين الوكالات الثلاث.
ويوم الاثنين، حذر حاكم مصرف لبنان المركزي من أن البلاد بحاحة إلى حل للأزمة “خلال أيام”ن وذلك “من أجل استعادة الثقة وتفادي أي انهيار اقتصادي في المستقبل”.