أُضيفت موسيقى الكناوة إلى للقائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، التابعة لمنظمة اليونسكو، وتُعرف الكناوة بأنها إيقاعات موسيقية لأخوية صوفية وصلت إلى يومنا هذا حاملةً اسماً يذكّرنا بالقوافل التي كانت تعبر الصحراء محمّلة بالعبيد من غينيا أو تومبوكتو (مالي)، مُتّجهةً إلى شمال إفريقيا موقع El Pais الإسباني.
والكناوة أصلها كينيا، وهي كلمة دارجة ومستخدمة في منطقة سوس (في الجنوب الغربي للمغرب)، ويعود أقدم توثيق لهذا الاسم إلى أوائل القرن التاسع عشر.
تشير الكناوة إلى الموسيقى الصوفية، بألحانها المتكررة والعميقة، التي تجعل المستمعين في حالة من النشوة، من خلال الأناشيد والابتهالات إلى الله، مع أصوات موسيقية صادرة عن آلة الكمبري مع إيقاع طبولٍ تتخلله بعض أصوات آلة الكاستانيت المعدنية، التي تشبه الصاجات، وتجعل الإيقاع سريعاً حتى يصل المريدون إلى المرحلة التي يقولون عنها «الجذبة»، أو النشوة.
لن نستطيع أن نقول إن هذه الموسيقى لها موسم أو توقيت محدد في السنة، فقد تسمع ألحان الكناوة يومياً على مدار العام بالبيئات الريفية وفي المدن، وتُعزف بالكمبري، أو تُمزج مع موسيقى غربية، ويرقص عليها الكناويون في كل مكان.
في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول، قدّمت لجنة الأمم المتحدة بكولومبيا، التي تقيِّم ترشيحات الدول الأطراف في اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي (2003)، وهو التقرير الذي يفيد بأن الكناوة تشكل «تجسيداً لا جدال فيه للتراث العالمي الذي يجب الإسهام في حمايته».
وصفتها منظمة اليونسكو بأنها مجموعة من الفعاليات الموسيقية والعروض والممارسات والطقوس العلاجية التي تمزج بين الدنيوي والمقدّس.
مارسها العبيد وضحايا تجارة الرقيق..
مارس الكناوة مجموعات وأفراداً كانت أصولهم من العبيد، وعانوا كثيراً من تجارة الرق التي يعود تاريخها إلى القرن السادس، فتراها تعبّر عن نضال الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية الذين قدِموا إلى المغرب في عشرينيات القرن العشرين عبر باريس وجعلوا الكناوة موسيقاهم المفضلة؛ لأنها ذكّرتهم بجذورهم عندما كانوا عبيداً».
تجمع الكناوة بين الفن الإفريقي والتأثر بالفن العربي الإسلامي والعروض الثقافية البربرية المحلية.
مزيج الكناوة بالجاز
حظيت الكناوة بدعم كبير من الأمريكيين الأفارقة، إذ أعطت مساحة للمغاربة الذين لم يشعروا بأن الموسيقى العربية الحديثة تمثّلهم، وأرادوا المطالبة بجذورهم شمال الإفريقية والبربرية.
يعود انتشار الكناوة عالمياً إلى حقبة السبعينيات، حين اندمجت مع موسيقى الجاز. «في عام 1972، نظّم راندي ويستون مهرجاناً كبيراً لموسيقى الجاز بطنجة، في أعقاب احتفال الجزائر بالوحدة الإفريقية في مهرجان كبير في عام 1969».
عاش راندي في المغرب ثماني سنوات وكان مُفلساً، وعليه أن يعود إلى نيويورك، لكن الألبوم الذي نشره عند عودته كان عملاً لا يُنسى وحقق مبيعات هائلة.
قضى ويستون، الذي كان يمتلك نادياً للجاز في طنجة، حياته كلها ذهاباً وإياباً، وعزف مع أحد فرق الكناوة، لتلتقي براعته في الجاز مع تناغم الموسيقى المغربية كأنك تستمع بجمال الخيول العربية وهي تغرس قدمها في قلب الصحراء.
يرى الكناويون أن الأدوات الموسيقية مقدسة، وينقل المُعلم هذا اللقب الفخري عن طريق توريث آلة الكمبري خاصته إلى أحد المريدين، والذي يُنصّب بعد ذلك بهذه الصفة.
وفي الوقت الحالي، تبرز بعض النساء بالفعل على المسارح المغربية ويعزفن على الكمبري ببراعة، ومنهنّ من اقتحمن الساحة برغبتهن ومنهنّ من توارثن الفن عن الآباء، وأبرزهن الفنانة أسماء حمزاوي التي استطاعت تخليد هذا الفن رغم صغر سنها.
أصبحت الكناوة الموسيقى الوطنية للمغرب، إلى جانب غيرها من مظاهر الموسيقى العربية الأندلسية الرائعة، وهي تنتشر في جميع أنحاء أوروبا من خلال عديد من المهرجانات الموسيقية العالمية.
في بلجيكا وفرنسا وألمانيا، ينبهر الجميع أمام العازفين المغاربة الذين يسافرون كثيراً لإحياء حفلات موسيقية يدمجون فيها موسيقى الكناوة مع الجاز.
وقد احتفل الكناويون، العام الماضي، بتتويج موسيقاهم ضمن قائمة منظمة اليونسكو، التي أضافت إلى قائمتها أيضاً موسيقى المورنا التي تميّز جزيرة الرأس الأخضر الإفريقية، والتي اكتسبت شهرتها بفضل سيزاريا إيفورا التي كانت تلقَّب بملكة المورنا.