احتشد المتظاهرون اللبنانيون اليوم بأعداد كبيرة بالقرب من مقر مجلس النواب بوسط العاصمة بيروت، في إطار تجدد الاحتجاجات الشعبية رفضا لما يعتبرونه المماطلة في تشكيل الحكومة الجديدة ومحاولة التفاف القوى السياسية القابضة على زمام السلطة في البلاد على مطلب تأليف حكومة من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين عن الأحزاب والتيارات السياسية.
وكان المتظاهرون قد بدأوا تجمعهم اعتبارا من الخامسة عصر اليوم في ساحة الشهداء بوسط العاصمة، في ضوء الدعوات التي أُطلقت بالأمس في هذا الصدد، ثم توجهوا إلى منطقة ساحة النجمة حيث مقر المجلس النيابي، وسط تواجد أمني مكثف من شرطة مجلس النواب وقوات مكافحة الشغب، غير أنه لم تقع أية مواجهات أو أعمال شغب.
وشاركت أعداد كبيرة من المتظاهرين في الوقفة الاحتجاجية أمام مقر البرلمان، حيث تدفق المحتجون من بيروت ومناطق أخرى متفرقة من عموم البلاد، على نحو كان من شأنه إغلاق حركة السير في محيط ساحة النجمة ومنطقة وسط بيروت التجاري جراء الأعداد الكبيرة التي استجابت للدعوة بالاحتشاد في إطار الانتفاضة الشعبية المستمرة التي يشهدها لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي.
ورفع المتظاهرون أعلام لبنان ولافتات تطالب بإخضاع مرتكبي جرائم العدوان على المال العام للمحاسبة القضائية واسترداد أموال الدولة المنهوبة، كما رددوا هتافات مناهضة لأشخاص من رموز القوى السياسية الحاكمة.
وأكدوا رفضهم أن يتولى رئيس الوزراء المكلف الدكتور حسان دياب رئاسة وتشكيل الحكومة المقبلة، حيث اعتبر فريق من المتظاهرين أنه يمثل أحد أفراد السلطة التي انتفض عليها الشعب اللبناني وأنه يقوم بتشكيل حكومة خلافا لإرادة جموع اللبنانيين، في حين قال آخرون إنه ليست لديهم مشكلة مع شخص حسان دياب وأن رفضهم له مرجعه الطريقة التي اختير في ضوئها لتشكيل الحكومة.
وأشاروا إلى أنهم مستمرون في انتفاضتهم والاحتجاج في الشوارع إلى أن تتحقق مطالبهم بتشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين وألا تضم وجوها من الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة، معتبرين أن السياسيين اللبنانيين الذين يقومون على السلطة الحالية تسببوا في انهيار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.
واعتبر المتظاهرون أن السلطة السياسية تتجاهل إرادة مطالب المنتفضين منذ 3 أشهر، وتعمل على تشكيل حكومة على نسق الحكومات السابقة بما تحمله من محاصصة وزارية وطائفية ومذهبية وصراعات على الأحجام ونوعية الحقائب الوزارية فيما بينهم ومحاولة البعض منهم الاستئثار بالسلطة على حساب الآخرين.
وقال المتظاهرون إنهم “لا يطالبون بالمستحيل” وإنما فقط تشكيل حكومة مستقلة من الخبراء المتخصصين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، مشيرين إلى أن قوى السلطة تصورت أن الانتفاضة الشعبية قد انتهت بعد هدأت وتيرة الاحتجاجات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على وقع موجة الطقس السيئ والعواصف التي تضرب لبنان.
وأوضحوا أن تجدد الاحتجاجات بصورة كبيرة لاسيما خلال اليومين الماضيين، جاء جراء التدهور المتسارع في الاقتصاد والذي بلغت مظاهره ذروتها بانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار بأكثر من 50% من قيمتها وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وتصاعد حالات الفصل والصرف من الوظائف وتخفيض رواتب المواطنين، فضلا عما وصفوه بـ “حالة الاستفزاز” التي أظهرتها القوى السياسية بعودتها للصراعات ومنطق المحاصصة في تشكيل الحكومة الجديدة.
وحذر المتظاهرون من أن حالة المماطلة وعدم الاستجابة للشارع من شأنها أن تولد “انفجارا اجتماعيا واسعا” جراء تدهور الواقع المعيشي في البلاد بصورة كبيرة، حيث قال عدد منهم إن السواد الأعظم من الشعب اللبناني أصبح يعاني ضائقة مالية ومعيشية غير مسبوقة “ولم يعد لديه ما يخسره”. على حد تعبير بعضهم.