اختارت اللجنة المنظمة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ51 والتي ستبدأ في يناير/كانون الثاني 2020، الدكتور جمال حمدان «شخصية العام»، وهو الامر الذي لاقى ترحيباً كبيراً في الوسط الثقافي المصري.

جمال حمدان قدم لمصر والعالمين العربي والإسلامي أعمالاً فكرية سبقت عصره بسنوات كبيرة، وربما كعادة العباقرة لم يلق د.حمدان في حياته سوى القليل من الاحتفاء مقارنة بما صنعه. فمن هو د. جمال حمدان، وما هي مؤلفاته الهامة وقصة حياته التي لم تكتمل، وانتهت نهاية مبتورة غامضة؟ هذا ما سوف نتعرف عليه بمتابعة هذا التقرير.

من هو د. جمال حمدان؟
جمال حمدان هو جغرافي ومفكر وباحث مصري في إحدى قرى محافظة القليوبية في مصر «قرية ناي» في 4 فبراير/شباط 1928، وتربى ونشأ في أسرة ترجع أصولها -بحسب بعض المصادر– إلى قبيلة «بني حمدان» العربية النازحة إلى مصر في أثناء الفتح الإسلامي.

تلقى تعليمه على يد والده شخصياً، والذي كان مدرساً أزهرياً في إحدى مدارس القاهرة، وحرص على تلقين ابنه جمال علوم الدين والقرآن، ثم تفوق في دراسته الإعدادية والثانوية، والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، وتخرج منها أستاذاً مساعداً.

بعدما رُقي إلى درجة أستاذ مدرس، استطاع عام 1949 أن يلتحق ببعثة دراسية في بريطانيا حيث أكمل أبحاثه ودراساته الجغرافية هناك، وبدأ في كتابة 3 من أهم مؤلفاته مبكراً في هذه الأثناء؛ وهي: «جغرافيا المدن» و«المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم» و«دراسات عن العالم العربي». وفاز عن هذه الكتب بجائزة الدولة التشجيعية عام 1959.

جمال حمدان الشغف بالجغرافيا ومصر والناصرية
بعد عودته من الدراسة في بريطانيا انتدب للعمل في السودان مدرساً جامعياً، لكنه لم يلاق الشغف الذي طارده بالكتابة في علم الجغرافيا وتحديداً الجغرافيا السياسية، فترك العمل بعدما عانى من بعض البيروقراطية الإدارية في السودان، وفي عام 1963 تفرغ لكتاباته التي صارت لاحقاً من أهم المراجع التي حللت الأصول الجغرافية والحدود السياسية للبلاد بما فيها مصر.

تناول جمال حمدان في كتاباته تحليلاً جغرافياً سياسياً فريداً لم يكن لأحد من قبله أن يتناوله بهذه الدقة، وخاصة لأنه قد تزامنت حياته مع حركة تحرر مصر من الاحتلال الإنجليزي، وبزوغ فجر ثورة يوليو التي أطاحت بالحكم الملكي لمصر وحولتها إلى جمهورية تتبنى الفكر الاشتراكي.

كان فكر حمدان منصباً على تحليل قوة مصر الجغرافية، وإعلاء التوجه الفكري للرئيس جمال عبدالناصر بصفته العقل المدبر للثورة، والحاكم الفريد -والوحيد بحسب فكر حمدان- الذي استطاع إدراك أهمية القوة الجغرافية لمصر.

فبحسب حمدان في مذكراته الخاصة يرى حمدان أن الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر أول حاكم يعرف جغرافيا مصر السياسية وأن «الناصرية هي المصرية كما ينبغي أن تكون» أنت مصري إذاً أنت ناصري، وحتى لو انفصلنا عنه «عبد الناصر» أو رفضناه كشخص أو كإنجاز.

وكل حاكم بعد عبدالناصر لا يملك أن يخرج على الناصرية، ولو أراد إلا وخرج عن المصرية، أي كان خائناً لأن الناصرية في رأيه قدر مصر الذي لا يملك مصري الهروب منه.

ويقول إن الناصرية «بوصلة مصر الطبيعية» مع احتفاظ كل مصري بحقه المطلق في رفض عبدالناصر لأن المصري «ناصري قبل الناصرية وبعدها وبدونها».

جمال حمدان وفلسفة الجغرافيا
ربما كان شغفه الشديد الجغرافيا وعلم أصول الأجناس هو ما دفعه لبحث تاريخ مصر أولاً، وتحليله من زوايا بخلاف الخرائط وأسماء الحكام والساسة؛ في أحد أهم وأكبر أعماله إلى اليوم «شخصية مصر – دراسة في عبقرية المكان»، ونشر لأول مرة كتاباً كاملاً عام 1967، ثم تحول الى موسوعة في أربعة مجلدات لا تخص الجغرافيا وحدها؛ وإنما قراءة لماضي البلاد ومستقبلها إذ يسجل في المقدمة فيما يشبه الرثاء أن مصر تحولت من «أول أمة في التاريخ إلى أول دولة، إلى أول إمبراطورية، الى أطول مُستَعْمَرة في التاريخ»، قبل أن تتخلى عن مكانتها ودورها، كما يقول في أوراقه.

وكتب عن مصر تحليلاً هاماً دقيقاً، أبدى فيه تخوفاً شديداً من تراجع مساحة الزراعة التي تعني الحياة للبلاد. ومن غير الزراعة ستتحول مصر «إلى مقبرة بحجم الدولة، ولا تصلح بطبيعتها للرأسمالية المسعورة الجامحة الجانحة. الرأسمالية الهوجاء مقتل مصر الطبيعية.»

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version