في الوقت الذي يسعى فيه فريق الدفاع عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقناع أعضاء مجلس الشيوخ أن الرجل لم يفعل شيئاً يستدعي المحاكمة سعياً لإنهاء الأمر بسرعة، ظهرت أدلة دامغة لو تم إدراجها من خلال شهادة صاحبها لتغير مسار المحاكمة بشكل درامي، فما القصة؟
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: «5 نقاط أساسية حول ترامب وأوكرانيا من كتاب جون بولتون»، ألقت فيه الضوء على ما جاء في كتاب بولتون.
إدانة من مصدر مباشر
ربط الرئيس ترامب مباشرةً حجبَ ما يقرب من 400 مليون دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية بالتحقيقات التي توخى من المسؤولين الأوكرانيين الشروعَ فيها، وفقاً لمسودة غير منشورة لكتاب كتبه جون بولتون، مستشار ترامب السابق للأمن القومي، عن الفترة التي خدم فيها في البيت الأبيض.
تقوض الرواية الآتية من مصدر مباشر عن الرابط بين المساعدات والتحقيقات، والتي تستند إلى الاجتماعات والمحادثات التي أجراها بولتون مع ترامب، حُجةَ دفاعٍ أساسية يستخدمها الرئيس في مواجهة عزله: وهي أن قرار تجميد المساعدات كان مستقلاً عن طلباته بأن تعلن أوكرانيا عن فتح تحقيقات، ذات دوافع سياسية، بحق نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، وابنه هنتر.
في مرافعاتهم الافتتاحية يوم السبت في محاكمة الرئيس ترامب، أكّد محامو الرئيس أن ترامب كان لديه مخاوف مشروعة بشأن الفساد في أوكرانيا وعما إذا كانت الدول الأخرى تقدم مساعدة كافية لأوكرانيا في حربها على الانفصاليين المدعومين من روسيا، وهي مخاوف قال محاموه إنها تفسر تردده في الإفراج عن المساعدات. وقالوا أيضاً إن الديمقراطيين ليس لديهم دليل مباشر على مقايضة الربط بين المساعدات في مقابل التحقيقات والتي يزعمون أنها في صميم قضية العزل.
تناول عدة أشخاص رواية بولتون. وقد أُرسلت مسودة للكتاب، والتي تقدم لمحة عن الكيفية التي قد تأتي عليها شهادة بولتون في المحاكمة إذا استُدعي، إلى البيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة لمراجعتها، وإليكم خمسة نقاط أساسية في رواية مستشار الأمن القومي السابق:
ربط ترامب المساعدات لأوكرانيا بالتحقيقات التي سعى إليها من مسؤوليها
خلال محادثة في أغسطس/آب مع ترامب، أعرب بولتون عن قلقه فيما يتعلق بتأخير مبلغ 391 مليون دولار من المساعدات التي خصصها الكونغرس لأوكرانيا في ظل اقتراب الموعد النهائي لإرسال الأموال.
أجاب ترامب عن ذلك بأنه يفضل عدم إرسال أي مساعدة لأوكرانيا حتى يسلّم مسؤولوها جميع المواد التي لديهم حول التحقيق الروسي المتعلق بجو بايدن والمسؤولين الأمريكيين المؤيدين لهيلاري كلينتون في أوكرانيا، مستنداً في ذلك إلى نظريات لا أساس لها وتأكيدات أخرى كان رودولف جولياني، محامي ترامب الشخصي، قد أخذ يروّج لها عن جهود أوكرانية لتحطيم ترامب سياسياً.
وعادةً ما يصطدم ترامب ويوجه انتقاداته إلى معارضين متعددين في خطبه، وكثيراً ما يصنّف المسؤولين عن إنفاذ القانون الذين حققوا في روابط لحملته الانتخابية بروسيا، ويعاملهم معاملة الديمقراطيين وغيرهم من أعدائه المتصورين، وهو ما يبدو أنه يفعله مع بولتون.
ترامب على خلاف مع مسؤولي الأمن القومي بشأن تأخير المساعدات
وفقاً لبولتون، فإن وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر انضما إليه في الضغط على ترامب للإفراج عن المساعدات خلال الأسابيع التي سبقت اجتماع أغسطس/آب.
ومع ذلك، فإن ترامب تجاهل مبادراته مراراً وتكراراً مستدعياً شكاوى متنوعة كانت لديه ليسوّغ عدم رضاه عن أوكرانيا، وبعضها يتعلق بجهود بعض الأوكرانيين في دعم هيلاري كلينتون إبان انتخابات عام 2016 الرئاسية، وقضايا غيرها تتعلق بمؤامرات مفترضة واتهامات غير مدعومة بأسس حقيقية، إضافة إلى أحاديث عن خادم حاسب آلي مخترق عمدت «اللجنة الوطنية الديمقراطية» إلى إخفائه في أوكرانيا، من شأنه إذا ظهر أن يقوض الادعاءات بأن فوز ترامب كان بواسطة تدخل روسي.
بولتون يقول إنه تحدث إلى بومبيو وبار عن رودي جولياني
كتب بولتون أن بومبيو اعترف له سراً الربيع الماضي بأن ادعاءات جولياني بشأن ماري يوفانوفيتش، السفيرة الأمريكية في أوكرانيا آنذاك، ليس لها أي أساس، ولا سيما الادعاءات بأنها كانت تتحدث بالسوء علناً عن ترامب وتوجه الانتقادات له، ولـمّح بومبيو في كلامه مع بولتون إلى احتمال أن جولياني أراد خروج يوفانوفيتش من منصبها لأنها ربما كانت تستهدف رجال أعمالٍ عملاء له ضمن مساعيها لمكافحة الفساد. ومع ذلك، فإن بومبيو وافق دون معارضة على أوامر ترامب باستدعاء يوفانوفيتش في مايو/أيار الماضي.
واشتعل بومبيو بالغضب مهاجماً مراسلة الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية يوم السبت، عندما سألته في مقابلة عن إقالة يوفانوفيتش من منصبها.
كتب بولتون أيضاً أنه كان لديه مخاوف بشأن جولياني. وقال إنه حذر محامي البيت الأبيض العام الماضي من أن جولياني ربما كان يستخدم عمله ممثلاً للرئيس كميزة لمساعدة عملاء لحسابه الخاص.
ومن بين الأسماء الأخرى التي أشار إليها بولتون في المسودة: المدعي العام وليام بار، فقد كتب بولتون أنه تحدث إلى بار عن قلقه بشأن تأثير جولياني على الرئيس، بعد مكالمة ترامب الهاتفية في 25 يوليو/تموز مع رئيس أوكرانيا. وكانت تلك المكالمة جزءاً رئيساً من شكوى المبلّغ التي دفعت إلى تحقيق الكونغرس في عزل الرئيس. بيد أن بار نفى يوم الأحد رواية بولتون، من خلال متحدثة باسمه.
بولتون يعتزم الإدلاء بشهادته، والبيت الأبيض لا يريد ذلك
بولتون الذي أصدر بياناً هذا الشهر يقول فيه إنه سيمثل في محاكمة ترامب إذا استُدعي، وأنه على استعداد للإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ، وفقاً لما ذكره مقربون منه. وهو يعتقد أن لديه نظرة وثيقة الصلة ليقدمها قبل تصويت أعضاء مجلس الشيوخ على إقالة ترامب. وقال مقربون له إنه يشعر بالقلق أيضاً من أنه إذا صدرت روايته عن تعاملات ترامب فيما يتعلق بأوكرانيا بعد المحاكمة، فسيُتهم بأنه قد حجب موادَّ يُحتمل أن تشير إلى وقوع مخالفات للقانون، من أجل زيادة مبيعات كتابه.
لكن ترامب والبيت الأبيض لا يريدان لبولتون أن يظهر للإدلاء بشهادته، وكان البيت الأبيض قد أمر بالفعل بولتون ومسؤولين رئيسين آخرين بعدم التعاون مع تحقيقات العزل. وأتت مسودة كتاب بولتون لتكثّف من قلق مستشاري الرئيس وتدفعهم إلى التفكير في حاجتهم إلى استخدام أمر تقييدي لمنع بولتون من الإدلاء بشهادته، وفقاً لشخصين مطلعين. لكن ليس من الواضح ما إذا كانوا سينجحون في ذلك أم لا.
مسودة الكتاب تقدم التفاتات مهمة قد تغيّر مسار محاكمة العزل
يمكن للكشف عن مسودة كتاب بولتون أن يعقّد محاكمة العزل. وكانت الحفنة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين المعتدلين الذين سبق أن أبانوا عن إشارات إلى انفتاحهم على استدعاء شهود قد بدوا غير مقتنعين بالحجج التي قدمها الكونغرس ذو الأغلبية الديمقراطية الأسبوع الماضي في المحاكمة التي أوردت صحيفة The New York Times عن مصادر لها يوم الجمعة أنها تتجه للانتهاء في وقت مبكر من هذا الأسبوع بالتصويت على تبرئة ترامب.
وقد يبعث ما كشفت عنه مسودة بولتون على دعمٍ ما بين تلك المجموعة ومجموعة أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين الذين أشاروا إلى انفتاحهم على الاستماع لشهادته. وقال السيناتور الجمهوري لامار ألكسندر يوم الجمعة إنه يعتزم الانتظار إلى يوم الجمعة حتى ينتهي محامو ترامب من تقديم دفاعهم، وينتهي النواب من سؤال المحامين لكي يتخذ قراره بشأن ما إذا كان سيدعم استدعاء شهود آخرين وأدلة جديدة أم لا.
وهناك عضو مجلس شيوخ واحد على الأقل من الذين سيصوتون على العزل مذكور بالاسم في مسودة الكتاب: وهو السيناتور رونالد جونسون، وهو سيناتور جمهوري عن ولاية ويسكونسن. ويقول بولتون في مسودة كتابه إن جونسون كان حاضراً خلال اجتماع عُقد في شهر مايو/أيار الماضي مع ترامب، أخذ الرئيس ترامب يشكو بحدة من محاولة أوكرانيا إلحاق الضرر به سياسياً.
ومن ثمَّ إذا عمد مجلس الشيوخ إلى التصويت بالفعل لصالح استدعاء بولتون للاستماع لشهادته، فقد تمتد محاكمة العزل حتى فبراير/شباط.