ألهبت المغنية الكولومبية من أصل لبناني الجماهير في عرضها الفني الأخير في منتصف شوط مباراة كرة القدم الأمريكية لعام 2020. إلا أن السبب لم يكن أغانيها الشهيرة أو رقصها الشرقي في أكبر محفل رياضي في أمريكا الشمالية، بل جزء آخر من هويتها العربية “الزغروتة”.

إذ أمسكت شاكيرا الميكروفون أثناء نقل الكاميرا وقائع الحفل المباشر الذي جمعها مع المغنية الأمريكية من أصول لاتينية جنيفر لوبيز، ثم اقتربت من الكاميرا وأدت الزغروطة.

كانت واضحة وعالية ومباشرة إلى الكاميرا، لتصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية العالمية في غضون دقائق.

ثم ما لبث أن تحولت الزغروتة إلى مقطع فكاهي أو ما يسمى في عالم الإنترنت meme لتضاف عليه النكات والمواقف التي يمكن فيها استخدام هذا النوع من التعبير – سواء رفضاً أو سخرية أو احتفالاً.

لكن العرب سارعوا إلى توضيح ما أدته شاكيرا مع موجز بسيط لتاريخ الزغروتة.

إذ ذكر موقع Arab America أن أصل الزغاريت ”Zaghareet» أو Ululation يرجع إلى عصر ما قبل الإسلام، حيث كانت من طقوس الوثنية التقليدية التي تمارسها بشكل جماعي النساء اللواتي يطلبن من الأصنام الإغاثة والرحمة والمطر، وما إلى ذلك.

وبالإضافة إلى قرع الطبول، استخدمت الزغاريت أيضاً كأسلوب تعبير لتحفيز الإثارة في ساحات القتال.

تاريخ الزغروتة

تستخدم الزغروتة المكونة من طبقات عالية يرافقها تحريك سريع للسان في سائر الدول العربية، سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، في الخطوبة والأعراس والمناسبات السعيدة.

إلى جانب كونها صيحة احتفال، فهي نوع من الإعلان الصوتي العالي والإشهار لحدث سعيد.

وقد يسبق الزغروتة في بعض الدول نظم شعري شعبي يسمى “آويها” تزف فيه النساء العروسان، وغالباً ما يتضمن تعابير ودعوات بحياة سعيدة وعامرة.

ومن اللافت أن مجرد إطلاق زغروتة واحدة يعد بمثابة دعوة لمشاركة النساء الأخريات الحاضرات، اللواتي يسارعن عادةً في إعلاء الصوت لمستوى قد يصل إلى 85 ديسبل، وهو مستوى قد يصم الآذان لو استمر لفترة طويلة!

وتعتبر الزغروتة حكراً إلى حد كبير على النساء والمشاركة في إطلاقها تشكل بطريقة أو بأخرى تعبيراً عن الروابط الاجتماعية والتقدير المتبادل ما بينهن.

بل في بعض المجتمعات، تعتبر عدم المشاركة علامة عدم رضا أو موقفاً سلبياً – لمن تجيدها طبعاً.

زغروتة افراح

مناسبات تستخدم فيها الزغروتة

إلى جانب الأعراس، يمكن أن تتردد أصداء الزغاريت من المنازل مثلاً في أكثر من مناسبة، منها عودة الحجاج من أداء فريضة الحج، أو عند ولادة طفل جديد، أو نجاح الطلاب أو حفلات التخرج.

الزغاريت عند الوفاة

رغم أن الزغاريت أسلوب تعبيري عن الفرح والسعادة، إلا أنها تستخدم في بعض الأحيان في الجنازات.

فإذا ما كان المتوفى شاباً أو شابة، يلجأ الأهل لإطلاق الزغاريت كتعبير حزين عن زف الميت إلى مثواه الأخير.

وتطلق الزغاريت أيضاً في جنازة من توفي وكان على وشك الزواج، في وداع عاطفي أخير.

الزغاريت ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول

في دراسة أكاديمية أعدتها الباحثة من جامعة واشنطن ميغان دروري والمتخصصة في الشؤون الثقافية للشرق الأوسط، بينت في أكثر من موضع كيفية تشويه وسائل الإعلام الأمريكية للممارسة الثقافية العربية الصوتية الاحتفالية.

ومن خلال استعراض تاريخ تجسيد الفن للزغروتة، تعرف المجتمع الغربي أولاً على الزغاريت عبر فيلم لورانس العرب، حيث تظهر النساء في أعلى الجبل وهن يطلقن الزغاريت كنوع من التشجيع والتخفيز الحسي للمقاتيلن في الصحراء.

لكن في حقبة ما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، التي شهدت إسقاط برجي التجارة العالمية في نيويورك، بثت القنوات التلفزيونية الكبرى مشاهد من الضفة العربية حيث كانت النساء يحتفلن بسقوط البرجين عبر إطلاق الزغاريت.

وهو ما فسرته الباحثة على أنه تصوير سلبي للمرأة العربية ومزج نمطي بين الإسلام والإرهاب.

لكنها أشارت إلى أن هذه الصورة بدأت تتلاشى تدريجياً بفعل الزمن، رغم ربط الزغروتة مجدداً بمشهد لامراة إرهابية منقبة في مسلسل The Simpson الكرتوني.

وحالياً فإن صفوف تعليم الرقص الشرقي مثلاً في النوادي الرياضية واستديوهات الرقص المنتشرة في أمريكا، تُطلق الزغاريت دائماً كنوع من التحفيز، وهو ما يعيد تعريفها كممارسة للفرح والاحتفال.

زغروتة مغربية - zaghrouta maghrebiya

شعوب أخرى تستخدم الزغاريت

قد لا يكون اسمها زغاريت في تلك الدول ولكنها تشبهها كثيراً، إذ تستخدم الزغروتة في تنزاينا خلال الأعراس والاحتفالات بالمواليد والتخرج والمهرجانات الأخرى، وحتى في الكنائس.

والأمر نفسه يطبق في مناطق سواحيلي (كينيا وأوغندا وبوستوانا ورواندا وغيرها) بإفريقيا.

وتستخدم الزغروتة أيضاً في بعض الولايات الهندية مثل كيرالا والبنغال ودولة سريلانكا وغيرها، وذلك في الاحتفالات والمهرجانات.

أول تأريخ إغريقي لها يربطها بليبيا

ولعل أقدم تأريخ لها أو إشارة لها في الموروثات التاريخية، هو وصف المؤرخ الإغريقي هومر (484-425 ما قبل الميلاد) للزغروتة.

إذ قال فيها: «أعتقد أن (أولياتي) أو صرخة المديح المنبعثة خلال طقوس العبادة في أثينا بدأت في ليبيا، لأنها تستخدم بكثرة من قبل النساء الليبيات، اللائي يؤدينها بطريقة متقنة».

 

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version