قالت ذي إنترست إن الخطة الأميركية للسلام التي هندسها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب، التي وصفت على نطاق واسع بأنها تفتقر إلى السلام قد تقلب إستراتيجية إسرائيل رأسا على عقب.
وتشير المجلة الأميركية -بقلم محررها بول بيلر- إلى أن خطط السلام الحقيقية تنطوي على حلول وسط لطرفي النزاع، ويمكن تعديل تلك الحلول بالمفاوضات التي ينبغي أن تلبي الحد الأدنى من متطلبات الطرفين، لا أن تدعم طرفا على حساب آخر كما تفعل الخطة التي أعلنها ترامب.
فكما أن “السلام” تسمية خاطئة للخطة الأميركية، فإن “الدولة” أيضا تسمية غير دقيقة للكيان الفلسطيني الذي تتحدث عنه الخطة، وفق ما تقول ذي إنترست.
وتوضح أن الكيان الفلسطيني مجرد بانتسوتان (مناطق بجنوب أفريقيا غالبية سكانها من السود) لن يملك قوة أكثر مما تملكه السلطة الفلسطينية حاليا، وسيبقى الأمن بيد القوة المحتلة، ولا يمكن لهذا الكيان أن يكون له وجود لأن الخطة لا تلبي أدنى حد من المتطلبات الفلسطينية، مشيرة إلى أن خطة ترامب ما هي إلا المسمار الأخير في نعش حل الدولتين.
وتشير ذي إنترست إلى أن التوازي الأكثر تحديدا بين خطة ترامب والمراحل السابقة من هذا الصراع هو نمط حصول إسرائيل على فوائد فورية مقابل اعتراف غامض فقط بالتطلعات الوطنية للفلسطينيين، والاحتفاظ بإمكانية تحقيق تلك التطلعات في وقت ما في المستقبل.
فجهود الرئيس السابق جيمي كارتر في كامب ديفيد عام 1978 خير دليل على هذا النمط، حيث أثمرت اتفاقية تضمنت جزأين، أحدهما أدى إلى إبرام اتفاقية سلام تريدها حكومة مناحين بيغن، وثانيهما تحدث عن “إطار” سطحي للتعامل في المستقبل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما هو الحال بخطة ترامب، دون مشاركة فلسطينية، ولم تفعل حكومة بيغن شيئا بشأن الفلسطينيين.
وبعد 15 عاما أنتجت اتفاقية أوسلو نوعا من السلطة الفلسطينية المؤقتة شبيهة بـ “إطار” كامب ديفيد، ولكنها أبقت حق تقرير المصير للفلسطينيين كطموح فقط يمكن الحديث عنه في المستقبل، وهذا ينطبق على خطة ترامب اليوم.
إستراتيجية الأحلام
فإستراتيجية ترحيل مسألة تقرير المصير الفلسطيني -إلى أجل مسمى لأرض الأحلام- تعمل بشكل أفضل عندما تظل أي خطط تتعلق بالحقائق السياسية غامضة، وخاصة عندما لا يتم الكشف عن مثل هذه الخطط على الإطلاق.
ولكن الأحلام لا يمكن إلا أن تدعم موقفاً حتى الآن، وخاصة عندما يصطدم الحلم بالبشاعة الكاملة للخضوع الرسمي لدولة من قبل دولة أخرى. فالقومية الفلسطينية لن تزول، ولن يتم شراؤها بإغراءات في كتيبات براقة عن التنمية الاقتصادية، ولن يتخلى العرب الآخرون عن تأييدها، كما يتضح من الموقف الحازم الذي عبّر عنه ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز مراراً وتكراراً.
وبغض النظر عما يتم في السنوات المقبلة مما يمرر للقيادة الفلسطينية، فإن “الإرهابيين وغيرهم من المتطرفين” سيواصلون استغلال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم يتم حله لأغراضهم الخاصة.
ومن دعائم الإستراتيجية الإسرائيلية -التي تقوم عليها خطة ترامب- استخدام الرفض الفلسطيني الحتمي للخطة لإضافته إلى الأساطير بأن الفلسطينيين، وليس إسرائيل، هم المسؤولون عن تفويت فرص السلام.
ومهما كانت القوة المتبقية للأساطير -يتابع الكاتب- من خلال جعل الموت الواضح لحل الدولتين أكثر وضوحاً، فإن الخطة الأميركية للسلام ستشجع الناس داخل فلسطين وخارجه، على التفكير والتصرف بشكل أقل من حل الدولتين وأكثر من حيث الدعوة من أجل حقوق العرب الفلسطينيين داخل دولة ثنائية القومية.
وهذا التحول سيجعل من الصعوبة بمكان أكثر من أي وقت مضى تجنب المقارنات بين النسخة الإسرائيلية من الفصل العنصري والرواية السابقة لجنوب أفريقيا، وأنواع الضغوط الدولية التي ساعدت على إنهاء الظلم الأخير.