“الوضع مريع للغاية”.. بهذه الكلمات وصف طبيب أمريكي الوضع داخل المستشفيات في مدينة نيويورك الأمريكية، التي باتت بؤرة لانتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أودى الفيروس بحياة أكثر من 1300 شخص في الولاية.
إذ قال طبيب بأحد المستشفيات الكبرى في نيويورك لشبكة NBC News الأمريكية، إنه ارتدى قناع N95 واحداً، وهو أداة حيوية للحماية ضد فيروس كورونا المستجد، لمدة أسبوع. وعادة، يغير الطبيب القناع عقب كل كشف على مريض. وبدأ يُصاب زميل تلو الآخر، سواء أطباء أو ممرضين، بالفيروس. وتنتقل كذلك العدوى إلى المرضى الذين يعانون من مشكلات صحية غير الفيروس بعد زيارتهم المستشفى.
وضع مُريع وشِجار على المعدات
قال الطبيب، الذي يعمل في مدينة بروكلين، وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: “الوضع مريع للغاية، ويقولون إننا لم نصل للذروة بعد، ونفعل جميع الأشياء المجنونة لمحاولة السيطرة على الأمور. والكثير من مرضانا يموتون”.
كما أوضح الطبيب أن الطاقم الطبي يتشاجرون على معدات الحماية الشخصية المُقنَّنة، وطُلِب من أطباء الأطفال العناية بمرضى في السبعين والثمانين من عمرهم، وكذلك من أطباء العظام والقلب المساعدة في علاج مرضى فيروس كورونا المستجد، وبدأ أطباء المسالك البولية يعملون ضمن كبار طاقم وحدات الرعاية المركزة.
أضاف الطبيب: “يستعينون بالأطباء من كل مكان للتعامل مع ضغط المرضى؛ وهذا غيَّر الطريقة التي تسير بها ثقافة المستشفيات بأكملها”. وقال الطبيب إن الجائحة تعصف بمستشفى عمومي “يعاني بالفعل من نقص في الموارد والتمويل”؛ ما يظهر ضعفاً خطيراً في نظام الرعاية الصحية في الوقت الذي تستمر فيه حالات الإصابة بالفيروس في إرباك المرافق الطبية التي غالباً ما تخدم الفئات السكانية الضعيفة.
الطبيب الأمريكي أضاف: “ليس لدينا ما يكفي من الإمدادات في الأوقات العادية، فما بالك في الأزمات”. وتابع الطبيب: “نحن مرتبكون ومتعبون للغاية، ونعمل لساعات طويلة جداً، والوضع يصبح خطيراً في بعض الأحوال لأن (الموارد) غير كافية. الأخطاء واردة ويمكن إغفال بعض الأشياء”.
الوضع أكثر تعقيداً في المستشفيات العامة
كان حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو قد أعرب، يوم الإثنين 30 مارس/آذار، عن اعتقاده بأن المستشفيات العامة ستواجه “أكبر ضغوط” في المعركة ضد فيروس كورونا المستجد، وحث المرافق الطبية الأخرى على تقاسم الموارد والموظفين والإمدادات لمساعدتهم. ودعا المستشفيات إلى استقبال المرضى من المرافق المكتظة.
قال كومو، خلال مؤتمر صحفي بمركز مؤتمرات جاكوب جافيتس في مانهاتن الذي حُوِّل إلى مستشفى ميداني: “لا يمتلك مستشفى واحد الموارد الكافية للتعامل مع هذا”.
كما دعا كومو مستشفيات الولاية إلى العمل معاً كنظام واحد، وقال إن الولاية تركز على شراء وتوزيع الإمدادات وإنشاء مخزون تحسباً لوصول تفشي الفيروس إلى ذروته.
وأشار إلى أنه في حال بدأ أحد المستشفيات يتحمَّل فوق طاقته، فسيتعين نقل المرضى إلى المرافق التي تتوافر بها مساحة متاحة، ويجب القيام بذلك على أساس يومي. وفي نهاية المطاف، مع زيادة عدد المستشفيات التي تعمل بكامل طاقتها، قال كومو إن أنظمة المستشفيات العامة والخاصة “يجب أن تتعاون معاً لتقاسم الحمل”. لكن كومو لفت إلى أن “النظام الصحي العام هو الذي سيواجه الضغط الأكبر”.
نيويورك بؤرة فيروس كورونا في أمريكا
حتى صباح يوم الإثنين، 30 مارس/آذار، وصل عدد الحالات المصابة بـ”كوفيد-19″ إلى 36000 حالة في مدينة نيويورك و790 حالة وفاة. وتعد مدينتا كوينز وبروكلين أكثر المناطق تضرراً، بعد تسجيل ما يقرب من 12000 حالة إصابة في الأولى ونحو 6000 حالة إصابة في الثانية.
كان مستشفى Elmhurst Hospital، وهو مستشفى عام في مدينة كوينز، من أكثر المستشفيات تضرراً. ووصف الأطباء الوضع قائلين إن غرف الانتظار داخل المستشفى مُكدَّسة، ويضطر المرضى إلى الانتظار 6 ساعات لرؤيتهم، فيما يزدحم مرضى آخرون على مسافات قريبة من بعض على نقالات حيث ينتظرون 50 إلى 60 ساعة لنقلهم إلى أسرِّة. وفي مواجهة كل ذلك، يحاول الأطباء باستماتة الحصول على المزيد من أجهزة التنفس الصناعي.
ولم تستجِب السلطات الصحية ولا المستشفيات العامة في نيويورك على الفور لطلب التعليق على المشكلات التي تواجهها المستشفيات العامة.