“فى صالون العقاد كانت لنا ايام” يعد واحدا من أهم الكتب التى صدرت عن الراحل انيس منصور حيث أرخ فيه لجيل من العظماء الذين أثروا الحياة العامة فى مصر وكانت لهم بصمات مميزة فى كافة مناحى الحياة
وتحدث أنيس منصور عن علاقته وقربه من العقاد لسنوات طويلة جعلته لا يرى طه حسين بالشكل الذى تمناه ولكن ليس هذا هو بيت القصيد من هذا المقال.
عرف عن أنيس منصور أنه صاحب المقالب الصحفية وخفة الروح. ذات مرة سأل الأستاذ العقاد سؤالا كان بمثابة مفاجئة لصاحب سلسلة العبقريات حيث قال له
من الأكثر شهرة: أنت عباس العقاد أم محمود شكوكو. ورد العقاد ومن هو محمود شكوكو؟
ذهب انيس منصور ونقل هذا الكلام لمحمود شكوكو، وكان رد شكوكو ممثلا لشخصيته المرحة وقال لأنيس: اذهب إلى الأستاذ العقاد وقل له على لسان شكوكو أن يقف كلانا في أحد جوانب ميدان التحرير ونرى الناس ستعرف من فينا او سوف تقف بجوار من فينا
وذهب أنيس منصور ناقلا وجهة نظره إلى الأستاذ العقاد والذى قدم بدوره اقتراحا جديدا لأنيس منصور ولمحمود شكوكو معا.
الاقتراح أن يقف محمود شكوكو فى صف وأن تقف فى الصف الآخر راقصة شرقية ترتدى بدلة الرقص.
ولم تصل الرسالة إلى محمود شكوكو بنفس المعنى أو الفلسفة التى أرادها العقاد
وهو أن الناس لها اهتمامات وهموم ووجهات نظر وأن الكل عنده بضاعة وكل بضاعة معروضة تهم وتجذب شريحة من الناس ومن ثم فانه لا مجال هنا للمقارنة
ولقد تحدث المهتمون بالشأن العام عن أهمية قوانا الناعمة فى التواجد على الساحة المحلية والعالمية من أجل أن يكون لنا موضع قدم في كل مكان وأن نكون مشاركين وفاعلين فى الأحداث وقد كنّا سباقين فى مراحل زمنية سابقة وربما غابت قوانا الناعمة لأسباب عدة، ومن المهم أن تعود بل وتعود بقوة كما كانت.
الأدب والفن لا تقل أهميتهما عن السياسة والاقتصاد ولدينا نماذج واضحة فإذا كانت أمريكا أكبر اقتصاد فى العالم وصاحبة التأثير السياسى الكبير وجدنا ان مفردات قواها الناعمة تمثلت فى هوليود وصناعة السينما وأيضا والت ديزنى وصناعة الترفيه.
نحن نسعد ونشرف بقوانا الناعمة متمثلة فى كل نواحى الفكر والإبداع من مشاهير وأصحاب التأثير من مفكرين وفلاسفة وأدباء، وإذا كان توفيق الحكيم عندما تحدث معلقا على ثروات كبار لاعبى كرة القدم ومقارنة دخولهم بدخول الكتاب والأدباء كانت له عبارة ظريفة فحواها اننا قد انتقلنا من عصر القلم إلى عصر القدم والمعنى الذى قصده أن من يحمل القلم ويكتب له تأثير وايضا من كانت قدمه هى رأسماله فقد يكون له نفس التأثير أو أكبر
كم كنّا ولازلنا فخورين بابن مصر اللاعب محمد صلاح والذى حقق من خلال تميزه وتفوقه الكثير من الإعجاب والتقدير لوطنه مصر
هناك العديد من الفرق الفنية المصرية طافت أنحاء العالم وقدمت الفن المصرى فى بقاع الارض
وكم من أصحاب الأصوات المتميزة من مشاهير القراء أرسلهم الأزهر الشريف خلال شهور رمضان المتعاقبة لتلاوة القرآن فى العديد من بلدان العالم وخاصة فى بلدان الغرب والتى توجد بها جاليات عربية.
المقصود هنا أنه إذا كان العقاد له دور فى قوانا الناعمة ليس وحده بل ولا يمكن أن نقلل من أهمية تعدد أشكال وألوان ما تتمتع به بلدنا مصر من مواهب قلما تواجدت عند آخرين .