لبنان دولة ديمقراطية، ومع ذلك فإن الشخصيات السياسية المكروهة التي علّق المحتجون رقابها في مشانق رمزية خلال الاحتجاجات التي اشتعلت نهاية الأسبوع، تأتي لتتناسب إلى حد كبير مع نماذج نمطية شائعة عن حكام أكثر ديكتاتورية في دول مجاورة لها.

شملت تلك الشخصيات، الجنرال السابق والرئيس الحالي ميشال عون، وهناك الشخصية الدينية المثيرة للجدل، حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وهناك أيضاً الأكاديمي غير المعروف، حسان دياب، الذي برز فجأة بعدما كان غير معروف، ليصبح رئيساً للوزراء، وتنتشر على نطاق واسع السخرية من تخبط سياساته لأنه عالق بين مستشاريه التكنوقراط ورموز السلطة الحقيقية المتحكمين في البلاد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

وحالياً على الهامش، النموذج النمطي الرابع، الابن المُتمتع بالامتيازات. وهنا يبرز رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، الذي يأتي بين سيف الإسلام القذافي وبشار الأسد في السن، ومثلهم يرجع بروزه في المقام الأول إلى الدور الذي اضطلع به والده رفيق الحريري في زمن الحرب والاضطراب السياسي.

نعم لبنان دولة ديمقراطية، ولكن لماذا لا يختلف كثيراً عن جيرانه العرب

ديمقراطية لبنان تعني أنه أكثر حرية من جيرانه. غير أن الجانب السلبي البارز هو أن جميع السلوكيات والنماذج المعتادة في جيرانه الأكثر ديكتاتورية تزدهر فيه أيضاً، وليس واحداً منها فقط.

الرئيس عون هو الشخصية التي تجمع أشتات الحكومة معاً. وكانت هزيمته المخزية عندما كان قائد الجيش على يد القوات السورية، في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، قد أنهت مسيرته العسكرية، كما أدت إلى تقليص السلطات الممنوحة لكل من المسيحيين وللمنصب الذي يشغله الآن.

عاد ميشال عون في وقت لاحق من المنفى، وسرعان ما انقلب على موقعه السابق، ليصنع سلاماً مع دمشق ويدخل في تحالف مع حزب الله.

المسيحيون المؤيدون للغرب لم يغفروا له ذلك أبداً، لكن كثيرين كانوا سعداء لأن التسوية السياسية التي شارك فيها تجاوزت مخاطر الصراع الطائفي (عبر تحالفه مع حزب الله الذي كان غريباً آنذاك).

بالخرائط.. إلى أين وصل وقع التدمير الضخم في بيروت؟

باسيل.. أكثر شخصية مكروهة في لبنان

ومع ذلك، فإنه الآن وهو في الخامسة والثمانين من عمره نادراً ما يبدو حازماً، كما بات في ظل صهره، جبران باسيل، الذي أصبح بدوره أكثر الشخصيات تعرضاً للشتم والانتقادات في لبنان.

والانتقادات التي يتعرض لها باسيل ليست من فراغ، إذ على الرغم من امتصاصه جزءاً كبيراً من ميزانية الحكومة عندما كان وزيراً للطاقة، لم ينجح في ضمان توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة، وهو أمر تمكنت منه دول مجاورة فقيرة مثل مصر.

كما جاء تعامله مع أحداث هذا الأسبوع ليُؤجج التوترات على نحو خاص، إذ لم يزر المنطقة المتضررة، وعندما أجرى مقابلة عبر التلفزيون، تعمّد التشويش على مسؤولية الحكومة عن نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في المرفأ وتسببت في الانفجار بحسب التقارير.

دياب واجهة لنصر الله وبري اللذين يديران البلد لصالح إيران

أما السيد دياب، الأستاذ الجامعي الذي تحول إلى رئيس للوزراء، فقد أفلت إلى حد كبير من المشانق الرمزية التي عقدها المتظاهرون للرموز السياسية، وإن كان ذلك لأنه يبدو عاجزاً أو قليل الحظ أكثر منه متحكماً أو مسيطراً على فساد المؤسسة.

فشل دياب حتى الآن في دعم تنفيذ مقترحات صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي، أو حتى في إعلان خطة خاصة به.

وبلغ الأمر أنه عندما جاء وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، للزيارة، كتب على تويتر أن مضيفه “يفتقر إلى المعلومات”، ما دفع وزير خارجية حكومة دياب إلى الاستقالة.

سعد الحريري زغيم تيار المستقبل/رويترز

وعلى أي حال، يقول معارضون إن دياب ما هو إلا واجهة لقادة أقوى فصيلين شيعيين: حزب الله بقيادة أمينه العام حسن نصر الله، وحركة أمل بزعامة نبيه بري رئيس البرلمان.

ويقول منتقدون أيضاً إن الرجلين المتحالفين مع سوريا منذ فترة طويلة ضحيا بازدهار لبنان من أجل تحالفات إقليمية مدمرة. كما يتحدث بعض الناس في انتقادٍ عن أن بري ملياردير، رغم أنه قضى حياته بأكملها في السياسة.

الرجل الوحيد من خارج النظام الحالي الذي نال القدر ذاته تقريباً من الذم والانتقادات هو سعد الحريري، السياسي السني ذو النفوذ. وذلك بعد أن تبددت إلى حد كبير مشاعر الاستبشار وافتراض النيات الحسنة التي صعد من خلالها إلى السلطة في أعقاب اغتيال والده الملياردير رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، في عام 2005.

وعلى مدار السنوات التي تولى فيها رئاسة الوزراء، كشف الحريري عن عجزه البيّن في مواجهة منافسيه الفاسدين، حزب الله، أو حتى راعيه، السعودية. فقد احتجزه ولي العهد، محمد بن سلمان، لفترة وجيزة وأهانه في عام 2017.

الشعب يتمنى رحيلهم ولكن لا بديل لهم

البدائل الموجودة حالياً قليلة. إذ لم يتمكن أي من المرشحين الأصغر سناً أو الأفضل كفاءة من الخروج من أسر السياسة الطائفية التي يمثلونها.

تقول نجوى، إحدى المتظاهرات، إنها تتمنى لو ترى رحيلهم جميعاً عن الساحة السياسية دون عودة.

وتضيف: “يبدو الأمر كما لو أن لديهم كرسياً واحداً، ولذلك يتشبثون به إلى تلك الدرجة. إنهم لا يريدون ترك هذا الكرسي [كرسي السلطة]. لماذا؟ لأنه يجلب كثيراً من الأموال إلى جيوبهم”.

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version