في زمن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر استمعنا لأغاني وأناشيد وطنية تقول كلماتها : من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر .. لبيك عبد الناصر . ويبدو أن ظهور البترول والطفرة الإقتصادية والإجتماعية التي صاحبت إكتشافه قد تركت أثراً واضحاً على حاضر ومستقبل التنمية البشرية في المنطقة بل وأيضاً تركت بصمات على سياسة وإقتصاد العالم بأثره وأصبح من المهم لصانعي السياسات وواضعي القرارات أن ينظروا بعين الإعتبار لهذه المنطقة على إنها عمود فقري لإدارة دفة إقتصاد العالم .
فالبترول هو مصدر الطاقة والتي هي عصب الحياة ومن ثم جاءت أهمية المنطقة في عيون العالم . ولقد صنع القائمون على إدارة دفة السياسة والإقتصاد في هذه البلاد خيراً عندما نظروا للإنسان على إنه مصدر وصاحب هذه الثروات فكان الهدف الأساسي من كل برامج التنمية والنهوض بالإنسان كثروة وقيمة .. كيف استطاعت دولة صغيرة الحجم مثل قطر أن يكون لديها قناة مثل الجزيرة بهرت الدنيا وكسبت ثقة العالم .. وأيضاً قد تم تدشين أول كنيسة لكي تتاح لغير المسلمين من المقيمين والزوار أن يؤدوا شعائرهم براحة وإطمئنان .
وأيضاً دبي والتي أبهرت الدنيا بالمعجزة التي حدثت على أرضها فلقد ردموا البحار وأقاموا عليها تجمعات سكنية فاخرة جعلت الكثيرين يقدمون على الإستثمار والتملك في هذه الإمارة المبهرة وبرامج الترويج السياحي والتسوق العائلي التي جعلت مدينة دبي محطة أنظار العالم .
وفي مجال العلم والتكنولوجيا حدث ولا حرج وإعترافاً بأهمية الدور الذي يقوم به الإعلام والإعلاميون فلقد أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي قراراً بتعيين الأستاذ علي جابر عميداً لكلية بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي – رغم أن الرجل ليس أستاذاً أكاديمياً وهو غير محسوب على سلك التعليم ولا يحمل شهادة دكتوراه لكنه يعتبر واحداً من أهم التلفزيونيين العرب حيث أنه قد أسس تلفزيون المستقبل فسي لبنان وقاد فريقاً متميزاً أشرف على تطوير تلفزيون دبي فضلاً عن أنه قد درس فن التلفزيون في جامعة سير كيوز بمدينة نيويورك إنه شخص لا يجيد التنظير أو الحديث بقدر ما أنه يصنع الفن الجيد ونحن في حاجة إلى هذا النوع من المبدعين لأن كليات الإعلام في مجتمعاتنا العربية أصبحت تخرج كتبة وموظفين إلا من رحم ربه .
ومن الجدير بالذكر أن جامعة جنوب كاليفورنيا تعاونت مع كلية الشيخ محمد بن راشد للإعلام في تأسيسها بدبي وتتميز هذه الجامعة بأن معظم اساتذتها لا يحملون درجة الدكتوراه بل أن رئيسة الجامعة تفخر بأن بعض المدرسين لا يحمل شهادة الثانوية العامة لكنه خلاق في صناعة الأفكار والكتابة للتلفزيون والصحافة والسينما وهو قادر على الإبداع والتفكير المختلف – فالإستعانة بأصحاب الخبرة والتجربة متجاوزين القوالب التقليدية في التعليم الجامعي في العالم العربي هي خطوة قد طال إنتظارها وهي تستحق الإعجاب والتقدير وهي بصمة على قدرة الإبداع ودقة الإنجاز لأبناء الخليج .
وبقيت ملاحظة أن الإعلاميين في المهجر خاصة في أمريكا لا يقدرون بعضهم البعض والمقارنات التي يعقدونها بها الكثير من التجني أو عدم الواقعية فمراسل إحدى القنوات الفضائية يتعجب عندما يجد صحفياً يمسك بالميكروفون ويجري حديثاً مع الناس .. وكأنها معجزة .. وكاتب يعترض على بعض الناس لمجرد إنهم تميزوا ولم يتحيزوا في مجال الفكر والإبداع من خلال كلماتهم . نعود لمبدأ كيف تراني وكيف أراك حتى يحترمنا الناس .