عندما كتب الراحل جمال حمدان كتابه الشهير عن شخصية مصر وعبقرية المكان فقد اضاف الى ذلك بعض الكتاب والباحثين والمهتمين بالتاريخ وحضارات الشعوب بان هناك علاقة مستمرة بين المكان والزمان حيث اشاروا فى كثير من الدراسات الى مدى وجود بصمات للمصريين فى الماضى والحاضر وليس من المستبعد ان يظل ذلك قائما فى المستقبل القريب والبعيد
بلدان فى العالم من اصحاب الحضارات لم تتغير حدودهما عبر الازمان هما مصر والصين وخلاصة ما تحدث عنه جمال حمدان هو ان ما تحتاجه مصر هو ثورة نفسية ولانه كان احد افذاذ عصره فهو لم يكن مجرد جغرافى بارع ولكنه كان مفكرا مبهرا تميز من خلال قراءاته المتعمقة فى التاريخ والجغرافيا وقد انجز عملا موسوعيا قادرا على استيعاب الواقع فى مصر حيث صدر له ٢٩ كتابا و ٧٩ بحثا ومقالا
بين بساطة الجغرافيا وتعقيد التاريخ اشار الى اهمية كيف خلق نهر النيل تجانسا وتناغما حضاريا بين كل اقاليم مصر من شمالها لجنوبها
فالمصرى على حد وصفه يمتص كل ما يرد اليه من ثقافات ويصهر كل ما يمتصه ويخرج ذلك فى اطار وسطى مكنه من الاستمرار دون ان يتاثر باى ثقافة بعينها
فالشعب المصرى رغم تعدد حضاراته وثقافاته من فرعونية الى قبطية واسلامية بقى صامدا وله ثقافته المستمرة التى ربما تتغير فى شكلها لكنها ثقافة ثابته فى الجوهر فالمصرين معروف انهم انهم امة وسط
ولما كتب انيس منصور كتابه حول العالم فى ٢٠٠ يوم وتاثر به الاف من شباب مصر وبدا التفكير فى السفر او الهجرة حتى ان انيس منصور اشار ذات مرة انه زار استراليا لاول مرة وكان عدد المصريين ثلاثة السفير المصرى وسيدة مصرية وانيس ثالثهم ولما عاد بعد ٢٠ عاما فى ثانى زيارة الى استراليا وجد ان عدد المصريين وصل او١٠٠ الف مواطن
اذا كان المصريون بالخارج قرابة ١٠ مليون مواطن وهم يمثلون ١٠ بالمائة من سكان مصر ومن هنا تاتى اهمية الحديث عن مدى اهمية تواجد جاليات مصرية فى كل انحاء العالم
لفترات طويلة كان النظر اليهم على انهم الدجاجة التى تبيض ذهبا حيث وصلت تحويلاتهم الى ٢٨ مليار دولار وهذا فى حد ذاته مكسب كبير لكنه ليس الوحيد ومن الواجب ان يكون هناك اهتمام يتجه نحو امكانية ان نعول على هذا العدد الكبير وما يحمله من ثقل ثقافى وعلمى واكاديمي وقد تميد نفر ليسوا بالقليل منهم خاصة فى الغرب امريكا وكندا واوربا وذاع صيتهم بشكل اعاد الى الاذهان الصورة الذهنية لمدى تاثير القوى الناعمة لمصر
لقد تميزنا فى الكثير من الجوانب ويجب ان نستفيد من هذا التميز الذى حبانا به المولى وساعدتنا الطبيعة والظروف ان نستمر فى التاكيد على دور الريادة المصرية
وهذا يحتاج الى جهد كبير بلا كلل او ملل
والاهتمام بموضوع تنشيط الساحة لمصر لدينا فرصة سانحة ان نكون كمصريين فى الخارج سفراء شعبيين نتحدث عن بلدنا ومدى قدرتنا ان نكون فاعلين ومؤثرين ونؤكد اننا كشعب وبلدنا كبلد حالة استثنائية