كشف شخصان مطلعان في شركة تويتر، أن الرئيس التنفيذي للموقع جاك دروسي، كان قلقاً بشأن خطوة إغلاق حساب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب على المنصة؛ لمنعه من نشر تصريحات قد تثير مزيداً من العنف بعد اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس الأمريكي.
الشخصان قالا لصحيفة The New York Times الأمريكية، السبت 16 يناير/كانون الثاني 2021، إن جاك دورسي، الرئيس التنفيذي لـ”تويتر”، تلقَّى اتصالاً من فيجايا غادي، كبيرة محامي تويتر وخبيرة السلامة، في أثناء عمله بجزيرة خاصة في بولينيزيا الفرنسية، في 6 يناير/كانون الثاني، لتخبره بأنها ومديرين تنفيذيين آخرين في الشركة قرروا إغلاق حساب ترامب مؤقتاً.
قلق في تويتر بسبب حساب ترامب
التقرير أشار إلى أن دورسي ولمدة أربع سنوات، قاوم مطالب الليبراليين وغيرهم بأن يغلق تويتر حساب ترامب، بحجة أن المنصة كانت مكاناً بإمكان قادة العالم التحدث من خلاله، حتى لو كانت آراؤهم شائنة. لكنه كان قد فوَّض قرارات الاعتدال إلى غادي، البالغة من العمر 46 سنة، على حد وصف الصحيفة الأمريكية.
في المقابل فإن الرئيس التنفيذي لـ”تويتر” السيد دورسي (44 عاماً)، لم يعلن عن مخاوفه، لكنه في اليوم التالي، ضغط زر الإعجاب وشارك العديد من التغريدات التي حثت على الحذر من الحظر الدائم لحساب ترامب. وبعد ذلك، على مدار الساعات الـ36 التالية، انحرفت منصة تويتر من رفع التعليق عن حساب ترامب إلى إغلاقه بشكل دائم؛ مما أدى إلى قطع وصول الرئيس المنتهية ولايته عن منصة كان يستخدمها للتواصل ليس فقط مع متابعيه البالغ عددهم 88 مليوناً، بل مع العالم.
في حين أشار التقرير إلى أنه في اليوم التالي لرفع التعليق، راقب موقع تويتر الاستجابة لتغريدات ترامب عبر الإنترنت، حيث أبلغ المسؤولون التنفيذيون المديرَ التنفيذي السيد دورسي، أن أتباع ترامب استغلوا رسائله الأخيرة للدعوة إلى مزيد من العنف.
محاولات لمنع بايدن من دخول البيت الأبيض
لكن في أحد المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي البديلة Parler، ووفقاً لتقرير الـ”نيويورك تايمز” الأمريكية، فقد رأى أعضاء فريق الأمان في تويتر أحد أتباع ترامب يحث الميليشيات على منع الرئيس المنتخب جوزيف آر بايدن جونيور من دخول البيت الأبيض، ومحاربة أي شخص يحاول منعهم. وقالوا إن احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات في العالم الواقعي مرتفع للغاية.
في المقابل كان تويتر أيضاً يواجه ضغط الموظفين الذين ظلوا لسنواتٍ توَّاقين إلى إزالة ترامب من منصتهم، إضافة إلى المشرعين والمستثمرين بمجال التكنولوجيا وغيرهم. لكن بينما وقَّع أكثر من 300 موظف على خطاب يقول إنه يجب وقف حساب ترامب، اتُّخذ قرار حظر الرئيس قبل تسليم الخطاب للمديرين التنفيذيين، على حد قول اثنين من الأشخاص.
ففي يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021، لمَّح الرئيس التنفيذي للموقع، جاك دروسي، إلى التوترات داخل تويتر. ففي سلسلة من 13 تغريدة، كتب أنه “لم يحتفل أو يشعر بالفخر لضرورة حظر حساب ترامب (realDonaldTrump)”، لأن “الحظر إخفاق لنا بالنهاية في تعزيز محادثة صحية”.
لكن وفقاً للتقرير الأمريكي، قال دورسي: “كان هذا هو القرار الصحيح لتويتر. لقد واجهنا ظرفاً غير عادي لا يمكن تحمُّله، مما أجبرنا على تركيز جميع إجراءاتنا على السلامة العامة”.
إضافة إلى ذلك، فمنذ أن مُنع ترامب، تحققت العديد من مخاوف دورسي بشأن هذه الخطوة. فقد انخرط موقع تويتر في نقاش حاد حول قوة التكنولوجيا وافتقار الشركات إلى المساءلة.
معارضة وجود ترامب في تويتر
في حين أشار التقرير إلى أن العديد من موظفي تويتر الذين يزيد عددهم على 5400 موظف، كانوا يعارضون وجود ترامب على المنصة. ففي أغسطس/آب 2019، بعد وقت قصير من قتل مسلح لأكثر من 20 شخصاً في وول Walmart في إل باسو، دعا موقع تويتر إلى اجتماع للموظفين؛ لمناقشة كيف أن المسلح، في بيان عبر الإنترنت، ردد العديد من الآراء التي نشرها ترامب على تويتر.
لكن في الاجتماع، الذي أطلِقَ عليه اسم “Flock Talk”، اتهم بعض الموظفين تويتر بـ”التواطؤ” من خلال إعطاء ترامب مكبر صوت لاستخدام “صافرة الكلب (يقصد استخدام لغة مشفرة أو مُوحية في الرسائل السياسية، لكسب الدعم من مجموعة معينة دون إثارة المعارضة)” لمؤيديه
في المقابل وحسبما قال التقرير، أشار اثنان من الحاضرين إلى أن الموظفين ناشدوا المديرين التنفيذيين إجراء تغييرات قبل تضرر مزيد من الأشخاص.
لكن بمرور الوقت، أصبح تويتر أكثر استباقية في مراقبة المحتوى السياسي. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنهى دورسي جميع الإعلانات السياسية على الموقع، قائلاً إنه يشعر بالقلق من أن مثل هذه الإعلانات سوف تكون لها تداعيات كبيرة قد لا يكون الهيكل الديمقراطي اليوم مستعداً للتعامل معها، على حد قوله.
حذف تغريدات زعماء العالم
من ناحية أخرى وحسب التقرير الأمريكي، فإن دورسي، الذي يعتبر أحد دعاة حرية التعبير، رفض حذف تغريدات زعماء العالم، لأنه اعتبرها تستحق النشر. ومنذ أن أعلن تويتر في ذلك العام، أنه سيعطي مساحةً أكبر لقادة العالم الذين انتهكوا قواعده، أزالت الشركة تغريداتهم مرة واحدة فقط: ففي مارس/آذار 2020 حُذفت تغريدات لكل من رئيسي البرازيل وفنزويلا، روَّجت لعلاجات زائفة لفيروس كورونا. وقد عارض دورسي الحذف، على حد قول شخص على علم بتفكيره.
في المقابل ضغط الرئيس التنفيذي لـ”تويتر”، دورسي، لإيجاد حلٍّ وسط وهو وضع علامات على تغريدات قادة العالم إذا كانت تنتهك سياسات تويتر. وفي مايو/أيار 2020، عندما غرد ترامب بمعلومات غير دقيقة عن التصويت عبر البريد، أعطى دورسي الضوء الأخضر لـ”تويتر” لوضع علامات على رسائل الرئيس.
في المقابل وحسب التقرير، عندما استخدم ترامب تويتر لانتقاد نائب الرئيس مايك بنس والتشكيك في نتيجة الانتخابات، أضافت الشركة تحذيرات إلى تغريداته. ثم مع اندلاع أعمال العنف في مبنى الكابيتول، حث الناس تويتر وفيسبوك على غلق حسابات ترامب نهائياً.
خطوات التعامل مع حساب ترامب
التقرير أشار إلى أنه في البداية لم يتقرر غلق حسابات ترامب نهائياً، لكن مع تزايد الاحتجاجات تم غلق الحساب، وبعد أن أغلق تويتر حساب ترامب، فعل فيسبوك الشيء ذاته. ووضعت أيضاً منصتا Snapchat وTwitch وغيرهما قيوداً على ترامب.
لكن دورسي لم يقتنع بفكرة الحظر الدائم لترامب، وأرسل بريداً إلكترونياً إلى الموظفين في اليوم التالي، قائلاً إنه من المهم أن تظل الشركة متسقة مع سياساتها، ومن ضمن ذلك السماحُ للمستخدم بالعودة بعد فترة التعليق.
في حين كان العديد من الموظفين الذين يخشون أن التاريخ لن ينظر إليهم بعين العطف، غير راضين، حيث استشهد العديد منهم بتعاون شركة IBM مع النازيين، حسب قول بعض الموظفين الحاليين والسابقين على تويتر، وبدأوا في تقديم التماس لإزالة حساب ترامب على الفور.
عودة ترامب إلى تويتر
لكن وفي اليوم نفسه، الذي منع فيه فيسبوك السيد ترامب حتى نهاية فترته على الأقل، عاد ترامب إلى تويتر في ذلك المساء بمقطع فيديو يقول فيه إنه سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة، لكن بحلول اليوم التالي، تراجع ترامب عما قاله. وغرد قائلاً إن قاعدته سيكون لها “صوت مسموع”، وإنه لن يحضر حفل التنصيب في 20 يناير/كانون الثاني 2021.
التقرير أشار إلى أن فريق السلامة في تويتر رأى على الفور مشجعي ترامب، الذين كانوا يقولون إن الرئيس تخلى عنهم، وهم ينشرون مزيداً من الاضطرابات، حسبما قال الأشخاص المطلعون على الأمر.
حيث قال الأشخاص، إن فريق السلامة بدأ في صياغة تحليل للتغريدات وما إذا كانت تشكل أساساً لبدء الإضرابات من جانب ترامب. ونحو ظُهر ذلك اليوم في سان فرانسيسكو، دعا دورسي إلى اجتماع مع موظفيه. وضغط عليه البعض، بسبب عدم غلق حساب ترامب بشكل دائم.
من جانبه كرر دورسي أن تويتر يجب أن يكون متسقاً مع نفسه ومع مبادئه، لكنه قال إنه رسم خطاً في الرمال إذا تجاوزه الرئيس فسيفقد امتيازات حسابه، حسبما قال أشخاص مطلعون على الحدث.
لكن بعد الاجتماع، وافق دورسي والمسؤولون التنفيذيون على أن تغريدات الرئيس المنتهية ولايته ترامب، في ذلك الصباح -وردود الفعل عليها- تجاوزت هذا الخط، على حد قول المطلعين. وقالوا إن خطاب الموظفين الذي يطلب إزالة حساب ترامب سُلم لاحقاً.
اختفاء حساب ترامب للأبد
في حين أشار التقرير إلى أنه وفي غضون ساعات، اختفى حساب ترامب، باستثناء بطاقة “الحساب معلّق”. لكنه حاول التغريد من حساب POTUS@، وهو الحساب الرسمي لرئيس الولايات المتحدة، إلى جانب حسابات أخرى. لكن في كل مرة أحبطه تويتر من خلال سحب التغريدات.
لكن في يوم الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021، اجتمع الموظفون بشكل افتراضي؛ لمناقشة قرار منع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب من التغريد، حيث كان البعض ممتناً لاتخاذ موقع تويتر هذه الإجراءات، بينما كان البعض الآخر عاطفياً إلى حد البكاء، على حد قول التقرير.
فيما أشار التقرير إلى أنه وبعد ظهر ذلك اليوم، عاد ترامب مرة أخرى إلى تويتر، مستخدماً حساب البيت الأبيض الرسمي WhiteHouse@؛ لمشاركة فيديو يرفض من خلاله العنف الذي حدث، لكنه يرفض أيضاً ما وصفه بالقيود المفروضة على حرية التعبير. وسمح تويتر للفيديو بالبقاء على الإنترنت.
لكن بعد ساعة، ووفقاً للتقرير الأمريكي، غرد الرئيس التنفيذي لـ”تويتر” السيد دورسي، معلناً عدم ارتياحه بشأن معاقبة ترامب من خلال إزالة حسابه، حيث أشار إلى أن ما حدث يشكل سابقة يشعر بأنها خطيرة، على حد وصفه.