يُعتبر جوزيف ستالين أحد الشخصيات البارزة في القرن العشرين، فقد اكتسب شعبية كبيرة في روسيا وجورجيا كقائد منتصر أسس الاتحاد السوفييتي وجعل منه قوة عالمية كبرى، في الوقت الذي وجهت له تُهم بالقمع الجماعي والتطهير العرقي خلفت مقتل ومعاناة ملايين من الناس بسبب أسلوب حكمه الشمولي.
فمن هو جوزيف ستالين، وما أبرز الحقائق حول حياته التي قد لا يعرفها كثيرون؟
جوزيف ستالين.. وُلد فقيراً لعائلة تعيش في حالة من العبودية
ولد ستالين في 18 ديسمبر/كانون الأول 1879، في مدينة غوري التابعة لجورجيا، اسمه الكامل هو جوزيف فيساريونوفيتش دجوغاشفيلي، أما ستالين (اليد الفولاذية) فهو لقب أطلقه على نفسه خلال الثورة البلشفيّة حاله حال الكثير من الثوار في تلك الفترة.
نشأ ستالين لعائلة فقيرة كانت تعيش حالة اجتماعية تسمى “القنانة” وهي شكل من أشكال الرق والعبودية للفلاحين، والده فيساريو كان إسكافياً يقضي معظم أوقاته في شرب الكحول وضرب والدته إيكاترينا التي كانت فلاحة.
لديه ندوب وتشوهات دائمة بوجهه
في عمر السابعة أصيب ستالين بمرض الجدري، ما سبب له الكثير من الندوب والتشوهات في وجهه ويده اليسرى، الأمر الذي جعله يتعرض للتنمر من قبل الأطفال الآخرين في المدرسة وفقاً لما ذكرته شبكة BBC البريطانية.
أرادت والدته أن يصبح كاهناً فأصبح ملحداً
في 1895 عندما بلغ ستالين عمر الـ16 عاماً، أرسلته والدته إلى معهد ديني تابع للطائفة للمسيحية الأرثوذكسية في العاصمة الجورجيّة تيفليس (تبليسي حالياً) من أجل الدراسة الدين حتى يصبح كاهناً.
لكنه طُرد من المدرسة بعد عامين تقريباً لتغيبه عن الامتحانات، وبدلاً من ذلك أمضى وقته في قراءة كتب الماركسيّة السريّة، ومن ثم انضم إلى مجموعة اشتراكية محلية قبل أن يصبح ملحداً وفقاً لما ذكره موقع Historyhit التاريخي.
ويُقال إن ستالين هو الابن الثالث للعائلة، لكنّ أخويه الأكبر منه توفيا في مرحلة الطفولة بسبب تفشي الأمراض، فأرادت والدته أن يصبح كاهناً كنوع من شكر الله لأنه نجا من الموت.
لصٌّ ثوري يسرق بنوك القيصر
بعد طرده من المدرسة، وجد ستالين عملاً في مرصد الأرصاد الجوية، وهي وظيفة بسيطة فتحت له المجال من أجل بدء نشاطه السياسي، فالتحق بحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي وهو بعمر الـ20 عاماً، وكان يقوم من وقت لآخر بتنظيم الإضرابات والاحتجاجات.
بعد فترة قصيرة أصبحت نشاطات ستالين معروفة للشرطة السريّة القيصرية، فترك وظيفته وبدأ رحلة المشاركة بحرب العصابات مع أعضاء الحزب.
وفي عام 1906 اجتمع ستالين لأول مرة بالزعيم فلاديمير لينين خلال أحد مؤتمرات الحزب في فنلندا، وقد نال إعجاب لينين، وجعله مقرباً منه.
بعدها بعامين قام ستالين بعملية سطو على البنك الإمبراطوري في تيفليس وهو بنك خاص بأموال عائلة القيصر في روسيا، فسرق منه 250 ألف روبل وهو ما يعادل في ذلك الوقت نحو 3 ملايين دولار أمريكي، وقام بتسليمها إلى لينين من أجل تمويل القضية.
وفاة ابن ستالين الأكبر في معسكرات الاعتقال النازيّة
تزوج جوزيف من زوجته الأولى كيتيفان التي تنتمي إلى عائلة من النبلاء في العام 1906 وأنجب منها في العالم التالي طفله الأول ياكوف، ولكن بعد قيامه بسرقة بنك القيصر اضطرا إلى الهرب من تيفليس إلى باكو في أذربيجان، لكنّ كيتيفان توفيت فور وصولهما بسبب مرض التيفوس.
قام ستالين حينها بترك ابنه عند والدي زوجته ليهتما به، وانخرط في العمل الثوري مجدداً ليتم القبض عليه عدة مرات قبل أن ينفى إلى سيبيريا في العام 1910.
وفي العام 1919 تزوج ستالين من زوجته الثانية ناديجدا أليلويفا التي أنجبت له طفلين هما سفيتلانا وفاسيلي، لكنها انتحرت برصاصة في صدرها في العام 1932 بسبب سوء علاقتها مع ستالين، لكن بعض الروايات تقول إنها توفيت بسبب التهاب الزائدة الدوديّة.
أما ابنه الأكبر ياكوف فانضم إلى الجيش الأحمر، قبل أن يتم أسره من قبل الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما اقترح النازيون إطلاق سراحه من خلال إجراء عملية لتبادل الأسرى، رفض ستالين الأمر لاعتقاده أن ياكوف قد استسلم لهم طواعيّة ولم يقاومهم.
ليتوفى ياكوف في العام 1943 في أحد معسكرات الاعتقال النازي، إحدى الروايات تقول إن ياكوف انتحر في حين تقول روايات أخرى إن النازيين هم من قتلوه.
قتل كل من عارضه
بعد وفاة لينين في عام 1924 بدأ ستالين في الترويج لنفسه بلا رحمة باعتباره وريثه السياسي وبأنه قائد خيّر عظيم وبطل الاتحاد السوفييتي.
لكنّه كان يعاني بشكل متزايد من جنون العظمة، فقد كان يقتل أي شخص قد يعارضه سواء أكان من الجيش أو الحزب، فقُتل 93 من أعضاء اللجنة المركزية البالغ عددهم 139 وأعدم 81 من الجنرالات والأميرالات البالغ عددهم 103.
مسؤول عن أكثر مقتل مئات الآلاف
يعتبر ستالين مسؤولاً عن مقتل آلاف من الأشخاص، من بينهم 22 ألف أسير حرب بولندي تمّ إعدامهم من قبل الشرطة السريّة السوفييتية، في شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار 1940 وذلك فيما يعرف باسم “مذبحة كاتين” عندما اجتاحت القوات السوفييتية شرق بولندا خلال الحرب العالمية الثانية.
وألقى الاتحاد السوفييتي في البداية باللوم على النازيين في عمليات القتل ولم يعترف حتى عام 1990 بمسؤوليته.
إضافة إلى ذلك فقد كانت الشرطة السرية تطبق مبادئ الستالينية التي كانت تدعو الناس للإبلاغ عن بعضهم البعض، فتم اعتقال نحو 3 ملايين شخص اتهموا بأنهم معارضون للنظام الشيوعي وتمّ نفيهم إلى معسكرات العمل في سيبيريا حيث توفي نحو 750 ألف شخص منهم هناك.
توفي عمداً أم بسبب جلطة دماغية؟
رغم أنه أصبح مرتاباً بشكل متزايد في السنوات الأخيرة من حياته فإن ستالين استمر في إجراء عمليات التطهير ضد أعدائه داخل الحزب.
وفي الـ5 من مارس/آذار 1953 توفي جوزيف ستالين، وتعددت الروايات حول وفاته، فبعضها تقول إن ستالين توفي بعد قيام القائد السوفييتي مولوتوف بدس السم له في المشروبات الكحولية، في حين تقول روايات أخرى إنه توفي بسبب جلطة دماغيّة، ليبقى سبب وفاته الحقيقي لغزاً محيراً حتى يومنا هذا.