يقولون سد “النهضة” ونقول سد “الخراب” الذى تقيمة إثيوبيا للضرر بمصر برعاية دول كبرى ودول إقليمية وبمساندة مالية من بعض الأشقاء طمعا أو مكايدة وهو أخطر ما يواجه الأمة المصرية فى العصر الحديث.
واستطاعت أديس أبابا أن تنتهز التوقيت وتبدأ فى البناء فى أضعف وقت مر على كيان الدولة المصرية وانشغالها بنفسها عقب أحداث ثورة 25 من يناير عام 2011.
ومعلوم للقاصي والداني أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد ارسلت إبان عهد عبد الناصر بعثة أمريكية استكشافية لإثيوبيا ردا على قيام مصر ببناء السد العالي بعد رفضهم تمويله ومساعدة الإتحاد السوفيتي السابق روسيا حالياً لمصر.
فوضعت خريطة بمساعدة وزارة الزراعة الأمريكية لإمكانية إقامة 24 سد على طول مجرى النهر فى أماكن مختلفة للتحكم فى مياه نهر النيل الواردة لمصر.
وظلت الدولة الإثيوبية مع أعدائنا تنتظر الفرصة لإقامتة حتى جاءت أحداث مايسمى بالربيع العربي بتدبير أمريكا.
من جهة أخرى نعلم جيداً حرص إسرائيل على إضعاف الدولة المصرية ولا يسعدها نهضتها وتنميتها، فمصر القوة الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط، فإذا ضعفت مصر أصبح لتل أبيب اليد الطولى فى المنطقة ولعل مشروع الشرق الأوسط الكبير عاد مع عودة الرئيس الأمريكي بايدن بعد أن توقف فى عهد سلفه ترامب ولم تخفى طمعها وطلبها لحصة من مياه النيل.
وللأسف والمحزن وقوع قيادات بعض الدول الأشقاء تحت تخمة الأموال والرغبة فى الحفاظ على أملاكهم أو اللعب دور أكبر من حجمهم ومصر دائما هى الكبرى فلا يمكن أن يصلوا إلى اوهامهم إلا بالتآمر على مصر ومكايدتها.
والجميع وجد ضالته بعد أحداث ثورة يناير ولكن بفضل الله وجيش مصر العظيم وأصالة هذا الشعب استطاع أن يعود بسرعة إلى مسارة الصحيح واستطاعت مصر من بعد أحداث 2011 أن تعمل على عدة أمور فى مقدمتها إثبات حسن النية وتأكيدها على المصالح المشتركة فوقعت على إعلان المبادئ الذى يتضمن العديد من البنود من بينها إجراء الدراسات الخاصة بأمان السد وتبادل المعلومات .. والخ
إلا أن جميع الشواهد التى افرزتها جلسات التفاوض المتعددة اثبتت مماطلة وتعنت الجانب الإثيوبى وكانت اخر محطة فى هذه المفاوضات التى جرت برعاية الكونغو بوصفها رئيس الإتحاد الإفريقي حيث رفضت أديس أبابا التوقيع على اتفاق ملزم حول السد.
الدولة المصرية حتى الآن تؤكد تمسكها بخيار السلم والتفاوض للتوصل إلى اتفاق قانوني يحفظ حقوقها فى مياه النيل وفى المقابل تعمل على بناء قدراتها العسكرية والاهتمام باكتساب أصدقاء جدد وتنويع مصادر الأسلحة وفتح مشاريع تنموية جديدة بمشاركة العديد من الدول كما تعمل مصر على بناء قدراتها الاقتصادية لتمكنها من مواجهة مثل هذه المشكلات.
وفى ظل الأزمات يتضح العدو من الصديق، وكل يوم يتكشف لنا وجه الأصدقاء ووجه الأعداء ومكر الحاقدين
وفى ظل هذه الأزمة نظمت السفارة الإثيوبية بإسرائيل ندوة تحت عنوان “التقسيم المتساوي لمياه النيل” بحضور السفير الإثيوبي في إسرائيل وسفير جنوب السودان في إسرائيل وسفيرة غانا في إسرائيل وبالطبع لم تجد السفارة بالاتفاق مع الجانب الإسرائيلي أفضل من الدكتور “حجاي إيلرخ” وهو الأستاذ المتخصص في الشؤون الإفريقية بجامعة تل أبيب، ومؤلف كتاب “الصليب والنهر: مصر ،إثيوبيا والنيل”.
وكانت اهم الرسائل التى نادى بها والتى تظهر الرغبة الدفينة فى إضعاف الدولة المصرية
وكان مما ذكره إن فكرة “الحقوق التاريخية في النيل” لاتزال تسيطر على عقل المصريين.
وطبيعى أن يصدر هذا الكلام من كيان بلا تاريخ سرق مقدرات دولة فلسطين من ستين عام ، ونقول له ألم تشاهد حفل نقل موميات 22 ملكا وملكة عاشوا على ضفاف هذا النهر ومازالت حضارتهم شاهدة، وألم تشاهد حفيدهم الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يستقبلهم فى مقر إقامتهم الجديد ألم تفهم الرسالة؟.
ويوغر هذا المحاضر قلب الإثيوبين ضد مصر بقولة إن المصريين يتجاهلون إثيوبيا دائما عبر التاريخ رغم أن ماء النيل ينبع من أرضها، وليس أدل على ذلك من عدم دعوة إثيوبيا لحضور حفل افتتاح السد العالي فى ستينيات القرن الماضي مثلا.
ويتناسى أن الكنيسة المصرية كانت مسؤولة عن الكنيسة فى إثيوبيا، وعلى مر التاريخ لم يعتدى الشعب المصرى على أحد ويحب الخير للجميع ولم يصدر من مصر اى تصرف عدائي ضد أى دولة أخرى.
ثم يعلن عن ابتهاجه بأثر سد “النهضة” على المصريين بقولة إن السد هو زلزال مدمر يضرب مصر وعقل المصريين لا يستوعب بعد ، إن مرحلة جديدة في التاريخ تبدأ الآن بوجود سد النهضة.
ونقول له أن سد “الخراب” الإثيوبى سيكون زلزالاً مدمرآ على المنطقة كلها وسيدفع كل المتأمرين ثمن خيانتهم وإسرائيل قد جربت العداء مع المصريين واليوم ليس كالبارحة.
واسال جولدمائير فى قبرها وموسى ديان وهنري كيسنجر ولكنكم تحاربون الآن بسواعد غيركم ويحاول أن ينصح المصريون فيقول: المصريون اعتمدوا طوال تاريخهم على النيل في حياتهم الإقتصادية، وهذا لن يكون ممكنا مستقبلا.
ونقول له ماقالة الرئيس السيسى إن ماصنعه الله لن يغيره بشر ولن ندفن أنفسنا أحياء بل سنلقن الجميع الدرس، من الذى يستحق الحياة ومن هو الصوت الذى يجب أن يمحى من على البسيطة.
ويقول هذا المحاضر الإسرائيلي وهو يتمنى بحقدة وآمالة التى لن تتحقق بإذن ونصره لنا: سنرى قريبا بحيرة السد العالي وهي تفرغ من المياه خلال سنوات قليلة وحينها ستنتظر مصر المياه الآتيه من إثيوبيا كل عام، ولن تتولد كهرباء من السد العالي.
ونقول له أن النيل هو شريان حياة المصريين ولاتوجد قوة فى الوجود تمنع سريانه والأيام بيننا ومصر تصدر الطاقة الكهربائية بل هى مركز الطاقة الان وراجع حكومتك !!.
ويعطى رسالة الإثيوبيين بأن يتمسكوا بمواقفهم وأنهم حققوا حلما أصبح واقعا فيقول: مهما طالت المفاوضات، هي لا تعني الكثير أصلا، السد موجود، و سيتم الملء، وستتحكم إثيوبيا في النيل. ويعلن عن الغرض الحقيقى من بناء السد فيقول : هذا ليس مجرد سد، ولكنه أداة تحكم في النيل.
وهذا ما يعرفه المصريون جيدا، فالدولة المصرية ليست ضد التنمية للدولة الإثيوبية ولكننا ضد الهيمنة والتحكم فى نهر دولى وبالطبع لابد أن تستفيد اسرائيل وتصدر نفسها أنها يمكن أن تساعد مصر ولكن بطريقتها المعروفه.
وهذا اوضحه الدكتور “عريف هايفري” وهو أكاديمي إسرائيلي من تلاميذ “حجاي إيرلخ” الحريص على المصريين من وجهة نظره فقال: إن المشكلة الحقيقية في مصر، ليست النيل، ولكن هي عدم إستيعاب الواقع الجديد، هناك “صدمة فكرية” وعلى مصر أن تبدأ في تحلية المياه، وعلى إسرائيل مساعدتها. وبالطبع إسرائيل جاهزة لتقديم المساعدة ليس لحل مشكلة سد “الخراب” ولكن لإبقاء سد “الخراب” وتقديم مشروع لمصر للتحلية يكلفها 70 مليار دولار لتوفير 6 مليارات متر مكعب سنويا من مياه البحر.
وفى هذا العرس من الكراهية للدولة المصرية تحدث سفير جنوب السودان قائلا: نحن أيضا لنا حقوق في النيل ، والسودان كذلك، وقد نطلب يوما ما تنفيذ مشروعات على النيل.
“الخلاصة”
إن المواقف والأحداث تكشف الأعداء من الاصدقاء وما يهمنا هو أن يفهم أبناء الوطن أننا فى مرحلة لاتقبل الاختلاف وتبادل الاتهامات ولكن نحتاج إلى التوحد والثقة المطلقة فى القيادة التى تدير هذه الأزمة وأنها أكثر حرصا وتملك المعلومات والأوراق وتعرف متى وطريقة اتخاذ القرارات المناسبة والتى تراعى مصالح الدولة العليا وتحقق الهدف.
وقد أعلنت قيادة الدولة فى أكثر من مناسبة بصورة واضحة جلية أن المساس بنقطة مياه من حقوق مصر المائية خط احمر وان كل الخيارات متاحة للحفاظ على مقدراتنا واعلنها جيش مصر العظيم فى يوم الشهيد.
هذا الجيش هو حامى الحمى ومسؤول عن حماية مقدرات الوطن وأنه لا يوجد أحد بعيد عن قدراتنا ونناشد كل مواطن مصرى وكل مواطن عربى أنه قد حان وقت الاصطفاف الوطني للدفاع عن وجودنا وحياتنا ومقدراتنا وكلنا ثقة فى شعب مصر الكريم بأصالة معدنه وكريم أصله وجيشنا البطل بعظيم تضحياته وقيادتنا الحكيمة التى عبرت بنا بحور الفتن ووحدتنا العربية والإسلامية التى تظهر وقت المحن.
موقنين بعدالة قضيتنا ومؤمنين بنصر الله لنا وستظل مصر واحة الأمن والأمان إلى يوم الدين تحقيقا لقوله تعالى “ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين” .. وسحقا لكل جاهل أو خائن أو عميل فهو يقف بحقده وجهله فى خندق الأعداء وتحيا مصر عزيزة أبية بشعبها الكريم وجيشها العظيم وقيادتها الحكيمة.
ا. د إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة