بقلم .. الدكتور يوسف محمد
إن مصر اليوم تصنع المستحيل وتتقدم في كثير من المجالات بسرعة كبيرة تذهل العالم وعلى كل المستويات, داخلياً وخارجياً ويظهر ذلك جلياً سواء في البنية التحتية وبناء طرق وكباري ومواصلات واسكان وصناعة وزراعة وخدمات وخارجياً علاقات دولية متوازنة, ويتعجب الكثير وأحياناً غير مستوعبين كم النشاط الاقتصادي والخدمي والاجتماعي والثقافي الهائل في كل ربوع المحروسة فهناك تنمية شاملة ظاهرة جداً للجميع يشهد بها الأصدقاء والاعداء, في ظل تحديات كورونا والركود والاغلاق والكساد العالمي.
ولا يزال المشوار طويل أمام مصر, لأن مصر دولة لها خصوصية, ومصر قطعاً تختلف عن دول الخليج التي يشيد بتقدمهم البعض ويقارن بينهم وبين مصر, المقارنة هنا غير منصفة ولا تصح أصلاً لأن مصر تختلف تماماً عن دول الخليج في كثير من الأمور, مصر كبيرة جدا جدا جدا وعدد سكانها كبير ومصر مرت بأزمات خانقة, مصر اليوم تبنى من جديد, ونحن على الضرب سائرين, ونحتاج لكثير من الجهد والتطوير المؤسسي الشامل فيها فهناك بعض المنظمات الحكومية تحتاج للتطوير لتواكب متطلبات نظم الحكومة الذكية.
وهم النجاح عند بعض المدراء فهناك بعض المنظمات الحكومية التي تحقق أرباحاً بحكم عدم وجود منافس لها هذا أمر طبيعي, فهي تحتكر بعض الخدمات التي يحتاجاها المواطن وتقدم له بمقابل مادى, ومنطقي جداً زيادة أرباح هذه المنظمات الحكومية عام بعد عام نتيجة التضخم وزيادة عدد السكان وهذا أمر طبيعي وهذا ليس دليلاً على نجاح وتميز المنظمات وحسن إدارة قيادتها، والذى يعتقد البعض منهم أنهم يبلون بلاءاَ حسنا وهم في وهم كبير هم ومن يصدقهم.
إن النجاح الحقيقي هو التحسين والتطوير المستمر وضغط الوقت والنفقات لأقل حد ممكن وتحقيق أقصى ربح ممكن، وتحسين جودة الخدمات وتقليل تكلفتها وسرعة الاستجابة وتحسين الدخول باستمرار للعاملين نتيجة النمو الطبيعي للبيئة المحيطة, وتدريب العاملين بإستمرار لتحسين الخدمات وتطويرها باستمرار مع متطلبات الحكومة الذكية في عصر الرقمنة, فتجد هناك عامل بدون هدف، بدون خطة، بدون عمل حقيقي، يدور في حلقة مفرغة، يستهلك الوقت والجهد والمال تجده يكلف المنظمة كهرباء أكثر مما ينتج وتجده مطحون في الأوراق ويدعى أنه يعمل بجد وجهد ويسهر في عمل شاق (ضجيج بلا طحين), أفلام وطراهات وتمثيل، ليخدع من حوله ((وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون)).
الكفاءة والفعالية ووهم النجاح, فرق كبير جداً بين الكفاءة والفعالية:
الفاعلية:- هي إستخدام الموارد المتاحة لتحقيق الأهداف المطلوبة بغض النظر عن التكلفة والوقت والجهد المهدر. (وهذا حال بعض المنظمات الحكومية للأسف).
الكفاءة:- هي إستخدام الموارد المتاحة لتحقيق الأهداف المطلوبة وبأقل تكلفة ممكنة وأسرع وقت وأقل مجهود ممكن. (هذا هدف الحكومة الذكية)
إن عدم استغلال الموارد البشرية المتميزة وإقصاء العلماء منهم والاعتماد على أهل الحظوة من الاقارب والمعارف لتحقيق المصالح الشخصية هي صورة من صور الفساد المالي والإداري المنتشرة في العالم العربي للأسف, لأن العلماء هم من يقوم بالتطوير وهم كنز إن أحسن استغلالهم, وتجاهلهم وإقصاءهم هو إهدار للمال العام، ونجد بعض العاملين في بعض المنظمات تعمل على إضاعة الوقت والجهد والحرث في الماء وإشغال الناس بما لا فائدة منه هو إهدار للمال العام، نجد في كثير من المنظمات الحكومية كل انواع الاهدار للأصول الثابتة وغير الثابتة إهدار للموارد بعدم استغلالها الاستغلال الامثل مثل: الاراضي والعقارات والسيارات والمخزون والأصول المادية والبشرية، ولا يمكن الاستمرار في ذلك في ظل نظم معلومات الأعمال الإدارية والتطوير المؤسسي المستمر الشامل الذى ننادى به حالياَ في نظم الحكومة الذكية.
وهناك أمل كبير أن نتغلب على تلك الصعاب قريباً وأن يوسد الأمر لأهله, لآنه إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة أي الخسارة والهلاك والفساد والافساد.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها.
المستشار الاقتصادي الدكتور يوسف محمد خبير التطوير المؤسسي وريادة الأعمال.
لمحة من رسالة الدكتوراة بجامعة القاهرة 2021