بقلم .. دكتور علاء رزق
في الأونة الاخيرة إتجهت كثير من الكيانات العالمية للإستثمارات الخارجية في الأراضي الزراعية، بل إن كثير من الدول الكبرى في محاولة منها لضمان أمنها الغذائي إتجهت أيضاً نحو الإستثمارات الخارجية و شراء و تملك أراضي زراعية خاصه في دول فقيرة تعالى نفسها من أزمات غذائية مزمنة خاصه الدول الأفريقية مما يشكل توجها جديداً من أشكال الحماقة الإستعمارية تحت مظلة مساعدات إنمائية مشروعة، واليوم ونحن بصدد عقد مؤتمر باريس لدعم المرحلة الإنتقالية لأحد الدول النامية وهي السودان الشقيق يتم التركيز على عرض الفرص الإستثمارية خاصه في المجال الزراعي والحيواني وتعزيز التوجه الدولي نعم دعم السودان في تلك المرحلة ،إن وجود مصر جنباً إلى جنب مع السودان فى هذا المؤتمر يمثل حائط صد ضد أي أخطار أو مخاوف من ان يكون هذا الدعم شكل من أشكال التوجه الإستعماري الجديد، كما يشعرنا بالفخر كمصريين من أن أي محاولة لدخول القارة الأفريقية سواء عبر دمج الإقتصاد الأفريقي في الإقتصاد العالمي أو نقل التكنولوجيا لبعض الدول الافريقية أو دمج حركة الإستثمار فيها خاصة الإستثمار الزراعي لن يكون إلا عبر البوابة المصرية بعد ان أكدت مصر للعالم أن مشروع محور تنمية قناة السويس هو مشروع الخير والسلام لشعوب العالم بالكامل، لتاكيد هذه التوجهات فقد ذكرت مجلة The Land Report الأمريكية التي التي تتبع أكبر ملاك الأراضي الزراعية في أمريكا أن الملياردير العالمي بيل جيتس يمتلك أكثر من ربع مليون فدان من الاراضي الزراعية من خلال شركة GASCADE والتي يديرها وفق منهجية علمية توسعية مايكل لارسون التي يسعى فيها إلى مواجه مشاكل مستقبلية نتيجة التغير في المناخ وزيادة الإحتباس الحراري وزيادة المجاعه عالمياً، وهو الأمر الظاهر لكن الأمر الخفي هو الوصول إلى إستثمارات بأكثر من نصف مليون فدان والتسلح بسلاح التكنولوجيا والإبتكارات بصوره تجعل من هذه الشركة قادرة على ضمان الأمن الغذائي لمجموعه دول مجتمعة من خلال تحقيق معدل اكثر من ١١،٥٪ وهو عائد أكبر من أي أصل آخر،ما نؤكدعليه أن التوجه العالمي الآن ينصرف نحو التسابق على شراء والإستثمار في الأراضي الزراعيه والتي يرى البعض انها تعدت ٢٠مليون هكتار وهو ما يشير إلى أننا قد نكون أمام حلقة إستعمارية أقوى من أي حلقة سابقة، الإستثمار في الأراضي الزراعية يحقق عائدات أكبر من أي أصل أخر، كما أن الإرتباط المنخفض بين هذه الإستثمارات وبين الأسهم يساعد بدرجه كبيرة على زيادة هذه الإستثمارات حالياً ومستقبلاً والأهم هو ما قد يصاحب هذه الإستثمارات في الزراعة درجة أكبر من التحوط بشأن التضخم.
توجه بيل جيتس نحو الإستثمار الزراعي وكثير من الدول الفاعلة عالمياً وعلى رأسها فرنسا التي تحتضن الآن على أرضها قمتان الأولى خاصه بدعم السودان والأخرى خاصة بتمويل الإقتصاديات الأفريقية يرتكز على دعامتين يمثلان سابقآ المدفع والبارود التى إرتكز عليهما الإستعمار في القرن 19 ولكن الآن يرتكز على التكنولوجيا والإبتكارات بصورة تجعل الإنتاجية الزراعية لعشرين مليون هكتار المعتمدة على التكنولوجيا والإبتكارات أكبر من الإنتاجية الزراعية لدول العالم النامى مجتمعة .ما نراه الان أن توجهات الحكومةالمصرية نحو جعل الزراعة مقوم أساسي للإقتصاد عبر حماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتنمية الريف المصري وحماية البيئة وتنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى وتشجيع الصناعات التي تقوم عليها هو الأساس الذي تتوجه اليه الدول العظمى الان خاصه بعد الأخطار التي خلفها فيروس كورونا من إنخفاض مؤشر الأمن الغذائي لدي الدول خاصة الدول الكبرى. والآن مصر تستطيع بفضل قيادتها السياسية الرشيدة أن تحقق المعادلة الصعبة للتنمية المستدامة عبر رفع معدل النمو الحقيقي ورفع مستوى المعيشة وزياده فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر عبر إيمانها بأن الزراعة هى المقوم الأساسى للإقتصاد الوطنى.
دكتور علاء رزق رئيس المنتدى الإستراتيجي للتنمية