ترجمة: رؤية نيوز

يعتبر السؤال المحوري بعد مداهمة قوات مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل الرئيس السابق دونالد ترامب بفلوريدا الأسبوع الماضي، وهو ما لم تتم الإجابة عليه حتى الآن، ما هي الوثائق التي يمتلكها ترامب ولماذا الحكومة عازمة على استعادتها مرة أخرى، فضلا عن مجموعة من الأسئلة التي قد تتبادر إلى الذهن، والتي فجرتها ماجي هابرمان، المراسلة الصحفية في نيويورك تايمز، خلال ظهورها في برنامج “نيو داي” على شبكة الـ CNN أمس الإثنين.

تلك الأسئلة التي تتعلق بعفو ترامب السابق عن روجر ستون، وماذا يكمن وراء ظهور المادة الخاصة بـ “رئيس فرنسا” في استلام ما أخذه، وما السبب وراء مطالبات ترامب بإعاة الوثائق، على الرغم من أن الأوراق الرئاسية بموجب القانون الأمريكي ليست ملكه، وفي ظل غياب الحقائق تزداد التوقعات والتخيلات، والتي تزداد غرابتها بمعرفة أنه تم تصنيف 11 مجموعة من الوثائق على أنها سرية.

وهو ما يلقي الضوء على نظام التصنيف الذي تستطيع بموجبه الحكومة إخفاء المعلومات عن شعبها باسم “الأمن القومي للجميع”، ولكن هل تعلم أن هناك أكثر من مليون شخص لديهم تصريحات بالإطلاع على ما هو “سري للغاية”.

أكثر من مليون شخص يحملون تصاريح السرية

ففي التقرير السنوي الصادر عن مدير المخابرات الوطنية، تحت مسمى “قرارات التصريح الأمني”، وعلى الرغم من أحدث التقارير التي تم الوصول إليها هي الخاصة بالعام 2017، فقد تم وصف نحو أكثر من 2.8 مليون شخص بأن لديهم تصاريح أمنية اعتبارًا من أكتوبر 2017، إضافة إلى 1.6 مليون شخص لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات السرية، وحوالي 1.2 مليون شخص يستطيعون الوصول إلى المعلومات السرية للغاية، فضلا عن وجود أشخاص آخرون لديهم تصاريح أمنية ولكن ليس لديهم الإمكانية حاليًا للوصول إلى المعلومات السرية، وهي تلك التي تضم الموظفين المدنيين والمقاولين وأفراد الجيش.

مسارات رسمية لرفع السرية

ولكن لا يعني ذلك أن أكثر من مليون شخص كان لديهم الإمكانية في الوصول للمستندات السرية التي كانت موجودة في مار إيه لاغو، فكل وكالة لديها نظامها الخاص التي تتعامل من خلاله مع الوثائق السرية.

وهو ما يتنافى مع جدال المدافعون عن ترامب بأنه وضع أمرًا لرفع السرية عن تلك المستندات قبل أن يصطحبها معه إلى المنزل بعد إنتهاء فترة ولايته في البيت الأبيض، حيث أكد المتخصصون أن هذا الادعاء لا يمكن أن يكون صحيحًا.

فمن جانبه أوضح شون تونر، المحلل بشبكة CNN ومدير الاتصالات السابق للإستخبارات الوطنية الأمريكية، أن فكرة  أن الرئيس يمكنه رفع السرية عن الوثائق ببساطة عن طريق نقلها من موقع مادي إلى آخر هو “هراء على العديد من المستويات داخل السياسة” على حد قوله.

وكشف اتونر أن عملية السرية يتم رفعها من خلال عدد من الإجراءات والتي تتضمن موافقة الوكالة التي صنفت المعلومات في المقام الأول، وذلك من أجل حماية عملية جمع المعلومات ومصادرها وطرق جمعها، مبينًا أن الرؤساء يعملون على تحديث النظام الرسمي لرفع السرية عن المعلومات بشكل دوري.

وأشار أنه في الآونة الأخيرة، أصدر الرئيس الأسبق باراك أوباما الأمر التنفيذي  رقم 13526 في عام 2009، والتي لا تزال هي السياسة الرسمية حيث لم يقم ترامب ولا الرئيس جو بايدن بتحديثها.

في حين أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بدأ في وقت سابق من هذا الصيف في مراجعة كيفية التعامل مع البيانات السرية، حيث ستعيد مراجعة بايدن فحص المستويات العامة للتصنيف.

تصنيفات السرية

كانت كاتي لوبوسكو، من شبكة CNN قد كتبت كتابًا عن البيانات السرية خلال الأسبوع الماضي، وضحت فيه مستويات التصنيف الثلاثة والتي تتمثل في التالي:

سري للغاية: وهو أعلى مستوى من مستوياتا لتصنيف، وهو يضم المعلومات الفائقة السرية إذا كان من المتوقع أن تسبب ضررًا جسيمًا بشكل استثنائي للأمن القومي، ووفقًا للأمر التنفيذي الصادر في 2009، والذي يصف نظام التصنيف بأنه “مجموعة فرعية من المستندات السرية للغاية والمعروفة باسم SCI، أو المعلومات المجزأة الحساسة، والمستمدة من مصادر الإستخبارات”، بحيث يمكن تقييد الوصول إلى مستندات الـ SCI لمجموعة محددة من الأشخاص الذين لديهم تصاريح أمنية مخصصة، وهي تلك الفئة التي تم العثور عليها في منزل ترامب، ما يعني أنه قد أصاب الهدف في مقتل.

سرية: وهي المعلومات التي يتم تصنيفها على اعتبار أنها قادرة على التسبب في “ضرر جسيم” للأمن القومي إذا تم الكشف عنها.

سري: وهي أقل مستويات التصنيف حساسية، ويتم تطبيقها على المعلومات التي من المتوقع أن تسبب “ضررًا” للأمن القومي إذا تم الكشف عنها.

ما هي أنواع الأشياء السرية للغاية؟

يقول ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق، ديفيد برييس، أنه بغض النظر عن التصنيف المحدد إلا أن هذه المعلومات تهتم الحكومة بعدم نشرها على الملأ، مثل المعلومات الإستخباراتية التي يتم جمعها حول البرنامج النووي الكوري الشمالي أو العمليات العسكرية الروسية.

وأشار أن الحكومة غالبًا ما تحصل على هذا النوع من المعلومات من خلال مطالبة الناس بالمخاطرة بحياتهم أو من خلال استخدام تكنولوجيا لا تريد الحكومة أن يتعرف عليها الخصوم، وهو ما قد يعرض حياة الناس للخطر.

ويشير برييس أن السؤال الأكبر عما هو سري، لماذا إذا كانت الحكومة قد علمت أن الوثائق في مار ايه لاغو، فلماذا استغرق المحققون وقتًا طويلًا للوصول إليها، مشيرًا أنه من أجل رفع السرية لا تزال هناك حاجة إلى مسار ورقي حتى يعرف الجميع أن شيئًا ما قد تم رفع السرية عنه، قائلا “إذا لم يتم وضع علامة عليها مرفوعة السرية ولم يتم أيضًا رفع السرية عن المستندات الأخرى التي تحتوي على نفس المعلومات ، فهل حدث ذلك بالفعل؟ إذا لم يكن هناك سجل لها ، فكيف تعرف ذلك؟”.

قد لا نعرف المزيد لفترة طويلة جدًا

وتكمن المشكلة حاليًا في التخيلات التي ستنطلق حول المعلومات الموجودة في المستندات، قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا أمام الناخبين الأمريكيين أي فكرة عما تدور حوله هذه الوثائق.

يقول المحلل القانوني في CNN والمدعي الفيدرالي السابق، إيلي هونيغ، أنه من الناحية الفنية لن تدخل هذه القضية في أي إجراءات أخرى في الجدول القانوني، ما لم توجه وزارة العدل اتهامات جنائية ضد أي شخص.

لتظهر هنا بعض معارضات وزارة العدل بتقديم تفاصيل عامة في الأسباب العامة للبحث في ما إيه لاغو، حيث توجد بعض التكهنات أنه بدلا من توجيه الاتهامات، تحاول الحكومة فقط تأمين البيانات، حيث من الممكن أن تظل العلومات سرية على هذا النحو لمدة تتراوح بين 10 و25 سنة، وفقًا لإرشادات رفع السرية التي وقع عليها الرئيس الأسبق باراك أوباما.

المستندات السرية للغاية المماثلة في الماضي

يوجد لدى كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية غرفًا للقراءة عبر الإنترنت، والتي تحتوي على بيانات مصنفة مسبقًا تم إصدارها من خلال قانون حرية المعلومات، وكلها معلومات ليست بالحديثة.

ويبدو أن قضية مار إيه لاغو الخاصة بترامب هي قضية خاصة، حيث توجد بالفعل مكالمات من الحزبين من السيناتور مارك وورنر وماركو روبيو – كبار المسؤولين المنتخبين في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ – لمدير المخابرات الوطنية أفريل هينز و المدعي العام ميريك جارلاند يطلب المزيد من المعلومات حول ما تم أخذه من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي.

ويذكر التاريخ ملاحقات قضائية مشابهة لسوء التعامل مع البيانات السرية من قِبل شخصيات بارزة، حيث قدّم الجنرال المتقاعد والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية، ديفيد بترايوس، معلومات سرية لعشيقته والتي كتبت عنه كتابًا، وفي النهاية أقر بالذنب ودفع غرامة قدرها 100 ألف دولار وحصل على عامين من المراقبة.

وتبين التقارير أن بترايوس قد احتفظ بملاحظات شخصية خاصة بمعلومات سرية في 8 دفاتر، والتي ضمت هوية الضباط السريين وإستراتيجية الحرب، والملاحظات الصادرة من الاجتماعات الدبلوماسية والأمن الوطني وكلمات رمز الوطن.

ومن الشخصيات الأخرى المعروفة، آسيا جاناي لافاريلو، الموظفة المدنية في الدفاع التي عملت في السفارة الأمريكية في مانيلا، والتي احتفظت بوثائق سرية في غرفتها بالفندق ومنزلها أثناء عملها في مشروع مطروح، واحتجزت في السجن مدة ثلاثة أشهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version