بقلم الدكتور حبيب جودة، رجل الأعمال ورئيس الجمعية العربية الامريكية
في كل مرة ندخل في موسم انتخابات محلية، أو انتخابات الكونغرس، يتصل بي العديد من أبناء الجالية العربية ويتساءلون عن سبب غياب مرشح من أبناء الجالية، يخوض معركة الانتخابات ويمثل الجالية أمام المؤسسات الأميركية، ويدافع عن حقوقها في بلد لا يعترف إلا بالقوي سواء من ناحية الإمكانيات أو حتى من الناحية التنظيمية.
ولأن الموضوع ذو شجون، فكرت أن أكتب هذه الأسطر ونيتي أمام الله هي فقط أن تأخذ الجالية دروسا من الماضي كي نتعلم جميعا من أخطائنا، فلا خير في أمة لا تتناصح ولا تقبل النصيحة.
في سنة 2017 اجتمع بعض الخيرين من أبناء الجالية ورشحوا الأب خضر اليتيم لعضوية مجلس المدينة خلفا لفينسينت جانتيلي المنتهية عهدته.
كل الظروف والأجواء كانت مهيأة لفوز الأب خضر اليتيم، فالكل يحب شخصيته والكل يعرف وقوفه القوي دفاعا عن مصالح الجاليتين العربية والإسلامية.
فمنذ هجمات 11 سبتمبر، وحتى قبلها، كان الأب خضر اليتيم في الصفوف الأمامية للاحتجاجات ضد العنصرية التي مورست على العرب والمسلمين.
وأذكر هنا وقوفه الشجاع ضد مجموعة من المتطرفين اليمينيين(من ضمنهم عرب) الذين عارضوا بناء مسجد في منطقة جنوب ستايتن ايلند، حتى أنه قد تعرضت أنا وهو للعنف الجسدي ولولا تدخل الشرطة وأجهزة الأمن لوقع ما لا يحمد عقباه.
يد الأب خضر اليتيم، كانت دائما ممدودة للجالية، ولعل دعوته للترشح لمجلس المدينة كان منعطفا تاريخيا كاد أن يحول مسار ووضع الجالية العربية لولا الانقسام وأنانية بعض الجهات.
يفوق عدد العرب في منطقة باي ريدج في بروكلن 750 ألف شخص، يمثلون الدول العربية من المشرق الى المغرب، وغالبيتهم من الشباب المتعلمين، وهم الرأسمال الحقيقي لهذه الجالية.
بعد أن تقبل الأب خضر اليتيم الترشح على مضض، بسبب ارتباطاته الكثيرة، تكونت نواة للحملة الانتخابية من بعض الأشخاص يعدون على الأصابع، ولم تمضي أيام حتى التحق بهذه المجموعة الصغيرة عدد هائل من المتطوعين، سواء عرب وحتى من أصول غير عربية!
وقتها أذكر أن الأب خضر اليتيم نجح في خلق حيوية كنا دائما نحلم بتحقيقها. حب الناس للأب خضر جعله مرشح الكل.
ومن باب الأمانة أحيي وأشكر كل من عمل وساند وأعطى صوته للأب خضر يوم الانتخابات.
للأسف استطاع المرشح الآخر شق صف الجالية عبر وعود لتمويل إحدى الجمعيات والتي كنا قد وقفنا معها وقفة مشرفة قبل قرابة خمسة عشر عاما عندما شنت بعض الأطراف حملة معادية ضدها!
وعوض أن تقف مع الجالية العربية وتلتزم برأي الأغلبية، ذهبت عبثا تدعو أبناء عشيرتها للتصويت لصالح المرشح المنافس للأب خضر اليتيم، للأسف!
لم يكن الفارق كبيرا في عدد الأصوات، وبفعل فاعل(ة) تبخرت أحلام الجالية وعدنا إلى نقطة البداية، بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من الدخول وتسطير التاريخ عبر وجود ممثلا لنا عربي في المؤسسات الرسمية الأميركية، خاصة في ولاية نيويورك.
أناشد من خرج عن الصف وكان سببا في خسارة الجالية في تلك الانتخابات أن يراجع نفسه(ا) ويلتزم بإجماع الجالية، لما فيه مصلحة الجالية وأبنائها.
نستطيع تغيير الواقع والحال إلى الأفضل، ولمصلحتنا جميعا عندما نتخلى عن مصالحنا الضيقة في عملنا العام، ونتوجه كأمريكيين من أصول عربية للمصلحة العامة.
فشلنا مرة، وتعلمنا من الخسارة، أتمنى أن نتكلم عن نجاحنا في المرات القادمة.
فيا أبناء جاليتنا الاعزاء، لن يتغير وضعنا الا اذا غيرنا أنفسنا، فإنما يأكل الذئب منَ الغنم القاصية!