ترجمة: رؤية نيوز
تسعى الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بكل هدوء نحو التوصل إلى تحقيق تقدم كبير في العلاقات بالشرق الأوسط، من خلال اتفاق بين كلٍ من إسرائيل ولبنان يتعلق بالحدود البحرية الإقليمية.
ويبدو أن المفاوضات تقترب من خط النهاية وسط مُباحثات مكثفة بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين واللبنانيين، جرت هذا الأسبوع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
حيث تبذل الإدارة جهدًا للتقليل من أهمية الاتفاقية المحتملة، والتي تشعرها بالقلق كي لا تبدو تطبيعًا بين إسرائيل ولبنان، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع معركة كارثية مع حزب الله، والذي تُقدَّر قوته بنحو 150 ألف صاروخ تتمركز على الحدود الشمالية لإسرائيل.
ولكن في حال نجاح الإدارة الأمريكية للوصول لإتفاق مع اعتراف من بيروت ضمنيًا بشرعية إسرائيل، بينما الطرفان في حالة حرب، سيكون ذلك بمثابة انتصار كبير لاستخدام إدارة بايدن للدبلوماسية في تعزيز استقرار منطقة الشرق الأوسط.
إدارة المفاوضات
يقود المفاوضات عاموس هوشستين، المنسق الرئاسي للطاقة الدولية، وكان هو من أطلق الوساطة بين إسرائيل ولبنان منتصف أكتوبر الماضي، والتي لم تحظ باهتمام كبير نظرًا لانفجار العديد من الأزمات العالمية، والتي يأتي على رأسها أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تسبب به من أضرار حول العالم.
ومن جانبها علَّقت منى يعقوبيان، كبير مستشاري مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد السلام الأمريكي، قائلة “سيكون انتصارًا مهمًا للغاية لإدارة بايدن، وبصراحة سيكون انتصارًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي وتهدئة التوترات”.
وأشارت يعقوبيان إلى جودة إدارة الاتفاق من جانب كل من الإدارة الأمريكية، وهوشستين “على جه الخصوص”، قائلة “لقد كان مجتهدًا جدًا في دبلوماسيته المكوكية، اعتقد أنه يبرهن، حقًا، وهو يجسد ما يبدو عليه العمل الشاق للدبلوماسية، وإذا كان هناك اتفاق، فما الذي يمكن أن يسفر عنه”، بحسب ما ذكرت صحيفة The Hill.
ومن المتوقع أن يُرسّم الاتفاق حدودًا بين إسرائيل ولبنان في شرق البحر الأبيض المتوسط، ويُرسّم المطالبات التي تعتبرها كل من بيروت والقدس منطقتهما الإقتصادية الخالصة، كما سيحدد كيف يمكن للبلدين الاستفادة من استكشاف حقل كاريش للغاز الطبيعي.
مزايا الاتفاق
وكان رئيس الوزراء اللبناني المُكلَّف، نجيب ميقاتي، قد أشار إلى الاتفاق خلال كلمته أمام الجمعية العامة قائلا “لقد حققنا تقدما ملموسا ونأمل أن يصل إلى النتائج المنشودة قريبا”.
ويعتبر جزءًا من التقدم إجماع كل من إسرائيل ولبنان على فوائد الحدود البحرية، حيث تريد إسرائيل تجنب الصراع مع لبنان وتعزيز علاقاتها في المنطقة بشكلٍ عام، أما لبنان ففي حاجة ماسة إلى أي منفعة اقتصادية قد تأتي من قدرتها على استكشاف الغاز في هذه المنطقة من البحر الأبيض المتوسط.
في حين أنه من غير المرجح أن تعود اتفاقية الحدود البحرية بمنافع اقتصادية فورية للبنان، والتي تعتبر في حالة أزمة اقتصادية واسعة، إلا أن البعض ينظر للاتفاقية باعتبارها تطور إيجابي.
وكانت شركة إينرجين، شركة الطاقة اليوناينة البريطانية التي تحمل ترخيصًا لتطوير حقل غاز كاريش، قد قالت في بيان صحفي في سبتمبر الماضي، أنها لا تزال على المسار الصحيح لتسليم الغاز الأول من مشروع تطوير كاريش في غضون أسابيع، بحسب ما ورد بالبيان.
وقالت يعقوبيان “بينما يسعى الأوروبيون إلى بدائل لمصادر الطاقة الروسية، تزداد أهمية شرق البحر المتوسط في هذا الصدد”، حيث يعتبر تطوير الحقول عامل مساعد للدول الأوروبية للتخلص من الغاز الطبيعي الروسي.
رد فعل حزب الله
أما على الجانب الآخر، فقد شدد حزب الله لهجته، الجماعة المُصنَّفة إرهابية من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسيطر على جنوب لبنان وتتمتع بقوة هائلة في البلاد، حيث زاد من عدد التصريحات التهديدية ضد إسرائيل بشأن المفاوضات الحدودية واستخراج الغاز خلال الأسابيع الماضية.
حيث قال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الأسبوع الماضي، “إننا نتابع المفاوضات وكل أعيننا على كاريش وصواريخنا محصورة على كاريش”، محذرًا من استخراج الغاز في غياب اتفاق مع لبنان، قائلا “الخط الأحمر بالنسبة لنا هو أنه لا ينبغي أن يكون هناك استخراج من كاريش”، بحسب ما جاء في تصريحاته المتلفزة التي نقلها موقع “نهار نت” الإخباري.
بينما رد المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، في بيان يوم الاثنين، بأن استخراج الغاز ليس مرتبطا بالمفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة، حيث تعتقد إسرائيل أنه من الممكن والضروري الوصول لإتفاق حول ترسيم خط بحري بين لبنان وإسرائيل، حيث جاء في البيان “إنتاج الغاز من منصة كاريش غير مرتبط بهذه المفاوضات، وسيبدأ إنتاج الغاز من الحفارة دون تأخير، في أقرب وقت ممكن”.
وفي إيجاز مع الصحفيين يوم الأربعاء في نيويورك، قال لبيد إن “إسرائيل قوية وتعرف كيف تدافع عن نفسها” إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع لبنان يتناول “الاحتياجات الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية لإسرائيل”، حسبما أفاد موقع أكسيوس.
في حين يعتقد مراقبون إقليميون أن تهديدات نصر الله تمهد الطريق لاندلاع الصراع، وتعتبر إسرائيل حزب الله أحد أكبر التهديدات الأمنية وكذراع لطموحات إيران الكبرى لمهاجمة الدولة اليهودية.