وكالات
المواقف وغيرها، أصبح دي سانتيس رجل الساعة بالنسبة للحركة الشعبوية اليمينية في أمريكا، حتى إن العديد من الديمقراطيين يُقرِّون بأن دي سانتيس هو المرشح الأوفر حظاً في انتخابات التجديد النصفي. مشيرة إلى أن الرجل سيسعى بعد إعادة انتخابه كحاكم لولاية فلوريدا، إلى تقديم نفسه زعيماً جديداً للحزب الجمهوري، وبالتالي احتمالية ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية في عام 2024.
يحظى بدعم مالي كبير وإيلون ماسك يؤيده
يصف العديد من منظري التيار المحافظ دي سانتيس بأنه “المسؤول الحقيقي للمعارضة، وأنه يدافع عن قضايا جريئة غالباً ما لا يدافع عنها المحافظون الآخرون”.
ومن مؤشرات قوة الرجل، جمعه أكثر من 100 مليون دولار لحملة إعادة انتخابه لمنصب حاكم ولاية فلوريدا، من بينها 3.4 مليون من أنصار ترمب السابقين، الذين لم يتبرعوا في انتخابات ولاية فلوريدا من قبل، وفقاً لموقع “بوليتيكو”، كما أعلن إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، عن دعمه دي سانتيس لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة.
وفي 2019، عندما أدى اليمين الدستورية كحاكم لولاية فلوريدا، كان عمر دي سانتيس لا يتجاوز 40 عاماً. وهو أصغر الحكام في فلوريدا منذ قرن من الزمن، ولد وترعرع في فلوريدا، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة هارفارد الشهيرة، حيث تحصل في 2005 على شهادة في القضاء البحري.
عمل في منصب محام عسكري في سجن غوانتانامو، وفي عام 2007، عمل مستشاراً قانونياً لرئيس القوات الأمريكية الخاصة التي كانت تقاتل في الفلوجة بالعراق.
وانتخب دي سانتيس للمرة الأولى عضواً في الكونغرس الأمريكي في عام 2012 عن مقاطعة فلوريدا، وقد شارك بكثرة في البرامج التلفزيونية التي كانت تبثها قناة “فوكس نيوز”، ما جعله يلقى الدعم من “حزب الشاي” الأمريكي، الذي يمثل اليمين المتعصب في الولايات المتحدة الأمريكية.
هل دخل ترامب ودي سانتيس في صراع غير مباشر؟
في إطار السباق الانتخابي في صفوف الحزب الجمهوري الأمريكي، يعاني رون دي سانتيس من شوكة اسمها دونالد ترامب كما تقول “فرانس برس”، فهو مطالب من جهة بالحفاظ على علاقة مقربة مع الرئيس الأمريكي السابق بسبب التأثير الذي يملكه داخل الحزب، ومن جهة أخرى الابتعاد قليلاً منه، لكي يستطيع جلب الناخبين المحافظين إليه.
وحصل دي سانتيس على دعم دونالد ترامب في عام 2018، عندما رشح نفسه لتولي منصب حاكم ولاية فلوريدا، فيما وصفه بـ”الشاب الرائع والمتمكن”، لكن اليوم، وقبيل الانتخابات النصفية، التي تُعقد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لم يعلن الرئيس السابق عن مساندته لرون دي سانتيس.
يبدو أن الرجلين دخلا في صراع سياسي غير مباشر، فرون دي سانتيس يتجنب انتقاد ترامب، والهيمنة التي فرضها على الحزب الجمهوري، لكن في الوقت نفسه لم يرد على سؤال عما إذا كان قد سرق الفوز في الانتخابات الأمريكية السابقة من دونالد ترامب.
بايدن وزوجته خلال زيارة المناطق التي ضربها إعصار إيان في مقاطعة فلوريدا/ Getty
وأظهرت بعض استطلاعات الرأي تقدم دي سانتيس على ترامب فيما يتعلق بالترشح لخوض غمار الانتخابات الرئاسية باسم الحزب الجمهوري في 2024.
وحسب منظمة “أوبن سكريت”، وهي منظمة غير حكومية تتابع المساعدات المالية التي تمنح للسياسيين، فلقد استطاع رون دي سانتيس جمع مبالغ مالية مرتفعة مقارنة بتلك التي جمعها دونالد ترامب، ومن بين الذين قاموا بمساعدته، يمكن ذكر جمهوريين في الحزب لا يحبون كثيراً ترامب.
وفي هذا الصدد، يقول دافيد جولي، عضو سابق في الحزب الجمهوري إن “هناك عدد كبير من الجمهوريين الذين سيساندون دي سانتيس، لأن هذا الأخير مختلف تماماً عن ترامب في العديد من الأصعدة”.
قرارات وتصريحات جدلية
كان دي سانتيس من دعاة عدم ارتداء الكمامة الواقية ضد وباء كوفيد-19، ومنع تدريس نظرية المساواة بين الأعراق، كما أنه منع تنظيم نقاشات حول الهوية الجنسية في المدارس العامة.
وتدخّل أيضاً في النقاش حول الإجهاض، موقّعاً قانوناً يمنع القيام بهذه العملية الطبية بعد 15 أسبوعاً من الحمل، كما تم انتقاده في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما قام بترحيل مهاجرين غير شرعيين إلى جزيرة “مارتاس فينيار” في ولاية ماساشوزيتس، وذلك في إطار خطة قام بها حكام جمهوريون تهدف إلى نقل وإبعاد المهاجرين غير الشرعيين إلى المناطق التي يحكمها ديمقراطيون.
ورغم الجدل الذي أثاره هذا الحاكم، فإن قراراته جذبت إليه مساعدين أكثر وداعمين آخرين لسياسته. وقال ستيفان لاوسون، الذي يعمل مسؤولاً عن حملته الانتخابية: “الأشياء التي يقوم بها رون دي سانتيس تساعده على فرض شخصيته في الساحة السياسية، وفي صفوف الأمريكيين المحافظين، والمجتمع الأمريكي بشكل عام”.
ترامب: “دي سانتيس رجل جاحد، أنا الذي صنعته”!
ورغم تقاسمه بعض أوجه التشابه مع دونالد ترامب، كما تقول مجلة فايننشال تايمز، فإن هناك بعض النقاط التي تفرقهم، كانتقاده مثلاً لارتفاع نسبة التضخم في الولايات المتحدة، والتي كانت أحد الموضوعات التي تجاهلها ترامب عندما كان في السلطة، كما دعا أيضاً إلى تشديد العقوبات على روسيا، بينما دعا ترامب إلى العمل والتعاون مع بوتين لإيجاد حل للحرب الروسية على أوكرانيا.
وبينما لا يضيع ترامب أي فرصة لانتقاد معارضيه السياسيين، يقوم دي سانتيس بالترفع عن بعض المسائل الجدلية، عندما تقتضي الحاجة، فعلى سبيل المثال، شكر في سبتمبر/أيلول الماضي، إثر إعلانه حالة الطوارئ لمساعدة ولاية فلوريدا التي واجهت إعصار لان.
لكن بعض أوجه التشابه بين الرجلين يمكن أن تتحول إلى مصدر لصراع مرتقب، فالرئيس السابق على سبيل المثال انتقد دي سانتيس، لأنه “يتحدث مثله، ويستعمل بعض المفردات والجمل التي يستخدمها ترامب، ووصف ترامب دي سانتيس بالرجل “الجاحد”، وقال “أنا الذي صنعته”، فهل سيحتدم الصراع بين الرجلين عندما تحين ساعة الترشحات في الحزب الجمهوري لخوض غمار الرئاسيات الأمريكية المقبلة.