تعهّد الجمهوريّون، الأحد، بتوجيه “تنبيه” إلى الرئيس جو بايدن واستعادة الكونغرس، في انتخابات منتصف الولاية الحاسمة هذا الأسبوع، فيما أصرّ الديموقراطيّون على أنّهم ما زالوا في المعركة قبل ساعات على الاستحقاق.
ويؤدّي بايدن وسلفه دونالد ترامب دورين رئيسيَين لجذب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، في انتخابات الثلاثاء التي يقول الرئيس الأمريكي إنّها تُمثّل لحظة “حاسمة” للديموقراطيّة الأمريكيّة، وبعد التجمعات التي نظّمها الحزبان السبت في ولاية بنسلفانيا، زار بايدن نيويورك وترامب ميامي لحشد المناصرين.
وقال الرئيس الديموقراطي أمام جمهور ملتزم إلى حد كبير بقضيّته، في جامعة سارة لورنس بشمال نيويورك: “إذا ذهبتم جميعا للتصويت، ستُحفَظ الديموقراطية. هذه ليست مزحة…حان الآن الوقت بالنسبة إلى جيلكُم للدفاع عنها (الديموقراطية)، والحفاظ عليها، واختيارها”، مذكّرًا بهجوم 6 كانون الثاني/يناير 2021 الذي شنّه أنصار لترامب على مبنى الكابيتول.
ومن جهته اختار ترامب أيضا، الأحد، التحدث في ولاية فلوريدا المؤيدة للجمهوريين (جنوب)، وفي ميامي، واصل الرئيس السابق تغذية التوقعات بشأن إعلان وشيك عن ترشّحه للرئاسة في العام 2024، وقال ترامب: “ربّما سيتعيَّن عليّ القيام بذلك مرة أخرى”، فيما هتف أنصاره “سنواتٍ أربع أخرى! سنواتٍ أربع أخرى!”، في إشارة إلى مدة الولاية الرئاسية في الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكرته وكالة (أ.ف.ب).
“زخم جديد”
وصوّت 40 مليون أمريكي في وقت مبكر، وفق ما أوردت “إن بي سي نيوز” الأحد، وكان الجانبان يتوقعان الفوز، لكن استطلاعات الرأي الأخيرة وضعت الديموقراطيين في موقف دفاعي، وأعلنت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا ماكدانيال، أن مرشحي حزبها لانتخابات التجديد النصفي المقبلة سيقبلون بالنتائج سواء فازوا أم لا.
وأعربت ماكدانيال عن اعتقادها بوجود “زخم جيد” لدى الجمهوريين، يمكنهم من استعادة السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات الثلاثاء، ما سيؤدي في حال حدوثه الى إعاقة عمل بايدن خلال النصف الثاني من ولايته.
وقالت ماكدانيال في حديث لبرنامج “حالة الاتحاد” على شبكة “سي ان ان” عن العملية الانتخابية: “إن الجمهوريين يريدون ضمان أن تجري بشكل نزيه وشفاف، وبعد ذلك نترك العملية تأخذ مجراها ونقبل بالنتائج”، وعندما سئلت بشكل مباشر إن كان جميع المرشحين الجمهوريين سيقبلون بالنتائج حتى في حال خسارتهم، أجابت: “سيقبلون”.
“حلول منطقية..وتنبيه”
من جهته لخّص السناتور ريك سكوت، رئيس اللجنة الوطنية لمجلس الشيوخ الجمهوري، المزاج السائد بالقول، إن حزبه يتوقع “ليلة عظيمة” في مجلسَي النواب والشيوخ، وقال زميله الجمهوري غلين يونغكين حاكم ولاية فرجينيا لبرنامج “ذيس ويك” الحواري، الذي تبثّه “إيه بي سي نيوز”، إن معسكره هو الآن “من يقدّم حلولا منطقية” لقضايا ملحة مثل التضخم المرتفع والجريمة، وأضاف القول: “سيشكّل الأمر تنبيها للرئيس بايدن”.
ومع تكثيف ترامب نظريات المؤامرة حول التصويت لانتخابات منتصف الولاية وإلقاء العديد من مرشحي حزبه بظلال من الشك على النتائج المقبلة، سعى قادة الحزب إلى طمأنة الناخبين بأن الجمهوريين سيقبلون النتيجة، حتى لو خسروا.
وتبنّى مئات من الجمهوريين الذين يسعون للفوز الأسبوع المقبل مزاعم ترامب التي لا أساس لها بحصول تزوير في انتخابات العام 2020، وهناك عدد منهم يلقي بظلال من الشك على نتائج انتخابات منتصف الولاية، خلافا لتعليقات مكدانيال.
وعلى سبيل المثال، رفضت كاري ليك المرشحة اليمينية المتطرفة للحزب لمنصب حاكم ولاية أريزونا، قول ما إذا كانت ستحترم النتائج، وعندما سألتها شبكة “سي إن إن” الشهر الماضي عما إذا كانت ستقبل بنتيجة التصويت ردت بالقول: “سأفوز في الانتخابات، وسأقبل بهذه النتيجة”.
وذكرت وسائل إعلام محلية الأحد أن هذه الجمهورية المصنفة متطرفة، تلقت مظروفين يحتويان على مسحوق أبيض “مريب”، يحقق فيه مكتب التحقيقات الفدرالي.
لوم غير عادل
وعادة ما تُعتبر انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة استفتاء على رئيس البلاد، الذي يميل حزبه إلى خسارة مقاعد في الكونغرس، خصوصا إذا كانت نسبة تأييده، كما هي الحال مع بايدن، أقل من 50 %.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الجمهوريين متقدّمون في السباق على مجلس النواب، وأنهم يكتسبون زخما في المواجهات الرئيسية على مقاعد مجلس الشيوخ، فيما يسعى الناخبون إلى التخلص من الإحباط، بسبب التضخم الأكثر ارتفاعا منذ أربعة عقود والهجرة غير النظامية المتزايدة.
وحضر بايدن قداسا في وقت مبكر الأحد في ويلمنغتون في ولاية ديلاوير، قبل أن يتوجه إلى نيويورك لحشد دعم للحاكمة كايثي هوشول، التي تواجه تحديا جمهوريا قويا بشكل غير متوقع.
وكان بايدن انضم في اليوم السابق إلى باراك أوباما في ولاية بنسلفانيا الرئيسية المتأرجحة، حيث دعم المرشح إلى مجلس الشيوخ جون فيترمان والمرشح إلى منصب حاكم الولاية جوش شابيرو.
وفي الخطاب الذي ألقاه أمام الآلاف في فيلادلفيا، ذكّر بايدن بدعم مناصري ترامب المتزايد لنظريات المؤامرة. وقال بايدن: “هذه لحظة حاسمة للأمة”، وذلك سعيا إلى إعطاء حزبه دفعا في انطلاقه نحو خط النهاية.
من جهة ثانية، كان ترامب يحضر تجمّعا منافسا لدعم خصم فيترمان، نجم التلفزيون الشهير محمد أوز، وخصم شابيرو اليميني المتطرف دوغ ماستريانو، ودافع ترامب عن محاولاته لتغيير نتيجة انتخابات عام 2020، وحض الأميركيين على “التصويت للجمهوريين هذا الثلاثاء لإحداث موجة حمراء ضخمة”، وقال: “بعد وقت قصير جدا جدا، ستكونون سعداء جدا جدا”.
وأكد الملياردير في نهاية خطاب استمر أكثر من ساعتين قائلا: “نحن أمام أهم انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة…سنستعيد مجلس النواب ومجلس الشيوخ”. لكنّ الديموقراطيّين رفضوا فرضيّة سيطرة لا مفرَّ منها للجمهوريّين على الكونغرس.
وقال عضو الكونغرس الديموقراطي شون باتريك مالوني لشبكة “إن بي سي”: “سنحتفظ بهذه الغالبيّة”، مشيرًا إلى أنّ بايدن تلقّى اللوم بشكل غير عادل على التضخّم فيما لم يحصل إلا على القليل من الفضل في نجاحات مثل نموّ الوظائف.
لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الديموقراطيين عانوا لإقناع الناخبين، بشأن الهموم اليومية التي تُعتبر محوريّة في انتخابات هذا الأسبوع، وليس هناك ما يدلّ على أنّ تحذيرات بايدن بشأن تهديد الديموقراطيّة قد قلبت الطاولة لصالحهم.