وكالات:

رغم طي صفحة قضية لوكربي منذ سنوات، فإن القبض على أبو عقيلة محمد مسعود، المشتبه به في صنع القنبلة، أثار حالة جديدة من الجدل في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وحتى في ليبيا.

فبالنسبة لبريطانيا والولايات المتحدة، كان مثول هذا الرجل، يُعد لحظة انتصار هادئ، ومكافأة لعقود من الصبر في محاولة جلب مرتكبي الواقعة للعدالة، إلا أنه أثار أزمة في ليبيا، التي تخشى محاولة “ابتزاز” جديدة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.

أثار اتهام أبو عقيلة محمد مسعود، الذي كان في السابق عميلاً لاستخبارات معمر القذافي، غضباً واسعاً، كما هو الحال غالباً مع أي شيء يتعلق بتفجير رحلة شركة بان أمريكان 103 في سماء اسكتلندا، في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988، بحسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

الكل يساوره الشك

قال محامو عبد الباسط المقرحي، الرجل الذي أدين بالتفجير، من قبل وقضى عقوبة في السجون البريطانية، إن التسليم كان “مجرد قطعة أخرى في بانوراما الأكاذيب الضخمة، التي بُنيت على ظهر الشعب الليبي”.

وقال والد أحد القتلى البريطانيين إن مثول مسعود أمام المحكمة يجب أن يؤدي إلى إعادة فحص جميع الأدلة المستخدمة ضد المقرحي. قال جيم سواير، الذي توفيت ابنته فلورا في طائرة بان أمريكان 103، إنه يجب محاكمة مسعود في محكمة “ليست تابعة لبريطانيا أو الولايات المتحدة أو ليبيا أو إيران”.

ومع ذلك، كان الغضب الأوضح مُثاراً في ليبيا، حيث يهدد التسليم بإعادة إشعال الحرب الأهلية في البلاد – ومن المفارقات أن هذا صراع يدور بين الفصائل المعارضة لحكم القذافي الذين وصلوا إلى السلطة بعد أن ساعدت بريطانيا وأمريكا على إطاحته في عام 2011.

قال فتحي باشاغا، الذي نصّب نفسه رئيساً للوزراء، والذي يقف الآن إلى جانب شرق ليبيا في الصراع المتعثر، للتلفزيون الليبي الليلة الماضية: “نعتقد أنه اختُطِفَ. وهذا خارج الإطار القانوني والقضائي والشرعي، وهذا شيء أرفضه ولا أعترف به على الإطلاق”

مايو/أيار، قام باشاغا بجولة في وايتهول، بدعم من المستشار السياسي مارك فولبروك، الذي أصبح لاحقاً لفترة وجيزة رئيس موظفي ليز تروس عندما كانت رئيسة للوزراء، وروج لنفسه باعتباره الحليف المحتمل الأكثر موثوقية لبريطانيا في الدولة التي مزقتها الحرب.

ومنذ ذلك الحين، قاد باشاغا هجوماً عسكرياً فاشلاً على طرابلس وعاد إلى الظهور كصوت قيادي ينتقد العلاقات مع الغرب لرئيس الوزراء المعترف به من قبل الأمم المتحدة، عبد الحميد الدبيبة.

ما هي قضية لوكربي؟

كان المسؤول عن تفجير لوكربي، الذي قُتل فيه 11 شخصاً على الأرض، وجميع الركاب البالغ عددهم 259 شخصاً، هو الأكثر إثارةً للجدل في التاريخ الحديث.

بعد الشكوك الأولية التي وُجِّهَت إلى إيران أو جماعة فلسطينية مسلحة منشقة مقرها سوريا، حدد محققون أمريكيون واسكتلنديون في النهاية أعضاء من جهاز مخابرات القذافي. ويزعمون أن التفجير كان انتقاماً للغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على طرابلس عام 1986.

كان المقرحي رئيس الأمن في الخطوط الجوية العربية الليبية، وهو منصب استخباراتي رئيسي. قُدِّم للمحاكمة أمام قضاة إسكتلنديين في لاهاي وأدين في عام 2001. وأُطلق سراحه من السجن، وكان يعاني من مرض السرطان، في عام 2009 وتوفي في عام 2012، وكان يدعي براءته.

بعد سقوط القذافي، قال بعض مسؤوليه إنه مسؤول بالفعل، رغم أن أكبر شخصية تحدثت قالت إن القضية “معقدة”، مما يشير إلى أن هناك قوى أخرى تلعب دورها.

حُدِّدَ مسعود كصانع قنابل لأجهزة الاستخبارات بعد سقوط القذافي. حُكِمَ عليه عام 2012 من قبل محكمة ثورية بالسجن لمدة عشر سنوات لارتكابه جرائم أخرى، ويقال إنه وقع على اعتراف كجزء من صفقة أُطلِقَ بموجبها سراحه بهدوء من السجن في عام 2020. وأدى ذلك مباشرة إلى قرار تسليمه للأمريكيين.

قصة القبض عليه

ووفقاً لعائلة مسعود، لم يعد في عهدة الحكومة بل في منزله في إحدى ضواحي العاصمة طرابلس، عندما ظهرت ميليشيا محلية على عتبة منزله في 21 نوفمبر/تشرين الثاني واختطفته على حد تعبيرهم.

ثم سُلِّمَ إلى مليشيا ثانية متمركزة في مدينة مصراتة، مسقط رأس الدبيبة، رئيس الوزراء الرسمي. من هناك، نُقل بحسب ما يُقال على متن طائرة عسكرية أمريكية إلى الولايات المتحدة.

يقول خصوم الدبيبة إنه هو والميليشيات الموالية تصرفوا بمبادرة منهم، دون أي لجوء إلى المحاكم، في محاولة لكسب دعم الولايات المتحدة في النزاعات الداخلية الليبية التي لا تنتهي.

ووصف مجلس النواب، البقايا الشرقية من برلمان ليبيا المنتخب بالكامل، عملية التسليم بأنها “جريمة شنعاء”.تعقدت كل هذه الأمور بسبب أن الدبيبة من المفترض أن يكون فقط رئيس وزراء مؤقت -وقد اختاره مؤتمر سلام العام الماضي ليبقى في مكانه حتى الانتخابات التي كان من المفترض أن تجري في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقد أُلغِيَت هذه الانتخابات.

ويقول المسؤولون المقربون من الدبيبة إنه كان لا بد من اعتقال مسعود لأنه كان على وشك الفرار إلى الشرق، حيث خليفة حفتر، الجنرال السابق في عهد القذافي وأمير الحرب الذي يتكفل الآن بمحاولة باشاغا للوصول إلى السلطة.

قالوا إنه في ما يتعلق بلوكربي، فقد اعترف مسعود بجرمه. وقالوا إن “الخلية تتكون من خمسة أفراد بقيادة أبو عقيلة (مسعود) أثناء التخطيط للعمليات وتنفيذها”.

وأكد أبو عقيلة مشاركته في ارتكاب جريمة تفجير الطائرة الأمريكية، وأكد أنه صنع العبوة التي فجرتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version