وكالات:

على غير العادة يدخل العالم إلى 2023 وهو ينظر إلى الغرب بقلق.

كان الشرق هو المادة اليومية للدراما والصراعات والمعاناة الجماعية، والغرب “السعيد” غارق في الهدوء والتبات والنبات.

قلبت 2022 الموازين، منذ بدأت بإعصار الغزو الروسي لأوكرانيا، ومثل تساقط قطع الدومينو توالت الأزمات التي لا تأتي فرادى في مثل هذه الحالة.

ينظر العالم غرباً بقلق لأن الحرب تدور هناك، ولأن الجميع أطراف فاعلون أو محتملون في مراحل قادمة قد تكون أكثر جنوناً، ولأنهم لهم سوابق في إشعال الحروب العالمية.

في الغرب رأى العالم للمرة الأولى ملايين اللاجئين والنازحين من بلد واحد، وأصبحت الخلافات بين عواصم أوروبا، أو بين أوروبا والولايات المتحدة مادة للإعلام وللتصريحات السياسية الصريحة إلى حد غير مسبوق. وسمع العالم للمرة الأولى كلمة “انقلاب” في إحدى حواضر الديمقراطية العريقة؛ ألمانيا.

يحدث كل هذا بينما بعض حرائق الشرق تخبو في اليمن، وبعض خلافاته تفضي إلى مصالحات تاريخية، أطرافها تركيا ومصر وقطر والسعودية. حتى إيران أصبحت تبحث عن حلفاء وشركاء، لا عن أعداء.

يستعرض هذا التقرير حصاد عام من الأحداث في الشرق الأوسط والغرب، وكيف دخلت المنطقة العربية في مصالحات وتهدئات سياسية، بينما انشغل الغرب بخلافات داخلية جديدة، وصراعات خارجية مزمنة.

في الشرق

مصالحات تُمهد لتجديد التحالفات القديمة

 

تركيا ومصر: مصالحة تبدأ بترسيم الحدود البحرية

على هامش حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تصافح الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، وتبادلا الحديث لنحو 45 دقيقة. وقال أردوغان لوسائل الإعلام التركية إن “مطلبنا الوحيد من مصر، لتطبيع العلاقات، أن تقول لمن يتخذ مواقف معادية ضدنا في البحر المتوسط: نريد إرساء السلام في المنطقة”.

وفي صيف عام 2020 وقَّعت مصر واليونان اتفاقية، تم بموجبها تحديد المنطقة الاقتصادية لكلا البلدين في شرقي المتوسط. وانتقدت تركيا الاتفاقية، وقالت إنها “اتفاقية قراصنة”.

الأزمة التركية المصرية عميقة ومرتبطة بمجموعة من القضايا المُعقدة، بدءاً من الموقف المتناقض إزاء الربيع العربي، وعلاقة أنقرة بجماعات الإسلام السياسي هناك أيضاً التنافس السياسي والاقتصادي الإقليمي، الذي يتجسد في الملف الليبي.

ربما كان الدافع أمام مصر لاختيار توقيت المصالحة أن الإمارات ذهبت منفردة إلى المصالحة مع تركيا.

كما أن الجانب المصري مهتم بسرعة التخلص من قنوات المعارضة في تركيا، ومن تأثير بعض الإعلاميين فيها في الداخل المصري!

أما أردوغان فهو يسعى لحسم انتخابات 2023 الرئاسية، وسبق أن تعرض لهجوم معارضيه بسبب القطيعة مع دولة كبيرة بحجم مصر، واعتبرته يفعل ذلك من أجل “جماعته السياسية”. كما أن التطبيع الأخير مع مصر يرتبط بتحول السياسة الخارجية في أنقرة، حيث بدأت الحكومة التركية عملية لإصلاح جميع علاقاتها المقطوعة مع الجيران وغير الجيران والعودة إلى سياسة “صفر مشكلات” الخيار المحبوب لدى السياسيين الأتراك منذ عقدين.

تركيا باتت تدرك أن سوء علاقتها مع مصر يضيع عليها فرصة ترسيم الحدود البحرية معها بشكل مباشر، ضمن اتفاقية تضمن للقاهرة كما أنقرة حقوقهما المائية، وستعوض مصر ما فقدته أو ضحت به في اتفاقيتها مع اليونان “نكاية بتركيا”، بحسب تعبير الباحث.

لدى تركيا أيضاً مخاوف من وجود منظمة “فتح الله غولن” في مصر، حيث تمتلك نشاطات كبيرة، وتجني موارد مالية عبر مؤسساتها هناك.

مصر وقطر: العنصر الحاسم في اختيار توقيت المصالحة

في مساء يوم قاهريٍّ حار، صيف 2022، هبطت طائرة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في زيارة لمصر، بعد سنوات من القطيعة.

وفي زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه في عام 2014، أمضى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يومين بالعاصمة القطرية الدوحة، في سبتمبر/أيلول 2022.

في يونيو حزيران 2017 قطعت مصر علاقاتها مع قطر إلى جانب كل من السعودية والإمارات والبحرين، بعد أن وجّهت القاهرة اتهامات للدوحة بدعم جماعة الإخوان المسلمين، التي أطاح بها الجيش المصري عام 2013.

وبعد قطيعة استمرت أكثر من ثلاث سنوات أعادت مصر مع الدول الخليجية الثلاث العلاقات مع قطر، مطلع العام 2021. وأعلنت قطر وقتها عن استثمار 4,5 مليار دولار في مصر، التي تتراجع عملتها الوطنية منذ كورونا وحرب أوكرانيا، إلى موجة التضخم العالمية وأزمة القروض.

تتنوع الاستثمارات القطرية الحالية في مصر بين قطاعات “البنوك والعقارات والطاقة”، وسيؤدي “تنشيط العلاقات” بين البلدين إلى مضاعفة حجم استثمارات الدوحة في القاهرة، والتي يُقدر حجمها بنحو 18 مليار دولار.

على الصعيد السياسي، تسعى مصر إلى تحقيق شيء من التوازن في السياسة الخارجية المصرية، والإفلات من الدائرة التي تفرضها الإمارات على القاهرة، وبالتالي فالسيسي يسعى إلى تنويع الاستثمار الخليجي، بحيث يصبح هناك توازن وعدم أفضلية لدولة واحدة.

ونقل موقع مدى مصر، عن مصادر سياسية، أن هناك تنازلات أُجبرت مصر على تقديمها لأحد حلفائها الرئيسيين، وهي الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت أنشطتها بمصر أقرب إلى “الكفالة” من كونها “استثماراً أجنبياً”. وأضافت هذه المصادر أنه من مصلحة مصر أن تسمح بالاستثمار القطري، وتحقيق تعاون قطري-مصري في مجالات المصلحة المتبادلة للسياسات الخارجية، “لمقاومة النفوذ الإماراتي”.

العنصر الحاسم في اختيار توقيت المصالحة كان وصول المفاوضات مع صندوق النقد إلى أبواب الفشل، واختلف الطرفان بكل الملفات تقريباً: حجم الدين الخارجي لمصر، وإدارة قيمة الجنيه، ووقف دعم السلع الرئيسية، وتخفيف القبضة العسكرية على الاقتصاد، ووعود بعدم استخدام التمويل في الأعمال الإنشائية.

وقتَها قال مسؤول حكومي إن “صفقة صندوق النقد الدولي لا تتقدم بالسرعة المرجوة، لذا سيتوجه تركيزنا نحو جذب الاستثمارات من الخليج”.

وبالطبع كانت قطر هي المحطة الخليجية الأصعب بعد سنوات القطيعة، لكن “المصالح تُصالِح”.

الإمارات وقطر: المصالح الاقتصادية تكسر الجليد

بعد أيام من بداية منافسات كأس العالم في قطر، فوجئت غرف الأخبار بنبأ وصول رئيس الإمارات محمد بن زايد إلى قطر، للمرة الأولى منذ سنوات.

قبل زيارة بن زايد لقطر بأكثر من عام، كتب هشام العلوي، الباحث المشارك بجامعة هارفارد مقالاً عما وصفه بعودة قطر وتراجع الإمارات العربية المتحدة. وتابع الباحث أزمة 2017 حين بدت قطر تحت الحصار “في أدنى مستوى من نفوذها الإقليمي، معزولة من طرف المحور الإماراتي السعودي المضاد للثورة”.

بعد أربع سنوات انقلب الوضع، كما يشير الباحث، وشهدت منطقة الخليج إعادة توازن جيوسياسي كبير. واحتلت قطر مكانة جديدة بفضل قوة سياستها الخارجية، التي تفوق بكثير حجمها الجغرافي الصغير، في حين أصبحت الإمارات في موقف دفاعي، بعد أن تعرضت لعدة نكسات في مواضيع إقليمية مختلفة.

طوَّرت قطر سياسة خارجية مستقلة مستوحاة من نظرة استراتيجية على المدى الطويل، في حين طبقت الإمارات من جانبها تكتيكات قصيرة المدى، حسب تعبير العلوي.

وربما كان ذلك هو السبب في عدم تطبيق اتفاق العلا مع الإمارات بالدرجة نفسها، كما حدث مع السعودية ومصر. وظلّت العلاقات متوترة بين قطر من ناحية، والإمارات والبحرين من ناحية أخرى.

رغم كل الخلافات “السياسية”، تلتقي الإمارات وقطر على طريق المصالح الاقتصادية والتحديات الجيوسياسية.

هناك ملفات إقليمية شديدة الخطورة؛ مثل أزمة الطاقة، والاضطرابات الحالية في إيران، والتعامل مع تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية. ويحتاج الطرفان للتنسيق للتعامل مع أية أزمة عالمية محتملة قد تؤثر على أسعار النفط والغاز.

اليمن: الهدوء مستمر على جبهات القتال

في خريف 2022 انتهت هدنة الأشهر الستة التي اتفقت عليها الأطراف المتحاربة في اليمن بوساطة أممية، وفشلت مفاوضات تمديد الهدنة.

رغم ذلك بقيت كل جبهات القتال هادئة!

يدور النزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة، يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.

ومنذ الثاني من أبريل/نيسان 2022، سمحت الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بوقف القتال واتخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

الهدنة لم تكن تعبيراً عن الأطراف المتصارعة بوقف القتال حقاً، والتركيز على التصدّي للكارثة الإنسانية في اليمن في رأي أحمد ناجي، الباحث اليمني بمركز مالكوم كير-كارنيغي في بيروت، بل كان السبب الذي دفعهم إلى الموافقة على الهدنة مختلفاً تماماً، وهو الإنهاك.

يشرح الباحث بأن هذا الإنهاك نتيجة طبيعية لجمود خطوط المعارك، خصوصاً في مأرب وشبوة، بين الحوثيين من جهة، ومختلف القوات الموالية للحكومة اليمنية، والمدعومة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى. “علاوةً على ذلك، شعرت الرياض وأبوظبي بالتهديد من \هجمات الحوثيين المتزايدة على المنشآت النفطية في أراضيهما، ما جعلهما حريصتين على قبول الهدنة”.

كذلك دفعت الحاجة الملحة إلى إنتاج مستقر للطاقة، بسبب الأزمة الأوكرانية، الجميعَ لضمان عدم استمرار النزاع في اليمن، ليطال السعودية والإمارات، وهما من أكبر الدول المنتجة للنفط.

ويقلّل مراقبون من لغة التصعيد التي ظهرت عقب انتهاء الهدنة بين جماعة الحوثيين والسعودية، ويرون أنها مجرد “رسالة عسكرية وسياسية” للحصول على مكاسب أفضل في المحادثات.

من الواضح أن السعودية أصبحت أقل استعداداً لمواصلة القتال ضد الحوثيين المدعومين من إيران، لأسباب أمنية واقتصادية، فالحرب تُكبد المملكة تكاليف باهظة، وتقوض الجاذبية الدولية للمشاريع العملاقة الطموحة مثل مدينة نيوم، ما يؤدي إلى أن تصبح الاستثمارات الدولية مترددة، وقد يؤدي هذا في النهاية إلى قبول الرياض للتشاور مع طهران.

إيران: الخروج والعزلة عبر آسيا والبلقان والخليج ومصر

كان 2022 عاماً استثنائياً في إيران على الصعيد الخارجي لكن شهدت البلاد توترات غير مسبوقة بسب مقتل طالبة على يد الشرطة الدينية بسبب الحجاب.

خارجياً استمرار عقوبات الضغوط القصوى الأمريكية منذ 2018 أدى إلى مزيد من الاستنزاف الاقتصادي، وتحديداً على مستوى ارتفاع نسب التضخم والبطالة، ورفع الدعم الحكومي، إلى جانب فقدان العملة الإيرانية لـ 60% من قيمتها أمام الدولار، وبالتالي انخفاض القوة الشرائية للمواطن.

وكان على إيران أن تبحث عن ثقب في جدار العزلة، وهو ما بدا أسلوباً مميزاً للعلاقات الخارجية الإيرانية مؤخراً: البحث عن شركاء جدد، والدخول في فضاءات التعاون الاقتصادي والأمني مع الدول والمنظمات.

قبيل اندلاع الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، عملت القيادة الإيرانية على تخفيف العزلة الدولية، عبر الحصول على العضوية الرسمية في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية أوراسية، تأسست في 2001 في شنغهاي، على يد قادة ست دول آسيوية للتعاون في كافة المجالات.

خلال السنوات الأخيرة أيضاً تسارعت خطى التعاون بين إيران وروسيا، حتى وصلت العلاقة، التي تحولت في المجال العسكري إلى “شراكة دفاعية كاملة”، كما اتّجهت بوصلة العلاقات الخارجية الإيرانية صوب منطقة البلقان مؤخراً.

وأبرز تحولات إيران في هذا الصدد كانت التفاتها نحو السعودية، والتباحث في الملفات موضع الخلاف، عبر 5 جولات من المفاوضات بين الطرفين في بغداد بمساعدة الحكومة العراقية.

وقّعت قطر وإيران، أثناء زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قطر، في شباط/فبراير الماضي، اتفاقية ربط لخطوط وشبكات الكهرباء.

وفي تطور ربما يكون مؤشراً قوياً على اتجاه العلاقات المصرية-الإيرانية نحو الانفراج بعد 3 عقود من القطيعة والتوتر، أرسلت القاهرة مؤخراً، وفداً رسمياً رفيع المستوى إلى طهران.

دول الخليج: أسعار النفط ترفع النمو بمعدلات قياسية

كان الاقتصاد الخليجي في 2022 استثناء من كل ما يجري للاقتصاد العالمي.

ارتفعت أسعار النفط، المحرك الرئيسي لاقتصادات الخليج، بعد أن غزت روسيا أوكرانيا، في فبراير/شباط، وحافظت على ارتفاعها، ما أعطى دفعة كبيرة لاقتصادات المنطقة الغنية بالنفط والغاز.

بدأ العام بقفزة في العقود الآجلة لخام برنت فوق مستوى 139 دولاراً، بسبب حرب أوكرانيا، وتخفيضات مجموعة أوبك+ للإنتاج. وأوشك العام على الرحيل وأسعار النفط تسجل ارتفاعاً جديداً، بعد تحذير روسيا من أنها قد تخفض إنتاجها بنحو 700 ألف برميل يومياً في العام الجديد، ردّاً على العقوبات التي فُرضت على نفط البلاد.

والأسعار مرشحة للتحليق في 2023، بحسب ما ورد في تقرير لبنك “غولدمان ساكس”، بالوصول إلى مستوى 115 دولاراً للبرميل في بداية العام المقبل.

وفي حال بقاء أسعار النفط على وضعها الراهن في المدى المتوسط، فإن عائدات النفط والغاز لدول مجلس التعاون الخليجي سترتفع إلى مستويات قريبة من أعلى مستوى تاريخي تم تحقيقه في عام 2012. وبالاقتران مع مستويات التعادل لميزانيات دول الخليج المالية والخارجية المنخفضة تاريخياً، فإن هذا يعني ضمناً فوائض مالية وخارجية كبيرة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ويقدّر صندوق النقد إجمالي الناتج الاقتصادي لدول الخليج في عام 2022 بنحو تريليوني دولار.

واستفادت قطر من عنصر إضافي، هو استضافتها لكأس العالم لكرة القدم، لتصبح مرشحة لتحقيق فائض في موازنة عام 2022 يبلغ 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي.

وهكذا احتفلت اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية 2022 بوداع أقوى عام من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ أكثر من عقد.

قطر تنجح في تنظيم كأس العالم وتبهر العالم به

كان حلماً، فخاطراً، فاحتمالاً.. ثم شاهده مئات الملايين في أنحاء الكوكب رأي العين: كأس عالم في الشتاء، على أرض عربية، وسط شعب مسلم.

مونديال قطر الذي اعتبر البعض أنه أمر مستحيل انتهى قبل أيام من نهاية العام، ودخل إلى رحاب الأسطورة، على أنه بين الأفضل في التاريخ. بينما اعتبر مونديال قطر هو “الأفضل في تاريخ كأس العالم”، حسبما قال الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”.

وبين أرقام قياسية كثيرة، كانت هذه الدورة الأكثر، أمناً وهو الأمر الأهم، وتنظيماً، ومتعة، وحُسن وفادة وكرم ضيافة.

لكن قطر حصدت الكثير من الكؤوس بعد نجاحها المبهر.

كشف تقرير صحفي أن “فيفا” يرغب في إقامة كأس العالم كل ثلاث سنوات، بعد نجاح نسخة قطر، التي أظهرت أن إقامة كأس العالم في منتصف الشتاء غيّرت قواعد اللعبة.

ثم كان المونديال فرصة كبيرة لعشاق الساحرة المستديرة في أنحاء العالم للتعرف على قطر وثقافة الشعوب العربية، عبر مظاهر الرقي والتقدم التي أظهرتها الدولة، بمواكبة أحدث الصيحات العالمية في الاقتصاد والمعرفة والرياضة.

واستغلت الجماهير العربية الفرصة واحتفت بالقضية الفلسطينية بصورة غير مألوفة في الدورات السابقة، وجاء مونديال قطر 2022 حافلاً بالدلالات السياسية والثقافية، لعلّ أبرزها رفض الجماهير العربية للتطبيع مع إسرائيل بأي شكلٍ من الأشكال.

كما انتهى الحدث الكبير بلقطة تحدّث عنها العالم، عندما أهدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، “البشت” القطري للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، خلال مراسم التتويج، قبيل لحظات فقط من رفع ميسي الكأس وسط زملائه، وهو يرتدي البشت القطري.

وكانت استضافة قطر للبطولة سبباً في توقعات باستقطاب حوالي 40 مليون سائح، مع الاستفادة من البنية التحتية والسياحية التي أنفقت فيها 200 مليار دولار.

كما تسعى قطر إلى توظيف ملاعب البطولة والبنية الرياضية المرتبطة بها في استضافة فعاليات كروية كبرى، مثل دوري أبطال أوروبا، ودوري الأمم وغيرها، كما تبدو على مشارف طفرة غير مسبوقة باستضافة بطولات عالمية، مثل دورة الألعاب الآسيوية.

بينما شكّلت المسابقة نجاحاً مالياً للاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي قال إنه حقق 7.5 مليار دولار في هذه الدورة التي تُجرى كل أربع سنوات، أي ما يزيد بمليار دولار عما كان متوقعاً.

وفي الغرب

حربٌ ومهاجرون وانقلاب

صدمة أوكرانيا: الغرب يبحث عن دور في النظام الجديد

ما يدور في أوكرانيا ليس مجرد حرب، بل هو كابوس تعيشه أوروبا، التي تعرف أن كل الطرق تؤدي إلى كوارث.

الغزو الروسي لم يكن “بروفة” حرب عالمية ثالثة، لكنه كان أكثر خطورة بكثير من الغزوات السوفييتية للمجر في عام 1956 وتشيكوسلوفاكيا في عام 1968.

وعندما انهارت الإمبراطورية الشيوعية لم يفكر الغرب في حل حزب الناتو، ولا في وقف العداوة مع موسكو، التي أصبحت عاصمة لوحش جريح لا يتخلى عن طموحاته الإمبراطورية أبداً، هو روسيا.

وجاء غزو أوكرانيا ليكشف العوار في نظام القطب الأوحد، وعن مناطق الضعف في جسد حلف الناتو والتحالفات الغربية.

وعندما انتفض الغرب ضد روسيا تبلورت في الأفق ملامح حرب عالمية بين معسكرين، روسيا و”أصدقاء لها”، مثل الصين وإيران في جانب، وأوروبا والولايات المتحدة في جانب آخر.

وكانت المفاجأة أنّ عشرات الدول اختارت المساحة الرمادية بين المعسكرين، رغم تحالفاتها السياسية مع الغرب، واختارت تركيا ومعظم الدول العربية مثلاً هذه المساحة، لتبقى بعيداً عن الصراع، وربما لتستفيد منه. وفي سابقة نادرة في حالات الغزو امتنعت 35 دولة عن التصويت ضد روسيا في الأمم المتحدة.

لكن الحشد الذي واجه به الغرب روسيا لم يكن عسكرياً، ولا يبدو الصراع العسكري احتمالاً بين المعسكرين، وتنوعت القرارات الغربية العقابية ضد روسيا، التي تمتلك أكثر من أداة ضغط، أبرزها إمدادات النفط والغاز لأوروبا. وهو ما دفع مجلة Economist البريطانية لتصف موقف أوروبا والغرب بأنه “مرونة” تجاه التهور الروسي.

قبل نهاية العام بأيام قليلة كتب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، مقالاً بعنوان “كيف نتجنّب حرباً عالمية أخرى”، تحدث فيه عن ضرورة احتواء الحرب، وحذّر من إطالة أمدها.

كسينجر نصح أوكرانيا بتقديم تنازلات لروسيا فيما يخص شبه جزيرة القرم، وأن تعلن الالتزام بالحياد لطمأنة جارتها الكبرى.

رغم ذلك لا يمكن استبعاد أمريكا من الحرب الأوروبية أو أي حربٍ أخرى على ظهر الكوكب، فهي أكثر الدول تورّطاً في الحروب الخارجية مقارنةً بعمرها القصير.

مهاجرون من أوروبا: ازدواج معايير الغرب في معاملة اللاجئين

لا يمر عام على هذا الكوكب دون صراع وحروب، لكن 2022 كان عام الحد الأقصى من الهجرة القسرية والضياع في منافي الحروب والخلافات السياسية، وفي عقر دار الغرب هذه المرة.

في مايو/أيار الماضي، قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم، إن الحرب الأوكرانية وغيرها من الصراعات رفعت عدد الهاربين من الصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والاضطهاد، إلى أكثر من 100 مليون شخص، لأول مرة على الإطلاق في تاريخ الإنسانية.

وارتفع العدد في نهاية العام بإضافة نحو 3 ملايين لاجئ، ليتضاعف العدد عما كان عليه قبل 10 سنوات.

تغريدة: الأمم المتحدة تعلن أعداد اللاجئين في العالم

عقب غزو أوكرانيا هرب نحو 7.6 مليون أوكراني خارج بلادهم، أغلبهم اتجهوا إلى أوروبا، فيما اختار آخرون اليابان والولايات المتحدة والمكسيك. بينما يؤكد الإعلام الرسمي في روسيا أن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى روسيا من أراضي أوكرانيا تجاوز 5 ملايين شخص.

استفادت هذه الأعداد الكبيرة من الأوكرانيين بمزايا برامج الحماية الاجتماعية الأوروبية، التي تضمن لها الحق في الصحة والمأوى والتعليم، في الوقت نفسه قُوبل طالبو اللجوء من الشرق الأوسط وإفريقيا وأفغانستان بإجراءات أقل ترحيباً.

ولا يزال الشرق الأوسط المصدر الأول للأوجاع في ملف اللاجئين، ولا تزال سوريا تعتبر أضخم أزمة نزوح في العالم، حيث اضطر أكثر من 13 مليون شخص إما للفرار خارج البلاد أو النزوح داخل حدودها.

وتُواصل تركيا استضافة أكبر عدد من اللاجئين في العالم، بما في ذلك أكثر من 3.7 مليون سوري.

لكن أوروبا التي تستقبل اللاجئ الأوكراني بحرارة هي التي اتبعت في 2022 سياسة “صد طلبات الهجرة”، في ظل صمت سياسي من صناع القرار، الذين وجدوا أنفسهم ضحية تطرف اليمين المعادي لغير الأوروبيين.

وحذَّرت صحيفة The Guardian من موجة لجوء كبيرة وشيكة إلى أوروبا، من المؤكد أن القارة العجوز ليست مستعدة لها، وانتقدت السياسات الأوروبية التي تتعامل مع اللاجئين، واصفاً إياها بأنها محدودة الأثر وغريبة ومعادية للجوء والهجرة.

خلافات أوروبية: الصراع بين ألمانيا وفرنسا يصبح علنياً

قبل أيام من نهاية العام، جلست رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن في برلين مع المستشار الألماني أولاف شولتز لأكثر من ساعة، قالت بعدها “نسعى إلى أن يكون الثنائي الفرنسي- الألماني محرك التوافق الأوروبي أكثر من أي وقت مضى”.

كانت العبارة إشارة إلى خلافات بين الطرفين، وإلى غياب التوافق الأوروبي.

وتمر الشراكة بين أقوى دولتين في الاتحاد الأوروبي بفترة أزمة خطيرة، تميزت بتباين الرأي حول سياسة الغاز، وما يُنظر إليه في باريس على أنه أحادية الجانب الألماني من حيث الدعم الاقتصادي للسكان والشركات، لكن هذه ليست سوى بعض القضايا الخلافية، والبعض الآخر يتعلق بنزاعات شديدة الأهمية والحساسية في صناعة الدفاع والتسليح، إضافة إلى ملفات الطاقة والتجارة والسياسة الخارجية.

ومنذ تولي أولاف شولتز منصبه مستشاراً لألمانيا، برزت علامات شقاق بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زادت من حدتها تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

ويطالب ماكرون منذ سنوات بما يسميه “الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي”، والتحرر من الاعتماد العسكري على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو”. بينما دفعت الحرب الأوكرانية ألمانيا إلى تخصيص 100 مليار يورو لشراء عتاد عسكري أمريكي، لا سيما مقاتلات “إف 35” الشبحية.

الانفتاح الألماني على الصين مؤخراً أسهم في رفع التوتر بين الحليفين.

كما أن الغزو الروسي لأوكرانيا يضغط على قرارات السياسة الخارجية الألمانية، حيث إن اعتمادها الهائل على الغاز الروسي وقرب الحرب جغرافياً منها والضغوط التي تتعرض لها من جيرانها الشرقيين يجعلها تعيد النظر في تحالفها مع دول أوروبا الغربية.

التنافس الألماني- الفرنسي يدور على القيادة داخل الاتحاد الأوروبي، خاصةً بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. وتأجيل المشاورات الحكومية بين الجانبين إلى 2023 مؤشر على عمق الخلافات الحالية داخل “موتور أوروبا”.

أزمة الطاقة: أوروبا تبحث عن الغاز والنفط في الخليج

قبل أيام من نهاية العام، تساءل موقع RT الروسي الرسمي بكل قسوة: كيف ستواجه أوروبا الشتاء من دون الغاز الروسي؟

يتهم التقرير أوروبا بأنها وضعت نفسها في “أزمة كبيرة لم تحصل منذ الحرب العالمية الثانية”، لأنها استجابت لدعاوى واشنطن بتوقيع العقوبات على موسكو، بسبب غزو أوكرانيا، فيما تم تخريب خط نورد ستريم في عملية متعمدة!

بعيداً عن المبالغة الروسية، فإن ذلك هو ما يحدث فعلاً في أصعب شتاء أوروبي منذ عقود: ارتفعت تكاليف الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي حوالي 1.06 تريليون دولار خلال 2022.

وهذا المبلغ يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للاتحاد الأوروبي، وهذه النسبة تعتبر هائلة بكلّ المقاييس، خاصة إذا علمنا أن أن حوالي نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعاني ديوناً تتجاوز الحد المسموح به في الاتحاد، والبالغ 60% من الناتج المحلي الإجمالي.

وحتى مع وجود المزيد من التسهيلات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، من المتوقع أن تستمر الأزمة حتى عام 2026، عندما تتوفر طاقة إنتاجية إضافية من الولايات المتحدة وقطر.

وهرولت الدول الغربية إلى دول الخليج، تطالبها بتعويض غياب روسيا عن سوق النفط والغاز، واتخذ الرئيس الأمريكي خطوة غير متوقعة بزيارة الرياض، ليتفاوض بنفسه مع القيادة السعودية على رفع سقف الإنتاج.

واقترح بعض السياسيين في الخليج انتهاز الفرصة وإجبار أوروبا والغرب على إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الخليج، تقوم على أساس الندية والاحترام، كما كتبها الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر الأسبق، “الأوروبيون الآن بحاجة ماسّة لمصادر للطاقة تقوّي مواقفهم السياسية والأمنية، ونحن نحتاج لإبرام هذه الاتفاقية على وجه السرعة، تحقيقاً للمصالح المتبادلة”.

أوروبا وأمريكا: توتر مكتوم على خلفية الحرب في أوكرانيا

فور اجتياح روسيا حدود أوكرانيا في شتاء 2022، بدا أن الغرب المصدوم أصبح على قلب رجل واحد ضد طموحات بوتين.

وقبل أن ينتهي العام كانت الشروخ قد ظهرت في التحالف الحتمي بين شركاء الأرض والثقافة والقيم السياسية “الغربية”.

نقلت تقارير صحفية عن سيث كروبسي، نائب قائد البحرية الأمريكية الأسبق، أن “حلفاء واشنطن الأوروبيين، مستاؤون من سياساتها تجاه الأزمة الأوكرانية، وأساليبها في مسألة احتواء الصين. وعلى الجانب الآخر ترى الولايات المتحدة أن السياسة الأوروبية تجاه روسيا والصين تتعارض مع المسار السياسي الأمريكي”.

وأضاف أن “فرنسا وألمانيا تسعيان للتخلص من سيطرة الولايات المتحدة منذ الحرب الباردة، وأن ذلك يفسر رغبة باريس وبرلين في التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، كونها أدت إلى زيادة تدخل واشنطن في الشؤون الداخلية الأوروبية”.

هكذا كانت الحرب في أوكرانيا هي ملف الخلاف الأول.

في البداية انضمت دول أوروبية بنوع من التردد إلى التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ضد روسيا بشأن النزاع في أوكرانيا، لكن مع استمرار الهجوم الروسي، تشعر بعض العواصم مثل برلين وأمستردام بضغط اقتصادي متزايد، للوصول إلى الصين، لتخفيف ضغوط مواردها المالية، وخوفاً من حدوث تباطؤ اقتصادي بسبب الحرب.

وهكذا كانت الصين هي الخلاف الثاني الكبير.

اصطدمت أوروبا برغبة الولايات المتحدة في عقاب روسيا، دون اكتراث لاعتماد القارة العجوز عليها في إمدادات الطاقة.

واصطدمت أمريكا باتجاه أوروبا للصين لتعويض بعض ما خسرته بسبب الحرب والعقوبات، فأين يمكن أن تلتقي المصالح مرة أخرى؟

ترى مجلة Economist أن هناك صعوبة في تحقيق التنسيق المطلوب بين ضفتي الأطلسي، بينما “في الاقتصاد، أوروبا وأمريكا تبدوان كأعداء” كما جاء في عنوان التقرير.

انقلاب ألمانيا: اليمين المتطرف يؤسس جيشاً ضد الدولة

في صباح الأربعاء، 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، كتبت ألمانيا في شريط أخبارها الداخلية كلمة غير واردة على الإطلاق: انقلاب في برلين!

يومها أعلنت السلطات الإطاحة بمجموعة يمينية متطرفة خططت لاقتحام مبنى البرلمان الألماني، الرايخستاغ، والاستيلاء على السلطة. وشنت السلطات حملات مداهمات واسعة واعتقلت عشرات الأشخاص، كما جرى تفتيش 150 عقاراً ومقراً في 11 ولاية في وقت متزامن.

السبب الأول للارتباك هو ارتباط الانقلاب بالعالم الموازي جنوب المتوسط وشرقه، ثم ارتباط الانقلابات بقوة عسكرية تنفذها بالدبابات رغم الأنوف، فما الذي حدث في ألمانيا؟

التنظيم المتهم بالتخطيط للانقلاب يرتبط أيديولوجياً بحركة رايخس بورغ “مواطني الرايخ” Reich Citizens، والتي ترجع لعام 1985، وتُقدر عضويتها بأكثر من 20 ألف عضو لا يعترفون بدولة ألمانيا، مدعين أن الإمبراطورية الألمانية لا تزال قائمة داخل حدود عام 1937.

ووفق البيان الألماني، فإن “المتهمين يجمعهم رفض عميق لمؤسسات الدولة والنظام الأساسي الحر والديمقراطي لجمهورية ألمانيا الفيدرالية”، كما أن المشتبه فيهم كانوا مدركين أن خطتهم “لا يمكن تحقيقها إلا من خلال استخدام وسائل عسكرية، والعنف ضد ممثلي الدولة”، بحيث قاموا “باستعدادات ملموسة” لاقتحام البرلمان.

وأين الدبابات؟

حسب المدعي الاتحادي الألماني، خطّط التنظيم بواسطة “جناح عسكري” لتنفيذ انقلاب يشمل جميع مستويات الحكومة، وتشكيل حكومة عسكرية انتقالية تتفاوض على نظام جديد مع القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية؛ أي الحلفاء.

ومن المعلومات التي قدمها مكتب المدعي العام حول نوايا المعتقلين، بدا المتهمون مجموعة شديدة الأوهام ومنفصلة عن الواقع، ولكنها شكلت تهديداً حقيقياً وعنيفاً للنظام في ألمانيا؛ لأن هذا يعتبر أمراً غير مسبوق في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية، وفي ظل حجم الأنشطة المخطط لها ونطاقها، والتجنيد الناجح لأعضاء سابقين في الجيش وقوات إنفاذ القانون.

بالإضافة إلى صلاتها العسكرية، يبدو أن الجماعة لديها أيضاً صلات في دوائر السياسة؛ فبينهم 18 سياسياً وإعلامياً تظهر أسماؤهم في تحقيقات الادعاء العام.

فرص التنظيم في تحقيق أهدافه المعلنة وهمية تماماً، لكن هذا التطور هو أحدث مؤشر على أن تهديد اليمين المتطرف لأسس الدولة بات واضحاً، وأن منظّري المؤامرة الألمان قد بدأوا في التنظيم. ومن المرجح أن تشهد ألمانيا موجة من إقصاء اليمين المتطرف من أجهزة الحكومة والجيش والشرطة، تحت “ديمقراطية قادرة على الدفاع عن نفسها”، وهو ما يمكن أن ينتج عنه سياسات أمنية أوسع، تقوّض بعض تقاليد الديمقراطية الألمانية الراسخة.

كأس العالم: أوروبا تفقد اللقب الأسطوري بعد عقدين من السيطرة

قبل أن تنطلق كرة “الرحلة”، إيذاناً ببدء المونديال في قطر، كانت منتخبات قارة أوروبا قد أحكمت السيطرة على كأس العالم لمدة 20 عاماً.

فازت إيطاليا باللقب عام 2006، وتلتها إسبانيا عام 2010، ثم ألمانيا عام 2014، وأخيراً المنتخب الفرنسي عام 2018.

لكن الأرجنتين رفضت منح فرنسا الفرصة للإبقاء على الكأس فوق التراب الأوروبي، وأعادتها إلى أمريكا اللاتينية.

بدأت مسيرة الفشل الأوروبي المونديالي قبل أن يبدأ العرس الكبير في ملاعب قطر، فقد فشل المنتخب الإيطالي في التأهل للنهائيات للمرة الثانية على التوالي، وهو الفائز بلقب المونديال 4 مرات، آخرها في 2006.

ولأول مرة من عام 2010، عندما حقق المنتخب الإسباني لقب كأس العالم، أتى إلى الدوحة وهو خارج قوائم المرشحين للكأس. ثم كان خروجه المدوّي أمام المغرب بركلات الترجيح (0-3)، وهو ما اعتبرته الصحف الإسبانية “الفشل الذريع في بطولة انتقل فيها المنتخب الإسباني من الكثير إلى لا شيء”.

وضمت قائمة دور الثمانية في البطولة 5 منتخبات أوروبية، إلى جانب البرازيل والأرجنتين من أمريكا اللاتينية، والمغرب ممثلاً لإفريقيا. خرجت الفرق الأوروبية باستثناء فرنسا، التي واجهت في النهائي ميسي ورفاقه، ممثلين للأرجنتين والعالم الثالث بأسره.

وطار ميسي بالكأس إلى ملايين استقبلوه بالهتاف والغناء، بينما كانت شوارع أوروبا الصامتة تعكس تراجع مستوى كل منتخباتها، عدا فرنسا، في النسخة الأخيرة للمونديال.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version