وكالات
تمثل تقارير البنك الدولي القُطرية عن المناخ والتنمية دراسات تشخيصية بشأن كيفية تحقيق البلدان لأهدافها الإنمائية وتقدم تحليلات وتوصيات في سياق التخفيف من آثار تغير المناخ أو التكيف معها، وتم نشر تقرير المناخ والتنمية الخاص بمصر في نوفمبر 2022 على هامش فعاليات منتدى المناخ والذي استضافته مصر.
ويُحدد تقرير المناخ والتنمية الخاص بمصر إجراءات السياسات وفرص الاستثمار التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة كفاءة استخدام الموارد، والحد من آثار تغير المناخ، وتعزيز قدرة الدولة على المنافسة في الأسواق العالمية.
كما يستعرض تقرير المناخ والتنمية في مصر التحديات والفرص المتاحة لتحقيق التوافق بين الأهداف الإنمائية لمصر والمناخ، تشير التقديرات الخاصة بمصر إلى أنه بحلول عام 2060 سيكون التأثير المشترك لتغير المناخ تمثل ما بين 2٪ و6٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
أبرز التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية
سيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مشكلات مصر الحالية وتعميقها مع استمرار تزايد التفاوتات المكانية، وقد أدى تغير المناخ إلى زيادة كبيرة في حالة عدم اليقين بشأن توقيت وحجم الموارد المائية المتاحة، كما يساهم في زيادة موجات الحر والتصحر التي تؤثر على التنوع البيولوجي، ويهدد الأمن الغذائي وتوافره.
ولا يزال النمو الاقتصادي ونمو الانبعاثات في مصر مرتبطين ببعضهما البعض ارتباطًا وثيقًا، وهو ما يوضحه الشكل التالي كما ينعكس في نمو إجمالي غازات الدفيئة بنسبة 163٪ خلال الفترة (1990 -2019)، كما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الانبعاثات بنحو 47٪ للفرد خلال الفترة (2005 -2015)، حيث زادت الانبعاثات بحوالي 31٪، من 248 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال عام 2005 إلى حوالي 325 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2015.
وعلى الرغم من أن مساهمة مصر في الانبعاثات العالمية ليست مرتفعة، وتقدر بنحو 0.6٪ من إجمالي الانبعاثات العالمية فإن مصر لا تساير خطى الأسواق العالمية في التوجه نحو مسار التنمية الخضراء ومنخفضة الانبعاثات الكربونية، وتشير البيانات أن هناك ثلاثة قطاعات في مصر (الطاقة، والنقل، والصناعة) مسئولة عن 80% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويشكل قطاعا النقل والصناعة 58% من إجمالي استهلاك الطاقة، وفي الوقت نفسه، أصبحت الأسواق الدولية تفضل المنتجات الأكثر خضرة (مراعاة للبيئة) والأقل كربونًا، وستكون مصر أقل قدرة على المنافسة في هذا المجال ما لم تتحرك نحو مسار تنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية.
كما أشار التقرير إلى أن تزايد عدد سكان الحضر إلى نحو 41.4 مليون بحلول عام 2050، في القاهرة الكبرى وحدها من المتوقع أن يزداد عدد السكان بنسبة 36٪ ليصل إلى 28.5 مليون بحلول عام 2035، بما يؤدي إلى زيادة الضغط على الخدمات في المناطق الحضرية وتعميق تعرض الأشخاص لمخاطر المناخ، مع تزايد المخاطر التي يتحملها السكان الأكثر ضعفا بشكل غير عادل.
تكمن أهم المخاطر بشأن التغيرات المناخية وتأثيراتها على المدن المصرية ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق الساحلية. ففي 14 مدينة كبرى في مصر (ومنها العديد من المدن الساحلية)، يتعرض أكثر من 80% من السكان لمخاطرة واحدة على الأقل من المخاطر المناخية أو البيئية الرئيسة، ويشمل ذلك الفيضانات، والإجهاد الحراري، وتلوث الهواء، والتصحر، وارتفاع منسوب سطح البحر.
وقد أشاد التقرير بالإجراءات المصرية المتخذة في مجال الحد من مخاطر التغيرات المناخية وذلك عبر إطلاق الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 (NCCS) والتي ساهمت بشكل كبير في التقدم في التكيف مع تغير المناخ وإجراءات التخفيف. كما أنشأت المجلس الوطني للتغير المناخي (NCCC) برئاسة رئيس الوزراء وهو الهيئة الرئيسة المسئولة عن تغير المناخ، وضمان التنسيق المعزز والتكامل بين كافة المؤسسات.
وفيما يلي أمثلة مختارة على إنجازات التخفيف والتكيف في مصر عبر القطاعات:
أولًا: قطاع طاقة متجددة، فقد تمت زيادة قدرات مصر من قدرات الطاقة المتجددة غير المائية عبر إطلاق مجمع بنبان للطاقة الشمسية ومحطة أسيوط للطاقة الكهرومائية، ومحطة كوم أومبو للطاقة الشمسية الكهروضوئية (26 ميجاوات)، والزعفرانة للرياح، ومحطة رأس غارب وجبل الزيت.
ثانيًا: إدارة الموارد المائية، عبر تقليل الفاقد وتحسين قنوات الري وإعادة تأهيل القنوات، وبناء هياكل للحماية من السيول ولحصاد وتخزين المياه.
ثالثًا: تحسين كفاءة الطاقة، عبر التوسع في استخدام الطاقة الشمسية في الإنارة بما ساهم في خفض استهلاك الوقود بنسبة 12.8%.
رابعًا: وسائل النقل، عبر التوسع في أنشطة السكك الحديدية؛ من خلال توسعة مترو أنفاق القاهرة، وإدخال نظام حافلات عالي الجودة واستخدام اتوبيسات كهربائية بالاسكندرية.
خامسًا: الزراعة، عبر برامج تحديث الري وإعادة تأهيل الترع، ووضع قيود على زراعة المحاصيل ذات الاستخدام المرتفع للمياه مثل الأرز وقصب السكر والموز.
أبرز التوصيات للحد من آثار التغيرات المناخية على مصر
ويوصي تقرير المناخ والتنمية الخاص بمصر بهذه الإجراءات الشاملة ذات الأولوية للتصدي لهذه التحديات وذلك من خلال دعم القدرة على الصمود والتكيف، بدءا بما يلي:
الحد من الفاقد والهدر في المياه إلى مستوى 20% وتعديل قواعد إمدادات المياه إلى 80% من المستويات الحالية، وهو ما يمكن أن يساعد مصر على توفير أكثر من ملياري متر مكعب من المياه سنويًا، وبالإضافة إلى ذلك، يتعين تحسين إدارة النمو الحضري على مستوى الأماكن بهدف الحفاظ على 39 ألف هكتار من المناطق الخضراء وتجنب النمو في المناطق عالية المخاطر.
من الضروري تحسين سياسات تخصيص المياه خاصة في قطاع الزراعة، وإدخال تغييرات مؤسسية لتمكين إدارة وتوزيع وتخصيص المياه التي يتم توفيرها من خلال شبكات الري المتطورة.
تعزيز الاستثمارات الخاصة بتحسين أنظمة المعلومات التي تعمل على تعميم المعلومات المتعلقة بالمناخ للمساعدة في التخفيف من حدة المخاطر.
التوسع الكبير في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والحد من الانبعاثات في سلسلة إنتاج النفط والغاز، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في توليد الكهرباء وفي الصناعة.
تخفيض الانبعاثات في قطاع النقل من خلال إدارة الطلب وفق إجراءات تسعير محددة وبرامج توعية، مما يساعد على خفض بنسبة 65% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.