تقرير – وكالات :

توقف معظم الشعب العربي عن متابعة الشأن الإسرائيلي منذ ما يقرب من 15 عامًا، ولكن ما يحدث في
إسرائيل الآن يثير القلق ويستحق المتابعة؛ نظرًا لأن الاهتمام بالشأن الإسرائيلي كان مبنيًا على فرضية
واحدة وأساسية وهي أنه في ظل تواجد تيارات سياسية مختلفة في إسرائيل تتمثل بشكلٍ عام في التيار
السياسي المعتدل واليميني المتشدد، فتظل الحكومات اليسارية المعتدلة في إسرائيل هي الحكومات التي
يستطيع معها العالم العربي التفاوض بشأن حقوق الفلسطينيين وإعادة الأراضي للسوررين وتحريك عملية
السلام.

ولكن بعد سنوات من المتابعة والاهتمام أدرك الكثير من المتابعين العرب وغير العرب أن هذه الفكرة مجرد
وهم، وأنه إذا جاءت حكومة يسارية أو يمينية لن يتغير أي شيء نظرًا لأن المسألة مرتبطة بتوازن القوى
الذي يميل بشكل هائل للإسرائيليين، وبالتالي لن يحصل العرب على حقوقهم مهما تغيرت الحكومات.
ففتر الحماس لمتابعة الشأن الإسرائيلي خصوصًا في السنوات الأخيرة، والتي سيطر فيها بنيامين نتنياهو
(القطب اليميني) على السلطة في إسرائيل منذ عام 2009 وحتى الآن، لكن ما يحدث الآن في إسرائيل يُعيد
الاهتمام إلى الشأن الإسرائيلي، لأن ما يحدث شيء استثنائي لم يحدث من قبل، ويُثير قلق الشرق والغرب
وعلى جميع المستويات.

بنيامين نتنياهو … أصل الحكاية:

ولكي نفهم القصة جيدًا؛ يجب علينا دراسة القطب اليميني، بنيامين نتنياهو، باعتباره أهم شخصية سياسية في
إسرائيل في السنوات الأخيرة، والذي وصل للسلطة أول مرة عام 2006 حتى 2009، ثم ابتعد عن الحياة
السياسية فترة قصيرة، وعاد من جديد من 2009 وحتى مايو 2021، وبالتالي فقد حكم إسرائيل لمدة 15
عام، منهم 12 عام متصلين، ليكون بذلك أطول سياسي يبقى في منصب رئيس الوزراء في تاريخ دولة
الاحتلال الإسرائيلية.

وخلال سنواته الطويلة تورط في الكثير من العداءات مع خصومه، والذين دائمًا ما أرادوا رحيله من الحياة
السياسية، كما تورط في قضايا كثيرة، ليُلاحق من القضاء فيما يتعلق بثلاث تُهم تتمثل في الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وعلى الأرجح إذا سارت الأمور في مساراتها سيقضي باقي حياته في السجن، وليس في
موقع رئيس الوزراء أو حتى المعارضة.

رؤية عامة للحياة السياسية في إسرائيل

وخلال السنوات الأخيرة انقسمت الحياة السياسية في إسرائيل إلى معسكرين ليس يمين ويسار كما كان الحال
في السنوات الماضية، ولكن انقسمت إلى معسكر المؤيدين لنتنياهو ومعسكر الرافضين أو المُعارضين
لنتنياهو.

فقد أدى الخلاف على نتنياهو وسياساته إلى فوضى سياسية في إسرائيل في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ
العام 2019 وإلى الآن، حيث أُجريت في هذه الفترة 5 انتخابات، على العكس من الوضع الأساسي وهو
إجراء انتخابات كل 4 سنوات، وكان نتنياهو هو دائمًا الشخص المسيطر على المشهد السياسي الإسرائيلي.

الخلاصة: أنه نتيجة تورط نتنياهو في قضايا الفساد، وكثرة خصومه السياسيين الإسرائيليين، أدى إلى
تحالف خصومه ضده وقرروا عدم التحالف معه، ولذلك عجز عن تشكيل أغلبية من الكنيست الإسرائيلي،
وخرج من السلطة في مايو 2021، وتشكلت أكثر من حكومة من خصومه، وسُميّت بـ “حكومات التغيير”، ولكن ظل بنيامين نتنياهو هو أهم شخصية سياسية في إسرائيل، حتى نجح في الوصول إلى السلطة مرة أخرى بعد فاصل قصير.

كيف عاد نتنياهو للسلطة ولماذا؟!

حيث تعتبر هذه المرة هي السادسة التي يعود فيها للسلطة، ولكن هدفه الأساسي هذه المرة يتمثل في النجاة
بنفسه من المصير المظلم المحتوم إلى السجن، فكيف يمكن أن تساعده السلطة على الهرب من مصيره
وقضاء بقية حياته في السجن.
فعلى الرغم من استمرار الملاحقات القضائية سواء كان نتنياهو في السلطة أو خارجها، فكان هناك رؤية
نظرية دائمًا ما تؤكد أن القانون لن يتوقف عن ملاحقة نتنياهو إذا كان رئيسًا للوزراء ولن يعطيه منصبه
السياسي حصانة.
أما على الجانب العملي فهناك احتمالات كبيرة جدًا بأن يُدان ويتم زجّه إلى السجن، ولكن في حال دخل
السلطة ستكون لديه، في أضعف الأحوال، القدرة على المناورة والتحايل حتى ينجو من أحكام القضاء، وهو
ما بدا واضحًا على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

ظاهرها عدل وباطنها تحايل :

حيث استعان نتنياهو بوزير عدل من حلفاؤه، أطلق برنامج كبير لإصلاح القضاء، ويسعى من خلال هذه
الدعوة، والتي يقول عنها أن هدفها دعم الديموقراطية في إسرائيل، أن يمنح الكنيست القدرة على تعليق
أحكام المحكمة الدستورية العليا، ويتمكن السياسيون من تعيين القضاة في المحكمة الدستورية العليا
والسيطرة عليها.

وعلى الرغم من أن إسرائيل دولة احتلال ودولة عنصرية، إلا أن الاسرائيليين فيما بينهم دولة ديموقراطية
ودولة قانون، فالكنيست الإسرائيلي (البرلمان الإسرائيلي) مكوّن من 120 مقعد يسيطر عليه حزب واحد
(الإئتلاف الحاكم) وهو الحكومة، وهو ما يعني أن الأحزاب التي تفوز في الانتخابات تسيطر على السلطة
التنفيذية والتشريعية لفترة من الزمن.

وتعتبر المحافظة على استقلال القضاء أمرًا مزعجًا جدًا لنتنياهو وحلفاؤه لعدة أسباب تتمثل في؛ أن
مصائرهم قد تصبح في مهب الريح إذا ظل القضاء مستقلا، حيث أن هدفه النهائي هو الوصول لسلطة
لحماية نفسه، ولكن يتركز السؤال الآن كيف يصل للسلطة وقد تخلى عنه كل حلفاؤه وخصومه السياسيين؟!
تحالفات الكنيست الإسرائيلي

فلم يكن أمام نتنياهو من حلٍ إلا التحالف مع جماعات هامشية بالغة التطرف دينيًا وقوميًا، والتي كان
يصفها فيما مضى بأنها لا تصلح للعمل السياسي، ولكنهم أصبحوا الملاذ الأخير له للوصول إلى السلطة.

حيث نجح في الانتخابات الماضية في نوفمبر الماضي في تشكيل الحكومة بعد أن حصل على الأغلبية في
الكنيست بعد التحالف مع الجماعات.

نظرة عامة على الكنيست

نتيجة وجود أحزاب كثيرة في إسرائيل لم يحدث أبدًا منذ عام 1948 أن حصل حزب واحد على أغلبية
مطلقة، وقام بتشكيل الحكومة من أول مرة، فعادة ما يعجز الحزب عن الحصول على الأغلبية المطلقة،
والتي تتمثل في 61 مقعد من الكنيست.
فجرت العادة أن تكون أعلى النتائج بالحصول على 30 أو 40 مقعد بحد أقصى، ليحاول الرابح أن يقوم
بعمل تحالفات مع أحزاب أخرى للحصول على أغلبية، ليتكون الحزب الحاكم من ائتلاف من أكثر من
حزب، وهو الأمر المألوف جدًا في السياسة الإسرائيلية.

ائتلافات نتنياهو :

فكان معروف جدًا أن نتنياهو خلال الـ 15 عام التي حكم فيها أنه ينتج بالحصول على عدد كبير من المقاعد
كي يقوم بتشكيل الحكومة، ولكن لأنه لم يمتلك الأغلبية المطلقة هذه المرة، فكان عليه القيام ببعض
المفاوضات مع الأحزاب السياسية حتى يتمكن من الوصول إلى نسبة 61 مقعد فما فوق، وكان عادة ما
يتعاون مع أحزاب مألوفة على دراية بقواعد اللعبة السياسية.

وكان من النادر أن يسيطر على الموقف أحزاب بالغة التطرف، كما حدث في انتخابات نوفمبر 2022.
ولكن بسبب مقاطعة نتنياهو اضطر أن يلجأ إليهم لينجح بعد ذلك في تشكيل الحكومة بعد أن أَمِن الأغلبية
المطلقة بواقع 64 صوت، ولكن على أكتاف مجموعة من اليهود الأكثر تطرفًا وخطورة.

وماذا يترتب على ذلك؟

تتجلى النتائج المترتبة على ذلك من الأجندة المعلنة لتلك الجماعات والتي تتمثل في:
 ضم الضفة الغربية.
 هدم المسجد الأقصى.
 طرد العرب من داخل الأراضي الإسرائيلية (باعتبارهم أن الأراضي الفلسطينية المحتلة هي
إسرائيلية بالأساس).

وتنقسم الجماعات التي تعاون معها نتنياهو إلى نوعين؛ النوع الأول؛ وهي ما يُطلق عليها بجماعات السلفية
اليهودية، والتي ليس لديها أي اهتمام بالحياة السياسية، ولكن كل ما يعنيهم هو تطبيق الشرائع الدينية
اليهودية في حياتهم اليومية، وهم من يمثلهم في الكنيست حزب شاس، والذي حصل على 11 مقعد، وحزب
يهود تهاتورا، والذي حصل على مقعدين.

لتتمثل الاهتمامات الأساسية لهذه الأحزاب في الجوانب الدينية، حيث طالبوا نتنياهو بمجموعة من الطلبات
تمثلت في توسيع تطبيق الشرائع الدينية، ورفع المخصصات المالية لدعم المدارس الدينية، إضافة إلى
مجموعة من القرارات التي تساعدهم في تحقيق أولوياتهم الدينية، مثل تعطيل الحياة يوم السبت وأن يتم
الفصل بين الذكور والإناث قدر الأمكان في الأماكن العامة، إضافة إلى تدعيم فكرة استثناء من يدرس
التلمود من الخدمة العسكرية، وتدريس التلمود والتوراة في المدارس العادية أو العلمانية، مع إعفائهم من دراسة المواد العلمانية كاللغات والرياضيات والعلوم، وبذلك يكون كل اهتماهم بأن تكون لهم الكلمة الأخيرة في الشعائر الدينية اليومية كالأكل والشرب والدفن والجنائز والزواج.

أما الفصيل الآخر؛ فهو ائتلاف الصهيونية الدينية، والذي يتكون من ثلاث أحزاب:
1. حزب القوى اليهودي بزعامة إتمار بن غافير.
2. حزب الاتحاد القومي بزعامة بتس لائيل ساموريتش.
3. حزب نوعام بزعامة آفي موعاز.
حيث حصل هذا الإئتلاف على 14 مقعد، وبالتالي كان لهم دورًا هامًا في منح الأغلبية المطلوبة لنتنياهو حتى يتمكن من تشكيل الحكومة والعودة إلى السلطة.

وعود نتنياهو للأحزاب المتطرفة

في مقابل هذا الدعم حصلوا على وعود مكتوبة وأمَّنوها لأنهم لا يثقون في نتنياهو لما لديه من تاريخ طويل
في إرضاء الناخبين ثم الإخلال بوعوده لفعل ما يراه مناسبًا.

ولذلك قرروا تأمين الوعود بشكل مكتوب لا رجعة فيه، وكان من بينها أن تحصل هذه الأحزاب على مقاعد
ووزارات وحقائب بالغة التأثير في الحياة السياسية الإسرائيلية الداخلية والخارجية.

فعلى سبيل المثال حصل حزب القوى اليهودي وزعيمه إتمار بن غافير على وزارة الأمن القومي، وهي
التي تشرف على عمل البوليس داخل إسرائيل وحرس الحدود في الضفة الغربية المحتلة.

في حين حصل زعيم حزب الاتحاد القومي، بتس لائيل ساموريتش، على وزارة المالية، والتي تعتبر وزارة
أساسية في كافة الحكومات، إضافة إلى منصب جديد استحدثوه يُطلق عليه “وزير في وزارة الدفاع”، ليكون
مسؤول عن الإشراف على المستوطنات والإدارة المدنية للأراضي المحتلة في الضفة الغربية، وباعتباره
متطرف دينيًا فإنه من الكارثي أن يقوم بالإشراف على حركة الاستيطان في الأراضي المحتلة.

أما زعيم حزب نوعام، آفي موعاز، فقد حصل على منصب نائب وزير في مكتب نتنياهو، إضافة إلى
الإشراف على الأنشطة الداخلية والخارجية في وزارة التعليم الإسرائيلي، والتي تضم الأنشطة والمنح
والندوات للطلاب بعيدًا عن الجانب الأكاديمي.

وتكمن خطورة تلك الخطوات فيما هو موضح بأجندة هذه الأحزاب السالف ذكرها.

   

إتمار بن غافير :

من ناحية أخرى تتجلى خطورة هذا التحالف في إتباع "إتمار بن غافير" لأفكار "مائير كاهانا"، وهو الحاخام اليهودي المتطرف، الذي اعتبرته إسرائيل والدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة على رأس جماعة إرهابية منذ عام 1990، والذي تم قتله على يد المصري الأمريكي سيد نصير.

حيث تم وضع جماعته في مقدمة قوائم الجماعات المحظورة في إسرائيل عام 1994.

وعلى الرغم من ذلك فيعتبر بن غافير نفسه متحدثًا باسم هذه الجماعة المحظورة، وأفكاره هي بذاتها أفكار
مائير كاهانا، والتي تتمثل في إقامة دولة يهودية فقط وطرد العرب وتهويد الأماكن المقدسة والسعي إلى
التوسع في المستوطنات.

وإتمار بن غافير هو محامٍ، تعتبر القضايا الأساسية التي يتولاها هي قضايا الدفاع عن المستوطنين الذين
يعتدون على العرب ويحاولون إجبارهم على الخروج من منازلهم، ولعل أشهر القضايا التي تولاها كانت
عام 2006 عندما دافع عن شابين إسرائيليين قاموا بحرق منزل فلسطيني أسفر عن حرق الرجل وزوجته
وطفلهما في هذا الحريق.

وقد أدان القضاء الإسرائيلي نفسه بن غافير 50 مرة بتهم نشر الكراهية ودعم الجماعة الإرهابية والترويج
لأفكار عنصرية.

ولا يعتبر كاهانا هو البطل الوحيد لبن غافير، ولكنه أيضًا يؤيد باروخ جولدشتاين، اليهودي المتطرف الذي
قتل 29 فلسطيني في مسجد بالخليل أثناء الصلاة عام 1994.

وعلى الرغم من كل ذلك لم يخجل نتنياهو من الظهور معه في الصور، في حين حاول الآخر أن يُبيّض
صورته من خلال نشر عدد من المقالات، حيث كتب مقال في 7 نوفمبر الماضي قال فيه “أصدقائي
اعطوني فرصة” إضافة إلى ما وضحه بأنه نضج فكريًا وأدرك أن الحياة أكثر تعقيدًا ومستعد للعمل مع
الجميع، فأنا لا أؤمن بكل أفكار كاهانا.

في حين وقف بعدها بأيام بمسدسه في القدس الشرقية يريد إطلاق النيران على العرب المُشتبكين معهم
بالحجارة.

وهو ذاته من كتب بعد أيام مقال تأبين واحتفاء بذكرى مائير كاهانا، في محاولة لتبرئته وأن كل أفعاله كانت
حبًا في إسرائيل، وهو الأمر الذي دفع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بأن يرد عليه بأن “الاحتفاء بإرث
منظمة إرهابية أمر مُقيت ومُخجل”.

بتس لائيل ساموريتش

وليس وحده بن غافير من يؤيد تلك الأفكار، ولكن بتس لائيل ساموريتش، يُشاركه أيضا ذاك الحماس وذات
الأجندة الهادفة للدولة اليهودية فقط، حيث اعتُقل هو الآخر في عام 2005 للتحقيق معه من قِبل الشاباك
الإسرائيلي للعثور معه على مفرقعات حاول استخدامها لإحداث تفجيرات إعاقةً لإخلاء المستوطنات في
غزة عندما أراد شارون إخلائها عام 2005.

كما أن ساموريتش لديه تصورات بأن الحياة الإسرائيلية ستستقيم عند الحفاظ على إقامة الشرائع اليهودية،
ولذلك كان ضمن أجندته رفع المخصصات للمدراس الدينية، على الرغم من عدم الإمكانية المالية، وهو
الأمر الذي أوضحه للصحفيين عند سؤاله فكان رده “إنني رجل أؤمن بالتوراة وهذا ماجاء فيها”، حيث رد
بآية تقول “إذا حفظت وصايايا فسأعطيك المطر في موسمه وسيكون هناك رخاء عظيم”، قائلا “اسألني على
البركة التي تحصلون عليها عن اهتمامنا بالتوراة”.

في حين يركز الغرب مع موعاز باعتباره أكثر المتشددين اليهود هجومًا على المثليين جنسًا، وهي المسألة
التي تثير غضب الدول الغربية.

خطورة الوضع السياسي في إسرائيل

وبذلك تتجلى خطورة الوضع على عدد من المستويات:

فعلى مستوى الإسرائيليين أنفسهم؛ فيرون أن الجيش قلقًا من أن يتم تهميشه ويتورط في حروب لا يرغب
بها، وكذا الشرطة التي اعتادت أن تكون مستقلة، والتي خضعت الآن إلى مستوطن متطرف، وكذلك
القضاء، والذي يشعر أن التغييرات تستهدفه وتضعه أمام فوهة المدفع بمحاولات سيطرة السياسيين
المتطرفين اليمينيين عليه، في حين يشعر العلمانيين الإسرائيليين بالحسرة، ويعتقدون أن هذا التغيير بمثابة
;انقلاب سياسي واضح على الحياة السياسية الإسرائيلية والتي ستؤدي إلى تأثيرات بالغة الخطورة.
أما على مستوى الفلسطينيين فهم الشعب الأكثر قلقًا، نظرًا لأن أرضهم وحياتهم وأرزاقهم في مهب
الريح، وقد بدأت الإجراءات بالفعل بحصول نحو ألف فلسطيني على اخطارات الإجلاء من بعض الأحياء.

إضافة إلى قلق الدول الغربية؛ والتي يتسم قلقها بـالخجل والإحراج; أيضًا من حليفتها الرئيسية إسرائيل،
والتي تتحول إلى نظام يشبه النظام الذي يسخرون منه في إيران، فما الفرق بين إيران التي تقع تحت حكم
مجموعة من الملالئ المتطرفين وبين الحكومة الإسرائيلية التي تقع تحت حكم مجموعة من الحاخامات
اليهود.
حيث بدأت الصورة البراقة للمجتمع الإسرائيلي الديموقراطي في الانهيار، فبعد أن كانت إسرائيل دولة
قانون، تتسم بالفصل في السلطات وحرية الإعلام وحقوق الإنسان، وحصول المرأة على وضع استثنائي،
تتغير هذه الأوضاع الآن وتسبب الخجل والإحراج للدول الغربية وبشكل خاص الدول أنصار إسرائيل.
كما لم يبتعد القلق عن الشرق أيضًا؛ لأن الوضع قد ينفجر في الأراضي المحتلة، وهو ما قد يسفر عنه
سحب الدول العربية إلى أفعال وإجراءات قد تجر الجميع إلى حرب نهاية العالم، فلن تستطيع الدول العربية
مواصلة العلاقات الدافئة مع إسرائيل، ولن تستمر حرارة الاتفاقات الإبراهيمية التي حدثت خلال الشهور
الماضية، ولن يصبح بالإمكان تسويق السلام مع العرب في ظل وجود حكومة بالغة التطرف.

زيادة التوتر في الشرق الأوسط

وبالتالي سوف يزداد التوتر العربي، نظرًا لأن هذه الأوضاع ستعزز صورة إيران، باعتبارها الدولة الأعلى
صوتًا في مواجهة إسرائيل بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وهو ما قد يسحب الأمر في المنطقة إلى حروب
ومواجهات.

فالمجموعات المتطرفة لا تستبعد أبدًا أن تأخذ إسرائيل في مغامرات ضد إيران ولبنان أو أي دولة عربية
أخرى، بل والأخطر من ذلك أن الحكومة المتطرفة سوف ترفع من معدلات التطرف في المنطقة بشكل غير
مسبوق.

فالشرق الأوسط غارق في التطرف، وآخر ما يحتاجه حكومة يهودية يحلم مسؤوليها كل يوم بتحقيق
النبوءات اليهودية كما تحلم بها وتدفع العالم دفعًا على حرب نهاية العالم.

الخلاصة

ولذلك كل ما يحدث يثير القلق والفضول بل والتأمل، لأن جميعه في جوهره تفسير “رائع” على مدى تأثير
مصالح النخب على السياسات الداخلية والخارجية للبلاد، فكل ما يحدث في إسرائيل وما ينتج عنه، باطنيًا الغرض منه حكاية مصالح سياسي من النخبة، هو بنيامين نتنياهو، وهو المستعد لإشعال النيران في إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط للنجاة بنفسه من التهم الموجه إليه، وتحقيقًا لمصلحته.

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version